الأحد، 5 سبتمبر 2021

كتاب : حوادث الدهور في مدى الأيام و الشهور ابن تغري بردي

 كتاب : حوادث الدهور في مدى الأيام و الشهور ابن تغري بردي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مدبر الدهور ومدول الأيام والشهور المان بكرمه المتفضل بإحسانه حمدا كثيرا كما ينبغي لعظيم شأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وسيد البشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أبي بكر الصديق ومن بالتاريخ أمر وعلى بقية الصحابة أجمعين وعلى التابعين إلى يوم الدين.
أما بعد فلما كان شيخنا الإمام الأستاذ العالم العلامة المغنن رأس المحدثين وعمدة المؤرخين تقي الدين أحمد بن علي المقريز الشافعي أيقن من حرر تاريخ الزمان وأضبط من ألف في هذا الشأن وأجل تحفة استفرعها وعمدة ابتدعها كتابه المسمى بالسلوك في معرفة دول الملوك قد انتهى فيه إلى أواخر سنة أربع وأربعين وثماني مائة وهي السنة التي توفي فيها ولم يكن من بعده من يعول عليه في هذا الفن ولا من يرجع إليه إلا الشيخ الإمام العالم العلامة قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي فأردت أن أعلم حقيقة أمره في هذا المعنى ونظرت فيما يعلقه في تلك الأيام فإذا به كثير الغلطات والأوهام وذلك لكبر سنة واختلاط عقله وذهنه بحيث أن الشخص لا تمكنه الفائدة من ذلك إلا بعد تعب كثير لاختلاف الضبط وعدم التحرير فلما رأيت ذلك أحببت أن أحيى هذه السنة بكتابة تاريخ يعقب موت الشيخ تقي الدين المقريزي وجعلته كالذيل على كتاب السلوك المذكور وسميته " حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور " ورتبته على السنين والشهور والأيام وجعلت ابتدائي فيه من اقتلع سنة خمسة وأربعين وثماني مائة لكن لم أسلك فيه طريق الشيخ المقريزي في تطويل الحوادث في السنة وقصر التراجم لتكثر الفائدة من الطرفين وما وجدته مختصرا من التراجم في هذا التعليق فراجع فيه كتابنا المسمى بالمنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي فإني هناك سقيت الغلة وأزحت العلة والله أسأل أن يوقفني لما يرضيه ويعينني على ما شرعت فيه إنه الميسر لكل عسير وهو على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وهو حسبي ونعم الوكيل.
سنة خمس وأربعين وثماني مائة
استهلت والخليفة المعتضد بالله أبو الفتح داود وهو مريض والسلطان بالديار المصرية والأقطار الحجازية والبلاد الشامية أبو سعيد جقمق والقضاة الشافعي حافظ العصر الشهاب ابن حجر العسقلاني والحنفي سعد الدين ابن الدبرص والمالكي البدر العيني ابن التنسي والحنبلي البدر البغدادي ولمحتسب البدر العيني والأمراء الاتابك بشبك السودوني المشد وأمير سلاح تمراز القرمشي الظاهري برقوق وأمير مجلس جربلش قاشق وأمير آخور كبير قراقجا الحسني ورأس نوبة النوب تمرباي التمربغاوي وحاجب الحجاب تنبك البردبكي الدوادار الكبير تغري بردي البكلمشي الموذي ورأس مقدمي الألوف الناصري محمد ابن السلطان ثم جماعة أخر وجميع أرباب الوظائف من المذكورين وغيرهم من أمراء الألوف وعدتهم اثنا عشر أميرا على النصف مما كان في سالف الأعصار وأما وظيفة خازندار فقد أبطلها الأشرف برسباي في سنة أحد ى وثلاثين عند ما أخرج إقطاع قرا مراد خجا الشعباني الظاهري برقوق ونفاه إلى القدس وهي الآن تتولاها الأجناد فلا حاجة نذكر من يليها والخازندار قانبك الاشرفي أحد العشرات وهو مريض وشاد الشربخاناة قاتباي الجركسي أحد أمراء الطبلخانات والوردكاش تغري برمش السيفي يشبك بن ازدمر ونائب القلعة ممجق النوروزي وامير آخور ثاني جرباش كرد ورأس نوبة ثاني يلخجا من مامش الناصري الساقي والحاجب الثاني سودون السودوني الظاهري برقوق والدوادار الثاني دولات باي المحمودي المؤيدي والزمام والخازندار الصفي جوهر القنقبائي ومقدم المماليك السلطانية عبد اللطيف المنجكي الرومي عرف بالعثماني ونائبه جوهر المنجكي والوالي قراجا العمري مباشرو الدولة كاتب السر الكمال ابن البارزي وناطر الجيش المحب ابن الأشقر والوزير كريم الدين ابن كاتب المناخ والاستادار قيز طوغان العلائي وناظر الخاص الجمالي يوسف ابن كاتب جكم ونائب كاتب السر الشف الأشقر وناظر الدولة الأمين إبراهيم ابن الهيصم وناظر ديوان المفرد الزيني يحيى الأشقر وناظر الإسطبلات التقي ابن نصر الله وكاتب المماليك فرج بن ماجد ابن النحال.

نواب البلاد فالشام جلبان السيفي اينال حطب عرف بأمير آخور وحلب قاتباي الحمزاوي وطرابلس برسباي الناصري الحاجب وحماة بردبك الجمكي النجمي الأعور وصفد قاتباي الأبو بكري الناصري عرف بالبهلوان وغزة طوخ الأبوبكري المؤيدي والكرك مازي الظاهري برقوق وملطية خليل بن شاهين الشيخي والقدس طوغان العثماني وحمص بيغوت من صفر خجا المؤيدي الأعرج.
المحرم أوله الأحد لم يقع فيه شيء من الحوادث وكذا صفر وفي أوله وفي النيل ستة عشر ذراعا ونزل الناصري محمد ربيع الأول ابن السلطان من القلعة حتى عدا النيل وخلق المقياس ثم عاد وفتح خليج السد ثم ركب وطلع القلعة فخلع عليه أبوه خلعة عظيمة على العادة وللصلاح الصفدي رحمه الله )البسيط(
قَالُوا عَلاَ نيلُ مصْرَ في زيَادَته ... حَتَّى لقَدْ بَلَغَ الأعْرَامَ حينَ طَمَا
فَقُلْتُ هذَا عَجِيَبْ في بِلادكُمُ ... مِنَ ابْنِ سِتَّةَ عَشْرَ يَبْلُعُ الْهرمَا
وفي يوم الخميس سلخه استقر العز عبد العزيز البغدادي في قضاء الحنابلة بدمشق عودما عن الزين عمر بن مفلح بحكم عزله ربيع الآخر لم يقع فيه شيء

سنة ست أربعين وثماني مائة
استهلت وسائر الولاة على حالهم إلا الخليفة فهو المستكفي بالله أبو الربيع سليمان.
المحرم أوله الجمعة في يوم السبت تاسعه استقر الشيخ علي المالكي القادم قبل من دمشق في قضاء الإسكندرية.
صفر أوله الأحد في يوم الاثنين تسعه استقر في قضاء الحنفية بدمشق فحص من ذرية الإمام يقال له حميد الدين بعد عزل الشمس الصفدي.
وبلغ السلطان الخبر - يعني خبر المماليك العشراوات - فأرسل إليهم مقدم المماليك الطواشي عبد اللطيف يتكلم معهم في عمل صالهم فأبوا وصمموا على إثارة فتنة وطلبوا ما لا يمكن فعله واستمروا على ما هم عليه بحيث امتنع الناس من الدخول إلى السلطان إلا النادر وصار أمرهم في زيادة على أن القرانيص الذين بالقاهرة عليهم في الظاهر والباطن إلى الله واستمروا على ذلك إلى ليلة الأربعاء وكسروا باب الزردخانة وأخذوا منها شيئا كثيرا من السلاح الهائل وبلغ ذلك السلطان فطلب القرانيص إلى عند بباب السلسلة وندبهم لقتالهم قنعه من حصر من الأمراء وخوفه عاقب ذلك مع كون القرانيص لم توافقه على ما ندبهم إليه لعلمهم بعدم سهولته عليه بآخر الأمر كل ذلك والجلبان على حالهم من منع الناس من الطلوع حتى أن السلطان طلب كاتب السر ابن البارزي فلم يستطع الطلوع من باب المدرج فرام الطلوع من باب الميدان الذي تحت القلعة ففطن به بعض الجلبان والقرانيص فضربه بالدبوس يريد أعلاه فنجده بعض الحاضرين وخلصه حتى ساق فرسه والدم على ثيابه من شجة أصابته وطلع القلعة على هيفة مزعجة ووقع منهم في حق أستاذهم من الشناعة والبهدلة ما لا مزيد عليه واستمر إلى يوم الجمعة عشرية فسكنت الفتنة لاختلاف بينهم.
ربيع الأول أوله الثلاثاء وفي يوم الاثنين رابع عشره وفي النيل ونزل المقام الناصري محمد ابن السلطان من القلعة في وجوه الدولة حتى عدا النيل وخلق المقياس ثم فتح خليج السد وركب إلى القلعة فخلع عليه أبو فوقانيا بطرز ذهب ولله در ابن النقيب مضمنا )البسيط(
لله يَوْمُ الْوَفَا والنَّاسٌُ قد جَمَعُوا ... كَالرَّوْص قُضْفُوا على نَهْرِ أزاهر
وَللْوفَاء عَمُودْ مِنْ أصَابِعِهِ ... مُخَلَّقْ تَمْلاُ الدُّنْيَا بْشَائُرهُ
وفي يوم الاثنين حادي عشرينه ندب السلطان تغري برمش السيفي يشبك من ازدمر الزردكاش لتجهيز حاله ويتوجه لحصار قيسارية ومعه آلات الحرب والحصار من المكاحل والمناجيق وغيرها وأعطاه خمسمائة دينار وسافر بعد أيام إلى حلب ثم عاد إلى مصر من غير توجه لقيسارية ولا غيرها.
ربيع الآخر أول الأربعاء وفي ليلة الخميس ثالث عشرية قبض على جماعة من مماليك تغري بردي المؤذي الدوادار الكبير كانوا عزموا على قتل أستاذهم وحصروه في هذه الليلة إلى أن طلع النهار وبلغ السلطان ذلك فأرسل إليهم جماع من رؤوس النوب فمسكوا منهم جماعة كثيرين فأرسل إليهم جماعة من رؤوس النوب فمسكوا منهم جماعة كثيرين وضربوهم ضربا مبرحا ثم أرسل به استأذنهم إلى المقشرة مع الوالي.
واستقر ابن الرسام في نظر جيش حلب بعد عزل الزين السفاح.

وفي يوم الجمعة تاسعه سافر الزيني ابن الكويز إلى القدس بطالا بعد أن أخذ منه شيء كثير من الذهب.
وفي يوم الأحد حادي عشره استقر القاي نور الدين علي بن سالم أحد نواب الشافعية في قضاء صفد.
وفي يوم الأحد ثامن عشرة طلب السلطان خازندار تغرى برمش نائب حلب ودواداره ورأس نوبته وضربهم ضربا مبرحا ثم أمر إلى البلاد الشامية ثم أمر كاتب المماليك بمحو اسم اثني عشر مملوكا من المماليك المعينين قبل إلى مكة لعدم حضرهم فشفع فيهم بعض الأمراء فردهم لما كانوا عليه.
جمادى الآخرة أوله السبت وفي يوم السبت وفي يوم الأحد ثانيه خلع على العلاء ابن اقبرس ناظر الأوقاف باستقراره في مشيخة خانقاة قوصون التي بالقرافة الصغرى عوضا عن المعين عبد اللطيف ابن الأشقر نائب السر بغير طريق شرعي.
وفي يوم السبت ثامنه وصلت تقدمه نائب الشام جلبان وقدمت إلى السلطان وهي تشتمل على نحو مائتي فرس منها ثلاثة بسروج ذهب وكنابيش وعشرة مماليك وأشياء كثيرة من الصوف والفراء والثياب البعلبكي والمخمل والقسي وعشرة آلاف دينار فيما قيل رجب أوله الاثنين في يوم الاثنين عشريه استقر شيخ الإسلام ابن حجرة في مشيخة قبة الشافعي بعد عزل العلاء القلقشندي وفي يوم الخميس الخامس عشريه حضر جماعة من عرب نجد إلى القاهرة كان السلطان أرسل بطلبهم ليولى كبيرهم آمرة المدينة النبوية تكون من أهل السنة قمعاً للرافضة فأنزلهم السلطان بالميدان وأكرمهم لكن لم يتم للسلطان ما أراده لغرض بعض أهل الدولة شعبان أوله الثلاثاء وفيه حضرت قصاد أولاده شاه رخ بن تيمورلنك فعمل لهم السلطان الخدمة بالقصر الكبير من القلعة وابطل خدمة الإيوان.
شوال أوله السبت وفي يوم الاثنين خامس عشرة رسم لشيخ الإسلام ابن حجر بلزوم بيته واستقر التقى عبد الرحمان بن تاج الدين ابن نصر الله في نظر الإسطبل عوضا عن الشمس نصر الله عرف بالوزه وفي يوم الخميس أعيد شيخ الإسلام ابن حجر إلى القضاء على عادته.
ذو الحجة أوله الثلاثاء في يوم الاثنين رابع عشره لخلع على طوغان العثماني نائب القدس كان بعوده إليها على عادته بعد أن كان صودر ونقي إلى حلب.

سنة سبع وأربعين وثمانمائة
استهلت وبقي على حالها في التي قبلها إلا الدوادار الكبير فأنه اينال العلائي الناصري.
المحرم أوله الخميس في يوم الجمعة ثانيه أمر السلطان بحبس الفرنج القادمين من رودس وجماعة من النصارى أيضا في المقشرة فحبس المحرم الجميع بها وفي يوم السبت عاشره استقر السراج الحمصي في قضاء الشافعية بطرابلس بعد عزل الشهاب ابن الزهري وأضيف إليه نظر جيشها وفي أوائل المحرم نقل الجمال الباعوني إلى قضاء دمشق بعد عزل الشمس الونائي واستقر في قضاء حلب الشمس ابن الخرزص.
ربيع الآخر أوله الاثنين في يوم السبت سادسه وفي النيل ونزل المقام الناصري فخلق المقياس وفتح السد على العادة ثم خلع عليه وللنصير المناوي )الكامل(
اَلنّيلُ قَاَل وَقوْلُهُ ... إذْ قَاَل ملْء مَسَامِعِي
فِي غَيْظِ مَنْ طَلَبَ الْغَلاَ ... عَمَّ البِلاَدَ مَنَافِعِي
وَعُيُونُهُمْ بَعْدَ الْوَفَا ... قَلَّعْتُهَا بِأصابِعِي
جمادى الأولى أوله الثلاثاء فيه قدم الزين عمر ابن السفاح القاهرة وحطط الناصري نائب قلعة حلب وغريب استدار السلطان بها بطلب منه فلما حصروا بين يديه رسم عليهم تغرى برمش الفقيه نائب القلعة وأمره مخاشنتهم والاحتفاظ عليهم وبحبسهم بالبرج فأخذهم عنده وطلب منهم الأموال التي تصفوا فيها من مال تغرى برمش نائب حلب لما عصى وخرج على السلطان وكان ما طلبه لسلطان من ابن السفاح مبلغ ثلاثين ألف دينار ومن حطط خمسين ألف دينار ومن الآخر قريب ذلك وداموا في الترسيم مدة حتى أخذ منهم مبلغ كثير ثم في يوم السبت خامسه استقر ابن الرسام في كتابه سر حلب ونظر جيشها ونظر قلعتها عوضا عن ابن السفاح المذكور بحكم عزله ومصادرته وشاهين الطوغاني الأشقر دوادار السلطان قديما والدوادار الثالث في نيابة قلعة حلب عوضا عن خطط بحكم ومصادرته أيضا.

وفي يوم الخميس سابع عشره استر الأمين عبد الرحمن ابن الدبري في نظر الحرمين القدس والخليل بمال وعد به بعد وفاة الغرس خليل السخاوي وفي يوم الاثنين ثامن عشرية استقر القاضي عز الدن ابن البساطي المالكي في قضاء دمشق عوضا عن يحيى المغربي بحكم عزله.
جمادى الآخرة أوله الأربعاء في يوم السبت رابعه عزل العز المذكور عن قضاء دمشق. وفي يوم الاثنين سابع عشرية وصل إلى القاهرة قاصد القآن معين الدين شاه رخ بن تيمورلنك وقاصد جهان شاه بن قرا يوسف صاحب تبريز.
رجب أوله الجمعة شعبان ورمضان لم يقع فيهما شيء أوله الأربعاء وفي يوم الأربعاء تاسع عشرية خلع على البدر محمد بن فتح الدين صدقة المحرقي باستقراره في نظر الجوالي عوضا عن والده بحكم ضعفه وكبر سنة وكذا استقر في سائر وظائف والده.

سنة ثمان وأربعين وثمانمائة
استهلت والولاة على حالهم والأسعار متوسطة وسعر الدينار الذهب مائتا درهم وخمسة وثمانون درهما في الصرف وتسعون في المعاملة والأفرنتي بأنقص من الأشرفي خمسة دراهم في الجالبين والمثقال الذهب بثلاثمائة وخمسة وثلاثين والدرهم من الفضة بأربعة وعشرين من الفلوس والدرهم من الفلوس بثمانية أعداد مخلوطة بالنحاس وغيره وكان سعر القمح في وسط السنة الماضية بثلاثمائة الإردب وهو الآن بمائتين فما دونها وبقية الأسعار رخيصة غير أن الطاعون كان ابتدأ في أوائل ذي الحجة من السنة الخالية وفشا الآن في أوائل هذه فنسأل الله حسن الخاتمة.
المحرم أوله الاثنين فيه فشا الطاعون وصار يزيد في يوم وينقص في أخر إلى أن أخذ في التزايد وبلغ من يموت في كل يوم اكثر من ثلاثمائة.
وفي يوم الجمعة ثاني عشرة ركب المحتسب الشيخ على الخراساني فكبس المعاصر بساحل بولاق فتكاثرت العبيد عليه ورجموه وكادوا يقتلونه عدما ولولا إنه التجأ إلى بيت الكمال ابن البارزي كاتب السر هلك صفر أوله الأربعاء وفي يوم الخميس ثانيه استقر ابن ظهير ناظر الأوقاف عوضا عن علاء الدين علي بن اقبرس بحكم عزله.
ربيع الأول أوله الجمعة فيه نفى السلطان يونس الأمير أخوه وفي يوم الأحد ثالثه ضرب السلطان المحب أبا البركات الهيتمي أحد النواب وحبسه بالمقشرة لا لأمر اقتضى ذلك ولما بلغ ذلك شيخ الإسلام ابن حجر عزل نفسه ثم أعاده السلطان بعد ذلك وأطلق أبا البركات المذكور وفي يوم الست تاسعه نفى السلطان سودون مملوك طوغان أمير آخور كان إلى حلب، ولو أبعد به كان أحسن.
وفي هذه الأيام أمر السلطان بنفي الشيخ شمس الدين محمد ابن العطار الحنفي أحد الصوفية بخانقاه شيخو إلى ملطية وخرج إلى أن وصل إلى خالقاه سرياقوس ثم تكلم فيه فعاد إلى القاهرة على حاله وكان السبب في ذلك شمس الدين الكاتب فأنه كان واسطة سوء عند السلطان وأما الشمس ابن العطار فأنه من خيار الناس من أعيان فقهاء الحنفية.
وفيه أيضا أمر السلطان الأمير شادبك الجكمي وطوخ من تمراز المدعو بيني بازق ومعناه غليظ الرقبة وكلاهما أمير مائة ومقدم ألف بمصر بالسفر إلى بلاد الصعيد دفع فساد العربان وكان قبل تاريخه أرسل ايتمش من ازوباي المؤيدي استادار الصحبة ومعه خمسون سنة مملوكا من المماليك السلطانية إلى الصعيد أيضا فضعف ايتمش بمن معه عن قتالهم وهم عرب الكنوز.
وفي يوم السبت خامس عشرة استقر سودون البردبكي أمير جاندار واحد الحجاب في نيابه ثغر دمياط وخلع عليه ف يوم الاثنين عوضا عن السيفي طوغان السيفي أقبردي المنقار بحكم عزله وتوجهه إلى البلاد الشامية على إمرة.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرة استقر دولات باي الدوادار الثاني ناظر ما الجامع الأزهر ووفي النيل فنزل المقام الفخري عثمان ابن السلطان من القلعة وبين يديه أعيان الدولة من الأمراء وغيرهم حتى عدي النيل وخلق المقياس وعاد ففتح الخليج وركب وطلع إلى القلعة وخلع عليه والده فوفانيا بطرز ذهب على العادة ولبعض الشعراء )الكامل(
وَاهَا لهذا النّيلِ أي عَجيبَة ... نُكْرْ بِمثْلِ حَديِثهَا لا يُسْمَعُ
يُلْقى الثَّري في الْعَام وَهْوَ مُسَلَّمْ ... حَتَّى إذا مَا عَادَ وَهْوَ مُوَزَّعُ
مُسْتَقْبلْ مِثْلَ الْهِلاَلِ فَدَهْرُهُ ... أبَدَا يَزِيُد كَمَا يَزِيدُ وَيَرْجَعُ

الحمدان لم يقع فيهما شيء رجب أوله الأربعاء في يوم الخميس ثانيه وصلت إلى القاهرة عدة رؤوس من عرب أهل الكنوز على رماح شجن بردبك العجمي لما وقع منه في حق أهل حماة بسبب ما إذ أفحش عليهم في القول فنفرت منه حتى عظم ذلك بينهم ووقع القتال فركب بردبك هذا بمماليكه عليهم وقاتلهم حتى قتل منهم جماعة اكثر من مائة وعشرين نفسا غالبهم صبرا ولم يقتل من جماعته غير أربعة أو أقل ولما وقع منه ذلك عصى وخرج عن الطاعة ونزل في برية حماة أياماً فلم ينتج أمره فراسل جلبان نائب الشام يطلب الأمان فسأل السلطان في ذلك فأرسل إليه بالأمان فحضر.
شعبان أوله الخميس في يوم الاثنين ثاني عشرة وصل على باي الاشرفي إلى القاهرة وكان من حين قبض عليه وحبس ثم أطلق بطالا بالبلاد الشامية لم يحضر القاهرة.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرة قدم إلى القاهرة البهاء ابن حجي ناظر جيش دمشق وطلع إلى السلطان فخلع عليه كاملية سمور.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشريه قدمت تقدمه قانباص الحمزاوي نائب حلب صحبة دواداره السيفي تغرى برمش وهي مائة رأس من الخيول وعدة أقفاص فيها من أنواع الفراء والصوف الملون والمخمل والبعلبكي وغير ذلك.
رمضان أوله الجمعة فيه طلع البهاء ابن حجي ليلى وظيفة نظر الجيش بالديار فلم يتم شوال أوله الأحد في يوم الثلاثاء عاشره استقر السراج الحمصي في قضاء الشافعي بحلب عوضا عن ابن الحزري بعزله.
في يوم الاثنين سادس عشرة ورد الخبر من مراد بك إنه وقع بينه وبين طائفة من بني الأصفر قتال عظيم لم يشهد مثله في هذه الأيام حتى إنه قتل من المسلمين اكثر من عشرة آلاف نفس وأما من بني الأصفر فخلائف لا بحصور وفي الأخر نصر الله المسلمين عليهم وأسروا منهم وقتلوا وسبوا وغنموا ولله الحمد وقبض ابن عثمان على خمسة من عظماء بني الأصفر المذكورين ممن له الحل والعقد في ممالكهم واكثر من عشرة آلاف أسير وغنم المسلمون منهم أموالا جمة إلى الغاية.
وفي يوم الخميس تاسع عشرة برز أمير المحمل تمرباي التمربغاوي إلى بركة الحاج وأمير الأول قائم التاجر.
فعظم ذلك - يعني بطلان الرماحة - على الناس إلى الغاية وتم ذلك ولم يفعله في هذا الشهر مع ما كان سبق من وعده بعمله فيه وفي يوم الثلاثاء سادس عشرة قدم الزيني يحيى الاستادار للسلطان تقدمه هائلة تشتمل على ثلاثمائة رأس من الخيول العربية وفي يوم الثلاثاء حادي عشرية قدم قاصد مراد بك ابن عثمان متملك بلاد الروم ومعه جماعة من الأسرى الذين قبض عيهم وكان لدخولهم القاهرة يوم مشهود وحكى القاصد ما قدمناه عن الوقعة وان ابن عثمان أرسل بمثل هؤلاء الأسرى لجماعة من ملوك الاقار

سنة تسع وأربعين وثماني مائة
استهلت الولاة على حالهم في الماضية المحرم أوله الجمعة، في ليلة الجمعة ثامنه سقطت مئذنة المدرسة الفخرية القديمة التي بالقرب من سوق الرقيق داخل القاهرة وقعت على الفندق المجاور لها وعلى عدة أماكن فقتل فيها عالم كثيرون من الخلائق ولما بلغ السلطان ذلك سأل عن ناظرها فقيل له نور الدين القليوبي أحد نواب الشافعي وأمين الحكم فطلبه في الحال ورسم بتوسيطه فشفعوا فيه وكان ممن شفع فيه الدوادار الكبير اينال العلائي بعد أن سبه ولعنه والزمه بمال كثير لعمارتها ثم التفت السلطان للشافعي فخاطبه مخاطبات منكية يستحي من ذكرها وعزله في الحال عن القضاء وولي عوضه القاياتي ولا يعاب على السلطان ما وقع منه في حق القاضي ومستنيبه فأن من شأن القضاة عدم الالتفات لعمارة الأوقاف والمدارس الذي يلون أنظارها وما ادري ما الذي يعتذرون به عن ذلك بين يدي الله عز وجل وما حجتهم عند الله وهذا الأمر مما يقبح على العامي الجاهل فكيف الفقهاء والقضاة وقد شاع ذلك في الأقطار عن قضاة زماننا وصار غالب الناس إذا وقف وقفا على مدرسة أو رباط أو ذرية أو غير ذلك يجعل النظر يه لحاجب أو الدوادار أو الزمام ولا يجعله للمتعمم لما ثبت عدهم من عدم التفاتهم إلى مصالح الأنظار فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم السبت ثالث عشرية وصل أمير حاج المحمل تمرباي إلى القاهرة وفي يوم الاثنين خامس عشرية غضب السلطان على قراجا العمري الناصري الوالي كان وأمير الرجبي في هذه لسنة وأمر بنفيه إلى حلب لسوء سيرته في الحاج وغير ذلك.

صفر أوله الأحد في يوم الاثنين ثانيه خلع على ماماي السيفي صفر بيبغا المظفري أحد الدوادارية ورسم بالتوجه إلى طرابلس ليحاس ناظر جيشها يوسف بن موسى الكركي على ما كان تحت يده من تعلقات السلطان ربيع الأول أوله الاثنين ثاني عشرية سافر الزيني يحيى الاستادار إلى ناحية بليس ومعه جماعة كثيرون من المماليك السلطانية لقتال العرب الخارجين عن الطاعة ربيع الآخر أوله الأربعاء في يوم السبت ثامن عشرة وصل الزيني المذكور إلى القاهرة ومعه جماعة كثيرون من العرب وفي العشر الأخير منه ولدت امرأة سكنها بالقرب من جامع ابن طولون بنتا لها رأسان رأس إحداهما بشعر والأخرى بغير شعر.
وفي يوم الثلاثاء عشرية استقر القاياتي الشافعي في مشيخة البيبرسية ونظرها عوضا عن شيخ الإسلام ابن حجر بحكم عزله.
وفي يوم السبت رابع عشرية أرسل السلطان الشريف علي بن حسن بن عجلان من البرج إلى حبس الإسكندرية.
وفي يوم الأحد خامس عشرية حبس بيبرس بن بقر شيخ العرب بالوجه الشرقي بالبرج من القلعة لأمور نقمها عليه قديما وحديثا.
وفي أوائل هذا الشهر وفي النيل ونزل المقام الفخري عثمان ابن السلطان ففتح الخليج على العادة وخلع عليه أبوه وللصفدي )المجتث(
لمْ لاَ أيمُ بِمِصْرٍ ... وأرْتَضيهَا وَأعْشَقْ
وَمَا تَرَى العَيْنُ أحْلَى ... مِنْ مائها أن تُمْلَقْ
جمادى الآخرة أوله السبت فإن قاتباي الجاركسي كان قد إذ أمره مائة وتقدمه ألف زيادة على المشدية فاستمر لما ولي الدوادارية على اقطاعه.
رمضان أوله الأربعاء في يوم السبت حادي عشرة استقر المحب ابن الأشقر ناظر الجيش في مشيخة الصرغتمشية بعد وفاة ابن التفهني.
شوال أوله الخميس في يوم السبت ثالثه وصلت إلى القاهرة تقدمة محمد بك بن مراد بك ابن عثمان على يدي قاصده وأخبر القاصد أن والده نزل لولده هذا عن مملكته وأقامه مقام نفسه وأرسل يعلم السلطان بذلك وان يكون الولد تحت نظر السلطان.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرة المغاربة تقدمتهم إلى السلطان وفي ثلاثون فرسا أكثرها حجورة أشياء غير ذلك.
وحججت أنا في هذه السنة باشا في المحمل وعلى باي الاشرفي باشا في الأول.
ذو العقدة أوله السبت في يوم السبت خامس عشرة قدم الزيني الاستادار للسلطان أربعمائة فرس منها ستون بسروج مغرقة وأربعون بسروج سذج وفيه أيضا توجهت جماعة من المماليك المفسدين وهم اكثر من عشرين نفرا إلى بيوت النصارى لأخذ الحمور منها فوثب عليهم الناس وأخذ النصارى في الدفع عن بيوتهم فوقع بينهم قتال قتلت فيه ثلاثة من المماليك إلى سقر.
ذو الحجة أوله الاثنين في هذا الشهر وقعت حادثة غريبة وهي أن العبيد الغلمان الذين في الربيع ببر الجيزية ومنبابة لما توجهوا بخيول أستاذيهم وأقاموا هناك يسيرا أقاموا من بينهم عبدا وجعلوه سلطانا ورتبوا له أرباب دولة وأرباب وظائف وصار بحكم فيهم بما شاء ونصبوا له سختا يجلس عليه وبقي يفعل ما أحب ولا يقدر أحد على رده حتى خالفه رجل آخر من العبيد فحشدا وتقاتلا فانتصر الذي تسلطن ووسط من تلك الطائفة جماعة ولم يقدر أستاذ العبد المقتول أن يتكلم وقيل إنه توجه إلى هناك وكلم العبد المتسلطن فمن الناس من قال إنه رام أن يوسطه أيضا ومنهم من قال إنه أرضاه في ثمنه وبلغ السلطان ذلك وأتهم ولوا نائب الشام ونائب حلب وهم على حالهم إلى الآن فسكت السلطان عن ذلك وقال بعض أكابر الدولة هذا أمر فشار إذا فرغ الربيع تفرق كل منهم إلى حال سبيله وإنما فعلوا ذلك على سبيل المزاح ومشى ذلك وتم وهو شيء لم نسمع بمثله في سالف الأعصار.

سنة خمسين وثماني مائة
استهلت والحكام بحالهم في الماضية إلا الشافعي فهو القاياتي والاتابك فهو اينال والدووادار الكبير قايتباي الجركسي ونائب إسكندرية تنم وليها بعد الطنبغا الفاف غزة يلخجا عد طوخ البوبكري.
المحرم أوله الثلاثاء وفي يوم الاثنين سادس عشرية خلع على السوييني بقضاء الشافعية بحلب عوضا عن الحمصي السراج بحكم عزله.

وفي يوم الخميس رابعه خلع على المحب ابن الأشقر باستمراره في وظيفة نظر الجيش لكون البرهان ابن الدبري كان سعى فيها سعيا كثيرا ووعد بمال كثير نحو مبلغ ثمانية آلاف دينار ليحملها إلى السلطان وأذعن السلطان وطلع ليستقر في هذا اليوم فانتقض ولبس خلعة الاستمرار ونزل إلى داره في موكب هائل ولم يلتفت إلى غيره.
ومن جمادى الأولى أوله الثلاثاء فيه خلع على ابن الشحنة باستمراره في وظائف القضاء وكتابة السر ونظر الجيش كل ذلك بحلب بعد أن حمل من الأموال والهدايا ما يطول الشرح بذكره فعظم ذلك على الحلببين فأنه أكثر فيهم المكث عليهم وسار في هذه الوظائف بحرمة وافرة.
وفي يوم الجمعة رابعه الموافق لخامس عشري وفي النيل ونزل المقام الفخري ابن السلطان ففتح السد على العادة وللشهاب ابن فضل الله العمري )الرجز(
لِمِصْرَ فَضْلْ بَاهِرْ ... لِعَيْشِهِا الرَّغْدِ النَّضِرْ
فِي كُلِ يَوْمٍ تَلْتَقي ... مَاء الحَيَاةِ والخْضِرْ
جمادى الآخرة ورجب لم يقع فيهما شيء شعبان أوله السبت في يوم السبت خامس عشرة اتفق الخميس الذين بالمقشرة وقتلوا شعبان السجان وخرجوا بأجمعهم إلى حل سبيلهم.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرة نزلوا جماعة من المماليك السلطانية الجلان فتبعوا الزيني الاستادار وضربوه بالدبابيس حتى كاد أن يهلك ولو لا دخوله بيت طوخ من تمراز أحد مقدمي الألوف كانت ذهبت روحه.
رمضان لم يقع فيه شيء شوال أوله الثلاثاء في يوم الجمعة رابعه عزل البدر ابن التنسي قاضي المالكية بسبب حبسه لشخص مدة طويلة ثم خلع عليه باستمراره.
ذو العقدة أوله الخميس في يوم السبت ثالثه وصل إسماعيل بن عمر الهوارى من بلاد الصعيد إلى القاهرة طائعا وخلع عليه السلطان خلعة الرضي وقيد له فرسا بسرج ذهب وكنبوش زركش.
وفي يوم السبت عاشره خلع على جانبك اليشبكي أحد أمراء العشرات ورأس نوبة باستقراره في ولاية القارة بعد عزل منصور ابن الطبلاوي على كره منه وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرة خلع على جانبك المذكور وجعله حاجبا من جملة الحجاب مضافا للولاية.
ذو الحجة أوله الجمعة في يوم الاثنين رابعه خلع علي ابن النويري باستقراره في قضاء الشافعية بحلب بعد عزل السوييني.
وفي يوم السبت ثالث عشرينه وصل مبشر الحاج أحمد بن جانبك وأخبر بالأمن والسلامة.

سنة إحدى وخمسين وثماني مائة

استهلت والخليفة والقضاة كالتي قبلها إلا الشافعي هو العلم صالح البلقيني وولايته في أولها عوضا عن شيخ الإسلام ابن حر بحكم عزله واتابك العساكر اينال وأمير سلاح تمراز القرمشي الظاهري وأمير مجلس جرباش قاشق وأمير آخور قراقجا الحسنى وحاجب الحجاب تنبك البردبكي ورأس نوبة النوب تمرباي التمربغاوي والدوادار فانباي الجركسي وبقية أمراء الألوف المقام الفخري عثمان ولد السلطان واسنبغا الطياري وطوخ من تمراز الناصري بيني بازق والشهابي أحمد بن علي بن اينال والطنبغا المعلم أمير ثمانين فارسا وأمير آخور ثاني جرباش كرد ورأس نوبة ثاني جانبك الرماني الظاهري والدوادار الثاني دولات باي المحمودي المؤيدي والحاجب الثاني نوكاره الناصري على إمرة عشرة ضعيفة وهو ممن لا يؤبه له وشاد الشرابخاناة يونس السيفي اقباص والوردكاش تغري برمش السيفي يشبك بن ازدمر ونائب القلع تغرى برمش الفقيه والخازندار قراجا الظاهر جقمق والزمام والخازندار فيروز النوروزي الرومي الطواشي ومقدم المماليك عبد اللطيف المنجكي العثماني ونائبه جوهر النوروزي ومباشرو الدولة الكمال ابن البارزي كاتب السر ونائبه المعين عبد اللطيف ابن العجمي وناظر الجيش المحب ابن الأشقر والوزير الصاحب كريم الدين عبد الكريم ابن كاتب المناخ وناظر الخاص الجمالي يوسف ابن كاتب جكم والاستادار الزيني يحيى الأشقر قريب ابن أبي فرج ابن النحال نواب البلاد الشامية وغيرها فالشام جلبان أمير آخور وحلب قايتباي البهلوان الناصري وطرابلس برسباي من حمزة الناصري وحماة يشبك الصوفي وصفد بيغوت الاعر وغزة يشبك الحمزاوي وملطية قانصوه النوروزي والرك حاج اينال الجكمي وإسكندرية تنم من عبد الرزاق تحتسب وهؤلاء الذين يطلق عليهم ملك الأمراء وأما بقية نواب القلاع والبلدان فكثير وملوك الأقطار فكة الشريف بركات بن حسن بن عجلان والمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام الشريف اميان بن مانع بن علي الحسيني والينبع الشريف علمان وصاحب هراة وغيرهما من ممالك العجم القآن معين الدين شاه رخ بن تيمورلنك وجماعة من أولاده وأحفاده على عدة ممالك منهم صاحب سمرقند وغيرهما القآن سيف الدين الوغ بك بن القآن معين الدين شاه رخ بن الطاغية تيمورلنك وأذربيجان وغيرها من ممالك العراق جهان شاه بن قرا يوسف بن قرا محمد وأصحاب ديار بكر جماعة من أولاد قرأ يلك وصاحب برصا من بلاد الروم وغيرها من بلاد قرمان الصارم إبراهيم ابن قرمان وبجانب آخر من بلاد الروم اسفندار ونائب ابلستين سليمان بن ناصر الدين بك محمد ابن دغادر وصاحب تونس وبجاة وسائر بلاد أفريقية السلطان أبو عمرو عثمان ابن أبي عبد الله محمد بن أبي فارس عبد العزيز بن أبي العباس أحمد الحفصي المغربي وباق بلاد المغرب عدة ملوك يطول الشرح في تسميتهم.
المحرم أوله السبت صفر أوله الاثنين في يوم الأربعاء ثالثه مات ايتمش من ازوباص المؤيدي استادار الصحبة كما سيأتي.
وفي يوم الاثنين ثامنه خلع على الخواجا بدر الدين حسن بن الشمس محمد ابن المزلق الدمشقي بنظر جيش دمشق بعد عزل موسى بن جمال الدين الكركي عنها توجهه ثانيا إلى نظر جيش طرابلس.
وفي يوم الخميس عاشرة الطنبغا مملوك طرباي في حجوبية غزة على مال بذله في عزل ابن بوالي بضم الموحدة ولام مكسورة وفي يوم الجمعة حادي عشرة استقر بيبرس بن بقر في مشيخته العربان على عادته بالوجه الشرقي من أعمال القاهرة وابن جماز في مشيخته أيضا على عادته.
ربيع الآخر أوله الخميس في يوم الثلاثاء سادسه ويوافقه ساد عشري بونة أحد شهور القبط أخذ قاع النيل فجاءت القاعدة أحد عشر ذراعا واثني عشر إصبعا وهو شيء لم يعهد بمثله.
وفي يوم الثلاثاء سابع عشرة ويوافقه سابع مسري أحد شهور القبط وفي النيل فركب المقام الفخري ابن السلطان وفتح السد وفعل العادة كلها ومن نظم لابن نباته )الكامل(.
زَادَتْ أصَابِعُ نيلنَا ... وَطمَتْ وَطافَتْ في الْبِلاَدِ
وَأتَتْ بِكُلِ مَسَرةٍ ... مَا ذِي أصَابِعُ ذيِ أيَادي
وفي يوم الخميس رابعه استقر السفطي في تدريس الصالحية والنظر عليها عوضا عن شيخ الإسلام ابن حجر.
وفي يوم الخميس حادي عشرة توفي التقي ابن قاضي شهبة فقيه الشام بدمشق فجأة ودفن من الغد.

ذو الحجة أوله الثلاثاء فيه توف الصفي جوهر بن عبد الله المنجكي الحبشي مقدم المماليك وصاحب المدرسة التي تجاه القلعة فجأة ودفن من الغد.
وفي يوم الخميس ثالثه حضر شخص من أهل مرصفا وأخبر إنه رأي الهلال ليلة الثلاثاء فاضطرب الناس اضطرابا شديدا فأنه كان غيم مطبق استمر من ابتداء ليلة الثلاثاء إلى يوم الخميس فأراد الولي السفطي قاي الشافعية أن يأذن للرائي في أن يحكم بعلمه بثبوت الشهر فأخبره بعض نوابه إنه شاهد زور وأنه كان منعه من تحمل الشهادة لما كان نائبا بمرصفا فشوش السفطي على هذا النائب المخبر بذلك ثم أمر الفحص عن آخر مثله فحضر واثبت في يوم الجمعة الرابع منه أن أوله الثلاثاء خوفا من كون عيد الأضحى يجيء الجمعة لتشاءم المصريين بخطبتين في يوم واحد وفي يوم الخميس عاشره خلع على القاضي ولي الدين السفطي كاملية بفرو وسمور عقب خطبة العيد.
وفي يوم الخميس سابع عشرة وصل الشهابي أحمد بن نوروز الخضري شاد الأغنام بالبلاد الشامية إلى القاهرة وفي يوم الأربعاء ثالث عشريه وصل ازبك الساقي الظاهري مبشر الحاج وأخبر بالأمن والسلامة وأن الوقفة كانت يوم الأربعاء وفي يوم السبت سادس عشرية توفي القاضي عز الدين عبد الرحيم ابن الفرات الحنفي وفي يوم الأربعاء سايخه طلع الولوي السفطي بعشرة آلاف دينار إلى السلطان من حاصل البيمارستان عرضها عليه فشره على ذلك.

سنة اثنين وخمسين وثمانمائة
استهلت وجميع أرباب الدولة على حالهم في الماضية المحرم أوله الخميس فيه ورد الخبر بمقتله عظيمة في الصعيد بين إسماعيل الهواري وبين بني بكيران ولهيان وغيرهما وقتل فيها محمد أخو إسماعيل المذكور وغيره من أقاربه واتباعه ثم حصل له النصل عليهم وقتل منهم نحو خمسمائة وخلع على القاصد.
وفي يوم السبت ثالثه أمر بنفي قاضي حلب المجد سالم الحنبلي إلى قوص لأجل إنه كان له على القاضي المالكي بحلب دين وأراد أن يتقاضاه منه فطلب المديون أن يضع من الدين شيئا فامتنع.
وفي يوم الأحد رابعه كانت تقدمة الزيني الاستادار للسلطان وكانت عدة الخيول ستمائة فرس منها سنون مسرجة بسروج مغرفة وثلاثة بقماش ذهب برقبتين زركش وكنبوش زركش وثلاثون يسروج بلقاوي وفي ليلة الخميس خامس عشرة توفي الشيخ برهان الدين إبراهيم بن خطر العثماني.
وفي يوم الأربعاء حادي عشرية توفي الشيخ شهاب الدين الريشي صفر أوله الجمعة بمقتضى الرؤية في يوم الاثنين رابعه وصلت رؤوس الناس من العرب العاصين أرسل بها كاشف البهنساوية.
وفيه خرج تمرباص التمربغاوي رأس نوبة النوب لبلاد العيد وصحبته إسماعيل بن عمر الهواري ومائتا من مماليك السلطانية لقتال العرب الخارجين عن الطاعة من هوارة.
وفي يوم الجمعة ثامنه ورد الخبر بأنه حصل بين تنم من عبد الرزاق المؤيدي نائب حلب وبين أهلها تشويش وبعض قتال ورجم وعين يردبك التاجي لكشف هذا الخبر وتحريره.
وفي ليلة الثلاثاء ثاني عشرة توفي اقطوه الموساوي الظاهري وصلي عليه من الغد.
وفي يوم السبت سادس عشر وصل جلبان نائب دمشق إلى القاهرة فنزل بالميدان.
وفي ليلة الأحد سابع عشرة توفي الشيخ زين الدين عبد الرحمان السنديسي.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشرية وصل الشريف اميان أمير المدينة النبوية وطلع إلى السلطان فنزل له من على الدكة ومشى إليه خطوات يسيرة وأكرمه وخلع عليه واركبه من الحوش السلطاني.
وفي العشر الأخير منه توفي اسنباص الظاهر الوردكاش وفرق إقطاعه.
وفيه ورد الخبر من تمرباص بان العرب بالوجه القبلي دخلوا تحت طاعة السلطان ولبسوا الخلع وأن العرب العاصين ومن تابعهم فروا وبرحوا عن البلاد وفي يوم الأربعاء رابعه كتب جوابه بان يقيم هو ومن معه حتى يرد عليه الإذن في الحضور.
وفي ليله الأحد ثامنه لقب سجن الرحبة وهرب بعض المحبوسين فمسك البعض وفاز البعض.
وفي يوم الأحد ثاني عشرية عزل السعد ابن الدبري نفسه عن قضاء الحنفية ثم أعيد في يوم الاثنين ثالث عشرية.
ربيع الآخر أوله الاثنين فيه رسم بنفي سنقر الظاهري جقمق الخازندار إلى طرابلس.
وفيه وصل تمرباص رأس نوبة النوب من بلاد الصعيد بطلب فخلع عليه وحضر صحبته إسماعيل بن عمر الهواري الأمير.

وفي يوم السبت سادسه أمر السلطان بإحضار الشمس الكاتب إلى الصالحية ليدعي عليه بأنه وقع في حق الإمام الشافعي وبغير ذلك فأحضر وادعي عليه عند القاضي ناصر الدين ابن المخلطة الملكي وثبت عنده ما نسبة إلى الغزائي فأمر بكشف رأسه وسجنه والذهاب به إلى السجن ماشيا.
وفي يوم الاثنين ثامنه لبس التشريف بالولاية ونزل إلى الصالحية على العادة وخلع على اينال العلائي الاتابكي فوقاني بطرز ذهب بنظر البيمارستان على العادة وأخرج الشمس الكاتب من السجن وأمر بنفيه إلى حلب.
وفي يوم الثلاثاء تاسعه لبس الشرف المناوي خلعة بتدريس الشافعي وتوجه إلى هناك فدرس ثم عاد.
وفيه أعيد الشمس الكاتب إلى السجن بسبب إنه ادعى إليه إنه وقع في حق النبي صلى الله عليه وسلم وفي يوم الأربعاء عاشره نل نقيب الجيش الناصري محمد ابن أبي الفرج إلى السجن وأخذ الكاتب فتوجه للمؤيدية ليسمع قاضي الحنفية ابن الكبري الدعوى عليه.
وخلع على الزيني الاستادار كاملية بسمور على عادته وعلى عبادته الله الكاشف بالوجه الشرقية فوقاني باستمراره. وفي يوم السبت ثالث عشرة رسم بتوجه الشمس الكاتب إلى منزله ويقيم عشرة أيام يهيئ فيها نفسه إلى التوجه للقدس لقيم به.
وفي يوم الأحد رابع عشرة رسم بتوجه الشهابي احمد الكاشف لدمشق ليقيم بها وورد الخبر بأنه حصل بين نائب القدس تمراز البكتمري المؤيد المصارع وناظروه الأميني عبد الرحمان ابن الدبري قتال عظيم بآلة الحرب بسبب أبي طبر فبرز الأمر بالكشف عن ذلك على يد السيفي كزل القردمي.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشرة لبس الشيخ على المحتسب كاملية خضراء بسمو خلعة الاستمرار على وظيفة الحسبة ورسم بإقامة الشمس الكاتب بالقاهرة وأعيد إليه ما كان بيده.
وفي يوم الأربعاء سابع عشرة طلع شيخ الإسلام ابن حجر إلى مصر وهو لابس خلعة على عادته ومعه القضاة والفقهاء.
وفي يوم الخميس ثامن عشرة لبس دولات باي المحمودي المؤيدي الدوادار الثاني كاملية بسمور بنظر البيبرسية وفي يوم الجمعة تاسع عشرة حضر شهاب الدين احمد بن القاضي شمس الدين القاياني مشيخته وفه سافر احمد الكاشف إلى دمشق.
وفي يوم الأحد حادي عشرية توفي الصاحب كريم الدين عبد الكرم ابن كاتب المناخ معزولا.
وعين اسنبغا الكلبكي ثم تغير ذلك لعدم أهلية اسنبغا ووقع القرار بالتربص حتى يحر كزل المتوجه لكشف الخبر.
وفي يوم الجمعة سادس عشرية توفيت سورباص الجاركسية حظية السلطان ببولاق بعد أن قامت به أياما للنزهة لما طال مرضها. ودفنت من الغد.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرية وصل جانم الدوادار المعروف خمسمائة من سفرة بدمشق إلى القاهرة.
جمادى الأولى أوله الأربعاء في يوم الخميس ثانيه ولي شيخ الإسلام ابن حجر تدريس الشافعية بالصالحية والنظر على أوقافها.
وفي يوم السبت رابعه عقد مجلس بين يدي السلطان وأدعى على البدر محمود بن عبيد الله الحنفي بان شخصا كان يقرأ في رباص الصالحين للنووي فيما يتعلق بالبعث وكيفياته فقال هل يصح هذا أو لا يصح وفوض أمره للحنبلي فشهد عليه أربعة منهم محجورة أحمد بن فرج بن ازدمر وتغري برمش الزردكاش فجدد إسلامه وحقن دمه.
وفيه تحولت خوند الكبرى مغل ابنة البارزي من القاعة الكبرى إلى البربرية واخبر السلطان إنه طلقها من نحو ثمانية أشهر وذكر أنها كانت السب لقتل سورباص بالسحرة وحاشاها من ذلك.
وفي يوم الأحد خامسه ولي الكمال ابن البارزي كاتب السر نظر جمادى الجمالية شريكا لسارة ابنة الواقف عوضا عن السفطي.
وفي يوم الخميس تاسعه ولي أبو عبد الله البيدمري المغربي قضاء المالكية بدمشق عوضا عن الشهاب التلمساني.
وفي يوم السبت حادي عشرة ورد الخبر بوفاة شاهين الدوادار السيفي طوغان نائب قلعة دمشق وعين العلائي علي بن عبد الله الزردكاش للحوطة على موجودة ووصل كزل القردمي المتوجه للكشف عما يتعلق بنائبه وناظره وعلى يده حضر مما وقع بينها.
وفي يوم السبت ثامن عشرة وصل الأمين عبد الرحمن ابن الدبري معزولا واستمر تمراز على نيابة القدس.

وفي يوم الخميس ثالث عشرية ولي الشمس الحموي الموقع نظر القدس عوضا عن لقاضي أمين الدين عبد الرحمن ابن الدبري وفي يوم الأربعاء ثامن عشرية الموافق لسادس مسري أحد شهور القبط وفي النيل ونزل المقام الفخري ابن السلطان ففتح السد بعد فعل المعتاد وللبرهان القراطي )السريع(.
ذَا النّيلُ مَا يَبْرَحُ في سَعْده ... وَحَالَهُ الْمَاشيَ مَا خَالا
يَجرِي لَنَا مَاضٍ وَمُسْتَقْبلاً ... لاَ أوْقَفَ اللهُ لَهُ حَالاَ
وفي يوم الخميس سلخه لبس يلبغا الجاركسي أحد العشرات نيابة ثغر دمياط عوضا عن بيسق اليشبكي.
جمادى الآخرة أوله الجمعة في يوم الأربعاء سادسه وصل جانبك الظاهري شاد جدة إلى القاهرة.
وفي يوم الخميس سابعه توفي الناصري محمد بن أمير علي نديم السلطان.
وفي يوم الخميس حادي عشرية لبس تقي الدين محمد بن عز الدين الصيرفي قضاء الشافعية بطرابلس وفيه وصل المحب ابن الشحنة قاضي حلب إلى القاهرة ثم في يوم السبت ثالث عشرية طلع إلى السلطان فخلع عليه كاملية بسمور وفه أيضا خلع علي الأمين ابن الدبري كاملية بسمور.

وفيه تغير السلطان على شخص يدعي أسد الدين الكيماوي أول مدة عمله الذي لم يظهر له نتيجة وأمر السلطان بإطلاق التاجر ابن شمس وخلاصة منه وكان من أمر الكيماوي وابن شمس أن الكيماوي نصب عله واخذ منه جملا مستكثرة ثم كتب عليه مسطورا بألفي دينار فلما وقع بينهما طالبة الكيماوي بهما وطلع به بعض المناحيس إلى السلطان وقال عنه إنه يعمل الكيمياء فغر السلطان الطمع واحتاج أن يسمع مقالته وأول ما حكم في ابن شمس المذكور ومشى له ذلك وأمر الكيماوي مع ابن شمس يطول الشرح بذكره فلما سمع السلطان كلام الكيماوي وظن إنه يحسن ما ذكره من عمل الكيمياء رسم علي ابن شمس حتى أخذ منه لأسد الدين المبلغ المكتتب وأخلى له مكانا لعمل الكيمياء وصار يحكم في السلطان وفي حواشيه بعد ما كان يحكم في ابن شمس ومن جملة حكمه إنه قال لأي شيء أعيان المباشرين لا يترددون إلى في مكاني فأمرهم السلطان بالتوجه إليه فتوجه الجميع إليه وجلسوا بين يديه فكلمهم بتعاظم زائد إلى الغاية وصار لا يتكلم معهم إلا بترجمان ولما أخذ من ابن شمس المبلغ المذكور بلغه عن ابن شمس إنه قال عن قريب يظهر للسلطان كذب أسد الدين فقال أسد الدين ما أعمل شيئا حتى ينفي أن شمس إلى القدس فأخرج إليه وكان وقع له مع ابن شمس ما يشبه هذه القضية وهو أن زوجة ابن شمس قال لزوجها الله أن هذا يكذب ولو كان يعرف علم الكيمياء لكان سعيدا غنيا لا يحتاج إلى أحد فبلغه كلام المرأة فقال لزوجها لا أعمل لك شيئا حتى تطلقها فتوقف عن طلاقها فقالت له زوجته طلقني ولا تترك له عذرا فطلقها فلما خرج ابن شمس إلى القدس وطال الأمر على السلطان وبلغه ما فعله أسد الدين بابن شمس تحقق إنه كاذب وانه لا يحسن شيئا ولكنه صار يتتبع كلامه.
وفي يوم الجمعة ثاني عشرية أمر بسد باب جسر بسباي المطل على بركة الرطلي وبانتقال السكان منه وتوجه نائب الوالي مع ظلمته إلى هناك وحصل للناس بذلك تشويش كثير وبعض نهب ولهدمت آلات الحوانيت الذي بالجسر.
وفي يوم السبت ثالث عشرية توفيت ست الملوك ابنة الظاهر ططر زوجة يشبك الاتابكي ودفنت من الغد.
ونودي بسكني الجسر وفتح بابه على العادة ونودي على الفلوس لن الرطل يكون بستة وثلاثين.
وفي يوم الخميس ثامن عشرية كسفت الشمس من قبيل الظهر إلى بعد الزوال بنحو ثلاثين درجة وصلى للكسوف بجامع الأزهر.
وفيه وقت العصر توفي الشيخ زين الدين رضوان مستملي الحديث ودفن من الغد.
وفي يوم الاثنين عاشرة لبس كاتب السر الكمال ابن البارزي كاملية بسمور.
وفي يوم الجمعة تحولت خوند ابنة جرباش إلى قاعة العواميد الكبرى عوضا عن ابنة البارزي.
وفي يوم السبت ثاني عشرية لبس الصاحب الأمين ابن الهيصم كاملية بسمور بسبب الجسور ولبس القاضي بدر الدين ابن قاضي بعلبك نظر جيش صفد عوضا عن ابن القف.
وفيه طلع أسد الدين لكيماوي إلى السلطان وذكر إنه صادق فيما ادعاه وأنه يفعله سريعا فأكرمه السلطان وهو والله الذي لا إله إلا هو كاذب.
وفيه لبس الزيني الاستادار كاملية بسور.
وفي يوم السبت تاسع عشرية تولى أبو الخير النحاس نظر المواريث المتعلقة بالوزير.

وفيه توفي الشيخ أبو الفتح ابن وفاء وصلى عليه بجامع عمرو ودفن بزاويتهم بالقرافة.
وفيه صلى علي الرهان العرياني بجامع الأزهر ودفن وكان قد غرق آخر يوم الأربعاء سادس عشري رجب بمعدية فرنج وظهر يوم الثلاثاء بالسماسم بالقرب من خانقاة سرياقوس فدفن هناك فتوجه أقاربه فأتوا به إلى القاهرة وقد انتفخ انتفاخا زائدا وتغيرت رائحته رحمه الله وفيه أعيد نظر المواريث المتعلقة بالوزير إلى الوزير وكذا نظر السواقي وكان كل منهما قد أخذه النحاس.
وفي يوم الخميس حادي عشرة لبس الوزير كاملية مخمل أحمر بسمور بسبب المواريث والسواقي.
وفي يوم الأحد رابع عشرة توفي أحمد بن نوروز شاد الأغنام وأنعم باقطاعه علي أحمد ولد السلطان واستقر مكانه أمير الركب الأول قانم التاجر.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشرة ضرب الشهاب أحمد المدني الذي أدعى إنه وكيل السلطان بين يدي قاضي المالكية بالمدرسة الصالحية ما يزيد على مائة سوط وجعل في رقبته جنزير وحبس بالديلم بسبب ما أدعى به على الشمس الكاتب مما لم يثبت عليه وذلك مجلس القاضي ناصر الدين ابن المخلطة بحور قاضي المالكية كما ذكرنا وما ربك بظلام للعبيد.
وفيه حصل مطر عظيم ونزلت صاعقة قتلت شخصا من الأجناد بزريبة قوصون بساحل جزيرة أروى المعروفة بالوسطانية.
وفي يوم الجمعة تاسع عشرة لبس السلطان القماش الصوف الملون اعني قماش الشتاء والبس الأمراء على العادة.
وفي يوم الأحد حادي عشريه عقد مجلس بين يد السلطان بالقاضي الشافعي والعلاء القلقشندي والشرف الماوي وبعض جماعة من الشافعية بسبب الخطيب جمال الدين عبد الله ابن جماعة شيخ الصلاحية بالقدس حيث قيل إنه غير أهل للتدريس وأنه كتب على عدة فتاو غلطا وسبب ذلك كله السراج الحمصي فأنه سأل في إحضاره ليناظره فحضر الجماعة والخطيب وتأخر الحمصي عن الحضور فغضب السلطان على الحمصي وبقي الخطابة مع الجمال ابن جماعة وأمر أن لا يمكن الحمصي من الطولع إلى القلعة.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرية أمر السلطان بجعل ابن النويري قاضي الشافعية بحلب قبل تاريخه في الحديد ويتوجه إلى حلب بسبب دعوى ابن النصيبي عليه.
وفي يوم الخميس خامس عشرية عزل البدر ابن قاضي بعلبك من سنة نظر جيش صفد واستقر ابن القف على عادته.
وفي يوم الأحد ثامن عشرية لبس الجمال ابن جماعة شيخ الصلاحية خلعة الاستمرار وتوجه في يوم الثلاثاء سلخه إلى القدس.
رمضان أوله الأربعاء فيه وصل البدري حسن ابن المزلق ناظر رمضان جيش الشام إلى القاهرة.
وفي يوم الجمعة ثالثه توفي تغري برمش الفقيه بالقدس بالطاعون بطالا وفيه أراد المماليك الجلبان إيقاع فعل بالاستادار ونهب بيته فقطن لها الاستادار فأقام بالدعيشة ولم ينزل إلى بيته وأرسل سريعا فول جميع ما في داره وأغلق دروبه ثم أن السلطان أرسل خلف جماعة منهم قانصوه وضربه بالنمجاة لكونه كان وقع بينه وين الاستادار تشجر بسبب فلاحية ثم أصلح بينهما والبس قانصو سلاريا بسمور فيا نفس جدي دهرك هازل ولما لبس قانصوه السلاري توجه إلى الجلبان ليرجعهم عن الاستادار فسبوه قالوا نحن لم نفعل هذا إلا لأجلك ثم نزل الاستادار وصحبته قراجا الخازندار وغيه حتى وصل إلى بيته.
وفي يوم الثلاثاء سابعه طلع الزيني الاستادار والبسه السلطان كاملية بسمور فلما خرج من عنده أخبر بأن المماليك السلطانية في انتظاره فعاد ودخل إلى دهليز البحرة التي بالحوش السلطانية من القلعة وأرسل السلطان خلف ازبك الساقي واسنباص الساقي وأمرهما بالتوجه معه إلى أن يصل إلى داره فأمتنع من ذلك خشية القتل وطلع الخلعة وتكلم كل من المذكورين مع الجلبان والتمسا منهم أن يتركوه اليوم لأجلهما ثم بعد هذا يفعلوا ما يريدون فسكتوا عنه حتى رمضان نزل إلى داره وفي يوم الخميس تاسعه عرض السلطان اللبان وكلمهم بسبب الاستادار ولاطفهم كل الملاطفة.
وفي يوم السبت حادي عشرة الزيني كاملية خلعة الاستمرار ورد عدة وقائع كانت دلت الديوان المفرد إلى أربابها.
وفي يوم السبت ثامن عشرة ورد الخبر بوفاة الشهابي أحمد الكاشف بالغربية وكان بدمشق.

وفي يوم الاثنين حضر جماعة ن أهل بلبيس وأخبروا بأنهم صاموا يوم الثلاثاء وان تغرى بردي القلاوي الكاشف ادعى إنه رأى الهلال ليلة الثلاثاء بالجيزة وذكر عن غيره أيضا إنه رآه.
وفي العشر الأخير منه وصلت أخت السلطان من بلاد الجادس شوال أوله الخميس وفي يوم الخميس خامس عشرة لبس تنبك حاجب الحجاب خلعة كشف التراب وولي أبو اليمن النويري قاضي الشافعية بمكة عوضا عن أبو السعادات ابن ظهيرة وعزل أبو عبد الله التريكي من قضاء المالكية بدمشق واستقر عوضه سالم.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرة رحل ركب المماليك من بركة الحاج وصحبته الشيخان الأمين الاقصرائي والعضد الصيرامي.
وفي يوم الأربعاء حادي عشرية رحل الركب الأول ورحل المحمل عقبه من الغد بعد أن أمطرت السماء عليهم مطرا عظيما.
وفي يوم السبت رابع عشرة لبس الشيخ على المحتسب خلعة الاستمرار كاملية بسمور.
ذو القعدة أوله السبت في يوم السبت خامس عشرة تغير السلطان على العبيد الذين بالقاهرة كون بعضهم هجم على حمام النساء بمنية عقبة وافتاه بعض الفقهاء بأنهم محاربون فصمم وأمر بمسكهم وإبداعهم السجن.
وفي يوم الاثنين سابع عشرة أمر السلطان راجح ابن الرفاعي وجماعه بأنهم لا يفعلون في زواياهم ما لا يجوز كالزمار والطار والشعبية بمقتضى مرسوم سأله فيه أولاد الشيخ عبد القادر الكيلاني وادعوا أنهم ادعوا راجح المذكور عند قاضي الحنابلة وأنه حكم عليهم بذلك.
وفي ليلته توفي المعلم محمد بن حسين الطولوني مهندس السلطان وصلى عليه بسبيل المؤمني وحضر ذلك السلطان.
وفي يوم الاثنين ثانيه لبس العلم البلقيني كاملية بسمور باستمراره على قضاة الشافعية.
وفي يوم الثلاثاء ثالثه توفي الشريف أحمد النعماني.
وفيه ظهر الطاعون بالديار المصرية.
وفي يوم السبت حادي عشرية رسم بالقبض على أسد الدين الكيماوي ونزل الدوادار الثاني دولات باي وجانبك الوالي ونقيب الجيش فاحتاطوا على داره واخذوا موجوده فوجدوا له مائتين واثنين وأربعين دينارا وبعض كتب قليلة بالعجمي والتركي فيما يتعلق بالكيمياء وأربعة قراريط ماس وبعض قماش البدن وحقا فيه بعض حشيش ومعجون وجوز طي وطلع به إلى السلطان فجعل في رقبت جنزير وباشتان ووضع بالبرج وتغيرت الخواطر السلطانية على المحتسب ورسم عليه لكونه هو الذي كان طلع به اللطان ونوه بذكره وقوي على تقريب هذا الكتاب.
وفي يوم الأحد ثاني عشرية وصل مبشر الحاج العلائي علي بن عبد الله التاجر الزردكاش واخبر بان الوقفة كانت يوم الاثنين بعرفات وأن الأسعار متوسطة.
وفيه عقد مجلس بسبب أسد الدين الكيماوي بين يدي السلطان ورأى القاضي الملكي إنه يحبس فطيف به ونودي عليه وحبس بالمقشرة.
وفي يوم الخميس سادس عشرية وصل تمراز البكتمري المؤيدي المصارع نائب القدس كان إلى القاهرة ورسم بإقامته بالقاهرة بطالا.
وفي ليلة السبت ثامن عشرية توفي شيخ الإسلام ابن حجر وفي يوم السبت استقر العلاء القلقشندي في تدريس الحديث بجامع ابن طولون والجلال المحلي في تدريس الفقه بالمؤيدية والعلم البلقيني في تدريس الصالحية بقبة البيبرسية كل ذلك عوضا عن ابن حجر بحكم موته.
وفيه عقد مجلس بالعلماء والقضاة بسبب أسد الدين الكيماوي بحضرة السلطان وادعى عليه بأمور منها إنه دري وأنه ينكر البعث فقال قاضي المالكية مذهبي يقبل توبته فانتدب إليه شخصا من عقلاء المالكية يقال له الشمس الديسطي المالكي وقال المذهب أن زنديق وساعده على ذلك أبو الفضل المغربي والشيخ أحمد الأدبي وغرهما وأوسع أبو الفضل الكلام في ذلك وقال أن أذن له بالكم فعل فأذن له المالكي والسلطان ونزل الجميع إلى الصالحية فلم يفعل في ذلك سنة اليوم شيء.

سنة ثلاث وخمسين وثماني مائة

استهلت وأرباب الدولة كما تقدم إلا ما ذكرناه في وقته المحرم أوله الاثنين في يوم الثلاثاء تاسعه شكا تمراز نائب القدس كان على الأمين عبد الرحمان ابن الدبري إلى السلطان وادعى إنه أثار فتنة بالقدس حصل بسببها قتال وقتل من مماليك تمراز شخص وأن ابن الديري نادي بغلق المسجد الأقصى وبالجهاد في تمراز وأنه كافر فاستشاط السلطان من ذلك وأمر بوضع الجنزير في رقبة ابن الدبري وإرساله إلى حبس المقشرة فوضع في رقبته الجنزير وذهب به فشفع به وقلع الجنزير من رقبته عند باب الجامع الذي بالقلعة وأمر بحمله وخصمه للقاضي المالكي فحملا إليه.
ضربت رقبة الكيماوي بمقتضى إنه ثبت عند الشمس محمد الديسطي المالكي زندقته ثم الحق في الإسجال بعد إنه ثبت عنده إنه ملحد كاذب قلت وقتله كان من أكبر المصالح فان سيرته عند الأعاجم قبيحة لأمور ارتكبها بتلك البلاد ووقع له أيضا مع ألوغ بك بن شاه رخ ما كان فيه ذهاب روحه لكن منيته لم تكن إلا بمصر وقد عظم قتله على خلائف من الناس ممن لا يعرف حقيقة أمره وزعما أن بعد قتله وقع الوباء والغلاء والشراقي وهذه الآفات وليس كذلك وكلما تراه بقدر مقدور.
وفيه جاوز تعرف الأموات المائة كل يوم وفي يوم الأحد رابع عشرة توفي شهاب الدين الهيتي أحد الطلبة.
وفي يوم الاثنين خامس عشرة توفي شهاب الدين المسطيهي أحد نواب الحكم.
وبلغ التعريف في هذا اليوم مائة وستة عشر وجاوزت مصلاة باب النصر وحدهما مائة والتعريف لا عبرة به أيام الطاعون وفي المحرم يوم الثلاثاء سادس عشرة بلغ التعريف مائة وأربعة عشر وفي الذي يليه مائة واثنين وثمانين.
وفي يوم الجمعة تاسع عشرة وصل ركب المماليك المجاورين إلى القاهرة وفي يوم السبت عشرية دخل الركب الأول من الحاج القاهرة وأميرة قائم التجر ثم دخل من الغد ركب المحمل وأميره سونجيغا اليونسي الناصري وكلاهما أمير عشرة.
صفر أوله الأربعاء فيه عظم الطاعون بالديار المصرية فكان عدة من يموت فيه زيادة على ألف تقريبا ولا عبرة بمن يرد منهم الديوان فان غالب الناس إذا اشتد الطاعون لا يطلقون أمواتهم بل يأخذون من توابيت الأوقاف فلهذا كون التعريف في الوباء لا عبرة به وفي يوم الأربعاء هذا توفي سيدي أحمد ولد السلطان وفي يوم الخميس ثانيه توفي العلاء الكرماني شيخ سعيد السعداء وفي يوم الاثنين سادسه توفي الشريف حسن بن على المعزول عن نقابة الأشراف والبرهان إبراهيم بن ظهير ناظر الإسطبل ودفن من الغد وفي أول هذا الشهر توفي الشريف علي بن حسن بن علان المعزول عن إمرة مكة بثغر دمياط وورد الخبر بموته في يوم الجمعة عاشرة وفي يوم الجمعة المذكورة توفي أمير سلاح ودفن من الغد كما سيأتي في الوفيات وفي يوم سنة سمه لسبت حادي عشرة توفي جماعة من الأعيان وهم ابنة السلطان التساعية شقيقة أحمد الماضي قريبا وابنه الخليفة المستكفي بالله والناصري محمد بن طوغان الحسنى الدوادار في الدولة الناصرية المؤيدية وخازندار الكمال ابن البارزي فكان هذا اليوم من الأيام المهولة تحير فيه أعيان الدولة إلى أي جناز تتوجه.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرة توفي البدر ابن التنسي قاضي المالكية بمصر.
وفي يوم الأربعاء خامس عشرة توفي ازبك الساقي الظاهري جقمق وحر السلطان الصلاة عليه اينال اليشكي كما سيأتي في الوفيات.
وفي يوم الجمعة سابع عشرة توفي كل من الولي أبي الدين محمد ابن قاسم وإسماعيل بن عمر الهواري بالقاهرة.
وفي يوم السبت ثامن عشرة توفي سيدي محمد ابن السلطان الخماسي وأمه أم ولد وقرا قجا الحسنى أمير آخور كبير ثم توفي ولده وكان يقارب عشرين في يومه فأخر أبوه حتى أخرجت جنازتهما من الغد معا وكثر الاسق عليهما.

وفي يوم الأحد توفي جانم الظاهري جقمق الدوادار المعروف بجانم خمسمائة وخوند فاطمة ابنة السلطان الخماسية وأمها أم ولد وفي يوم الاثنين عشرة تناقص الطاعون ناقصا ظاهرا بل كان تناقص قبل ذلك بأيام ولكن فشا فيه النقص ومع ذلك فيموت كل يوم خلائق نسأل الله الموت على الإسلام وفي ليلة الاثنين عشرية توفي الشريف أبو القسم بن حسن ابن عجلان المعزول عن إمرة مكة قبل وأخت السلطان القادمة عليه من جركس في أوائل السن الماضية أو التي قبلها وفي يوم الثلاثاء حادي عشرية توفيت زوجة السلطان الصلاة عليها وفي يوم الأربعاء ثاني عشرية توفي سيدي محمد ولد السلطان السداسي وأمه أيضا أم ولد وبختك الناصري أحد أمراء العشرات.
وفي يوم الأحد سادس عشرية توفي السيفي بردبك الخاصكي الظاهري جقمق عرف بأنني عشر والست اردباص الجاركسية زوجة تمراز أمير سلاح المتوفى قريبا والشيخ المعتقد الشمس محمد بن عبد الرحمن ابن سلطان.
وفي ثامن عشرية استقر الشمس محمد بن عامر أحد نواب المالكية في قضاء إسكندرية عوضا عن الولي ورسم السلطان بنفي قشتم الناصري كاشف البحيرة إلى القدس وبنفي اينال الساقي الظاهري عرف بخوند إلى طرابلس لكونه ضرب فرجا كاتب المماليك ضربا مبرحا وفي يوم الأربعاء تاسع عشرية توفي تمرباص التمربغاوي رأس نوبة النوب وزوجة الكمال ابن البارزي وهي ابنة الأمير ناصر الدين محمد ابن العطار وكانت من خيار نساء عصرها دينا وعبادة وبرا رحمها الله ومحمد بن الزيني عبد الباسط وسنه نحو العشرين سنة مخمينا وهو ثالث ولد مات لأبيه في هذا الباء.
في يوم الجمعة ثانيه خرجت تجريدة إلى البحيرة ومقدمهم جرباش كرد وصحبته خمسة أمراء أخر وفيه توفيت الست سارة ابنة الاتابك اقبغا التمرازي زوجة المقام الناصري محمد بن الظاهر جقمق وامها كريمتي وصلى عليها السلطان من الغد بمصلى المؤمني رحمها الله.
وأنعم بأقطاع تمرباص على بيغوت نائب حماة واكتب بإحضاره ثم تغير بعد أيام.
وفي يوم الثلاثاء سادسه توفي الزيني عبد الرحمان بن عبد الرحيم ابن الحاجب.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرة عزل تمراز عن نيابة القدس وأعيد نائبها خشقدم العبد الرحماني.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرة توفي الشهابي أحمد بن البدر ابن مزهر.
وفي هذه الأيام قل الطاعون بالقاهرة وكثر بضواحيها.
وفي يوم الأربعاء رابع عشرة ايدكي الظاهري جقمق الدوادارز وفي يوم الاثنين تاسع عشرة نفي جانك المعروف بشيخ البجمقدار إلى حلب.
وفي يوم الخميس سابعه ليس الكمال ابن البارزي كاتب السر كاملية سمور خلعة الاستدار وقيد له فرس بسرج ذهب وكنبوش زركش.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرة ورد الخبر بموت خشقدم نائب القدس واستقر عوضة في نيابة القدس مبارك شاه السيفي سودون من عبد الرحمان أحد أمراء دمشق وفيه لبس العلاء ابن اقبرس كاملية الاستمرار في الحسبة على مال بذله للخزانة واستقر فارس السيفي جار قطلو المعزول قبل عن قطيا في اتابكية غزة عوضا عن تمراز الاشرفي بحكم القبض عليه.
وفي يوم الأربعاء سابع عشرية عقد مجلس بالشافعي وجماعة من الفقهاء الشافعية بسبب ابن اقبرس.
وفي هذا الشهر ترادفت الأخبار من بلاد حلب بان أهلها في رجيف عظيم بسبب جهان كبر بن علي بك بن قرا يلك وكثر كلام العامة في ذلك ولهج الناس بسفر السلطان للبلاد الشامية.
فإن القمح بيع بثلاثمائة والقول بما يقاربه والشعير بدينار وزاد ثمن الدقيق على مائةٍ البطة.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشرة رسم السلطان بمسك الشيخ على المحتسب كان ونفيه فرسم عليه إلى آخر النهار ثم افرج عنه وعن نائبه العز عبد العزيز الانبابي بعد عمل المصلحة.

عزل البلقيني لكون ابن اسحق أحد نوابه بمصر القديمة حكم بزوجية امرأة مات عنها زوجها بعد أن أطلقها في مرض موته واتصل بالعلاء أن اقبرس أنها بائنة منه بعد أن أقيمت البين عنده إنه مات وهي في عصمته ثم حضرت بينة أخرى وقيل أنها هي البينة المشار إليها بعينها عند ابن إسحاق بأنه طلقها قبل موته فحكم بأنها في عصمته فبلغ الخبر السلطان فطلب ابن إسحاق بأنه طلقها قبل موته فحكم بأنها في عصمته فبلغ الخبر السلطان فطلب ابن إسحاق وضربه ضربا مبرحا وحبسه بالمقشرة ثم عزل أستاذه ولهج بتوليه الجلال المحلي فقال لا اقبل إلا بشروط منها آني لا أتكلم في الأوقاف ولا أولى قضاة الريف وظهر تمنعه فعند ذلك تكلم أرباب الدولة في إعادة القاضي فأجاب وخلع عليه من الغد باستمراره.
جمادى الآخرة أوله الثلاثاء فيه لبس القاضي علم الدين خلعة الاستمرار كما تقدم.
واستهل الشهر وقد انحطت الأسعار يسيرا فأبيع القمح بمائتين وتسعين والقول بمائتين وأربعين والشعير بمائة وستين هذا مع أن زيادة البحر في هذا العام انقص من الماضي هذا الوقت بعدة أصابع وفي يوم الخميس ثالثه عين السلطان تمراز من بكتمر المؤيدي المصارع المعزول قبل عن نيابة القدس إلى سفر الوجه القبلي وصحبته عدة من المماليك السلطانية.
وفي يوم الخميس رابع عشرة ندب السلطان الدوادار لثاني تمربغا للتوجه إلى البحيرة للأمراء المجردين وعلى يده مرسوم بالإفراج عن الممسوكين من عرب محارب بعد أن توغر خاطر السلطان على الأمراء لقبضهم عليهم فأنهم كانوا ضروا إلى السلطان في غيبة الأمراء وأمنهم وخلع عليهم فلما توجهوا إلى البحيرة وقابلوا الأمراء قبضوا عليهم لما رأوه من المصلحة في القبض عليهم.
وفي يوم الجمعة خامس عشرية قدم تمربغا من البحيرة بعد إطلاق من توجه بسببهم.
وتزاحموا على حوانيت الخبازين ونهب العامة الخبز من الدكاكين وعظم الأمر حتى بيعت البطة من الدقيق بمائة وخمسة وثلاثين الإردب والقمح بنحو أربعمائة فلله الأمر من قبل ومن بعد وأن يوم الخميس المذكور يوم الحادي والعشرين من مسري.
وفي يوم الأحد سابع عشرية قدم أخو السلطان من بلاد الجاركس وكان قدم قبل هذا التاريخ مرة أخرى في الدولة الأشرفية وهو قبيح المنظرة ونفسه أخبت من منظره.
وفي يوم الاثنين ثامن عشرية وصل قراجا العمري وإلى القاهرة كان من دمشق.
ونودي بزيادة أربعة أصابع فكمل النقص باثنين منها فبقي من الوفاء ستة أصابع في يوم الثلاثاء ويوافقه السادس والعشرون من مسرى وهو شيء لم يعهد مثله إلا نادرا وفي يوم الأربعاء سلخه وهو موافق لسابع عشري مسري وفي النيل ستة عشر ذراعا وإصبعين من السابع عشر فسر الناس بذلك غاية السرور ونزل المقام الفخري ابن السلطان فعدي النيل وخلق المقياس ثم عاد وفتح خليج السد على العادة فكان يوما مسهودا ولقد احسن سبط الملك الحافظ حيث يقول في هذا المعنى )الكامل(.
جَبَرَ الْخَليجَ بِكَسْرَ الْوَرَى ... طُراُّ فَكُلُّ قَدْ غَدَا مَسْرُوراَ
الَمَاءُ سُلْطَانْ فَكَيْفَ تَوَاتَرَتْ ... عَنْهُ البَشائِر إذ غَدَا مَكْسُورا
رجب أوله الخميس فيه زاد البحر خمسة أصابع فتزايد سرور الناس أعظم من أمسه وقدم جانبك شاد جدة إلى السلطان تقدمته وكان أبو الخير النحاس أغر خاطره السلطان منه بما ليس لغالبه حقيقة فأمر بالترسيم عليه وآل أمره إلى أن يزن ما يزيد على ثلاثين ألف دينار.
وفي يوم الجمعة ثانيه نودي على البحر بزيادة ثمانية أصابع فكمل بها خمسة عشر إصبعا من الذراع السابع عشر فلله الحمد ومع هذا فسعر القمح أزيد من أربعمائة والبطة الدقيق بمائة وخمسين فما دونها.

وفي يوم السبت عاشرة أمر السلطان بنفي القاضي علم الدين البلقيني إلى القدس فتكلم فيه بعض أعيان الدولة فرسم بإقامته ببيته بطالا ثم بعد ذلك أمر بالترسيم عليه ونفيه إلى طرسوس فشفع فيه فرسم بتوجهه إلى القدس وأخذ في عمل مصالحة وسألني بعض الأعيان فيما يبني وبينه إذ ذاك أسمعتم أن قاضي قضاة نفى إلى طرسوس فقلت له ما نعلم إلا أنهم يحبسون بالمقشرة مع أرباب الجرائم وعنيت السفطي بذلك فضحك الحاضرون قلت وزماننا هذا لا ينكر فيه ما يفعل بالقضاة وغيرهم فان السلطان نصره الله جعل نفسه والقضاة الأربعة هنداسة لمن يريد الثناء عليه من الأطراف الأوباش أو المماليك الأجلاء أو نحوهم فيقول هذا خير مني ومن القضاة الأربعة وربما يكون ذلك بحضرتهم فحينئذ لا ينكر ما يفعله السلطان بهم ولا بغيرهم.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرة سافر قراجا العمري إلى القدس على ولايته وكان استقر في نيابته قبل بأيام قلائل مسؤولا في ذلك عوضا عن مبارك شاه السيفي سودون من عبد الرحمان وتوفي سودون المحمدي اتمكجي أمير آخور ثاني.
ثم في ثاني عشر رجب رسم للعلاء القلقشندي أن يستقر في تدريس الخشابية عوضا عن العلم أيضا فقبل في المجلس ثم استعفى بعد نزوله لعلمه أن لها بأيدي البلاقنة نحو ستين سنة.
ثم في خامس عشر رسم للعلم البلقيني بعم السفر إلى القدس وإقامته ببيته بطالا.
والسبب في ذلك إنه لما وصل إليها أخرج السلطان مرسوما بأنه يجلس فوق أمرائها ما عدا اتابكها خيربك المؤيد فشق ذلك عليهم وكاتب نائبها جلبان السلطان في ذلك فأنكر السلطان وقوع ذلك ونهر الكمال كاتب السر وأوسعه سبا والظاهر أن الزيني كان زاد فيه ما يليق بخاطره والله أعلم.
وفي يوم الست رابع عشرينه ورد الخبر بأن قراجا نائب القدس اعترضه في توجهه إلى القدس بيبرس بن بقر شيخ العربان بالشرقية وقد انهزم من هلبا سويد الخارجين عن الطاعة فتجده قراجا وقاتل عه فكان الظفر لهما بعد مقتلة عظيمة وقتلا منه جماعة كثرين وقبض على نحو الثمانين فيما قيل فلما بلغ السلطان الخبر ندب جانبك شاد جدة إلى إحضار الممسوكين إلى القاهرة بعد تسميرهم على الجمال.
وفيه حضر سنقر العائق من البحيرة فخلع عليه بالأخورية الثالثة وكانت عينت له في غيبته كما تقدم.
وفرح العامة بتوليته لأنه كان في أمس يوم وقع لأبي الخير ما حكيناه أمر بالنداء بأنه يوم السبت يبيع القمح بدينار بعد شونته بساحل بولاق وباع منها وكذب في السعر فأنه باع بخمسمائة لكن استفاد الناس عدم التحجير لكون ابن اسكندر كان د حجر في البيع إلا بإفراج منه للبائع وصار فيم قيل يشتري القمح بسعر ثم يبيعه بسعر أخر أزيد من الأول حتى أن بعض الناس اشترى قحا بغير أذنه فضربه وشهره ونادي عليه هذا جزاء وأقل جزاء من يشتري القمح قلت إلى غير ذلك من هذا جزاء وأقل جزاء من يشتري القمح قلت إلى غير ذلك من هذا النموذج.
وفي يوم الاثنين ثالثه وصل خيربك المؤيدي أحد العشرات بمن شعبان معه من بلاد الصعيد ووصل نوكار الحاج من حلب.
وفي يوم الخميس سابعه سابعه حضر إلى القاهرة جانبك شاد جدة وعبد الله كاشف الشرقية وصحبتهما العرب المسموكون نحو ثمانين نفسا مسمرين على جمالٍ تسمير سلامة فأمر السلطان بحبسهم بالمقشرة ولما رأيتهم سألت شخصا اسمه دمرداش كان ولي السرقية قبل تاريخه ما هؤلاء فقال باعة الرطب بقطيا انتهى.
وكانت انتهاء زيادة النيل في هذه السنة ثلاثة أصابع من الذراع التاسع عشر وذلك في يوم الأربعاء سادس شعبان الموافق له سابع عشرون توت.
وفي يوم الخميس ثامن عشرية ورد الخبر من الشام بموت بيسق اليشبكي نائب قلعة دمشق.
رمضان أوله الأحد أهل والناس في جهد وبلاء من تزايد الأسعار في كل ما يؤكل خصوصا القمح فأنه أبيع بستمائة والفول بخمسمائة والشعير بأربعمائة والدقيق بنحو مائتين البطة وكل شيء تزايد شعره أضعاف ما كان عليه وعز وجود اللحم إلا بجهد هذا والموافق لهذا الشهر من شهور القبط بابة وابن الناس من الحصاد.
وفي يوم الجمعة ويوافقه سادس عشري بابة لبس السلطان الصوف الملون برسم الشتاء ولبس الأمراء على العادة.

وفي يوم السبت سابعه عزل قاضي القضاة سعد ابن الدبري الحنفي نفسه عن القضاء بسبب حمام السفطي وما وقع له فيها من الحكم السابق وأظهر قاسم الاشف صاحب الحمام حكم بعض قضاة الريف بما ينقض حكم سعد الدين والسلطان ظاهر الميل مع هذا القاضي فلما تبين ذلك للقاضي سعد الدين عزل نفسه وصمم على عدم الولاء وسئل في العود فلم يقبل فلما كان في يوم السبت رابع عشرة أعيد القاضي إلى وظيفة القضاء على عادته بعد تمنع زائد.
وفيه خرج اسنبغا الطياري رأس نوبة النوب وجرباش كرد إلى البحيرة لقتال العربان العاصين.
وفي يوم الثلاثاء سابع عشرة ورد الخبر بموت شمس الدين الحمي ناظر القدس.
شوال أوله الثلاثاء وفي يوم السبت خامسه عزل الجمال يوسف الباعوني عن قضاء الشافعية بدمشق ورسم السلطان للنويري قاضي طرابلس به فعارضه المال كاتب السر وقال هذا رجل جاهل لا يصلح لقضاء دمشق فقال السلطان قاضي حلب فأعاد الكمال قوله بان ليهما لا يصلح لدمشق فقال السلطان نولي الشيخ علاء الدين القلقشندي فقال الجماني ناظر الخاص لا يرضي فقال له نغضبه عليه وخشن في القول فلما نزل الكمال سأل العلاء في ذلك فأمتنع بالكلية ورد الجواب على السلطان بذلك فرسم باستقرار السراج الحمصي وكان يومئذ شيخ الصلاحية القدسية.
وفي يوم السبت ثاني عشرة قبض السلطان على النجم أيوب بن بدر الدين حسن بن ناصر الدين محمد الشهير بابن بشارة مقدم العشير ببلاد صيداء وحبسه بالبرج من القلعة.
وحج في هذه السنة طوخ بيني بارق بيني بموحدة مضمونة ثم تحتانية ساكنة بعدها نون رقبته وبازق بموحدة وزاي مكسورة ثم قاف والشهابي احمد بن ينال العلائي وسافر فيروز وفي وظيفته أقوال وقدرة في انحطاط لأن العادة أن نقادة وهي من جملة أوقاف الخدام بالمدينة الشريفة تكون تحت نظر الزمام فأعلم السلطان قبل هذه الأيام بعدم متحصلها في هذه السنة فقال له انفق من عندك ثم خذ مما يتحصل في المستقبل ثم أمر أبا الخير النحاس بالتحدث فيها فقال أبو الخير أن شرط النظر فيها لمن يكون زماما فقال قد وليتك زماما فأشار أبو الخير بيده أن له ذكرا فقال ولو كانا اثنين قد ولتك فما أمكنه إلا أن نزل وصر الحمل من عنده وهو نحو ثلاثة آلاف دينار وذا كان مقصود السلطان ولو انقلبت الدنيا ظهرا لبطن ولو أراد أبو الخير إذ ذاك الزمامية لوليها.
وفي يوم الاثنين ثمن عشرية وصل إلى القاهرة اسنبغا الطياري رأس نوة النوب وجرباش كرد من تجريده البحيرة وعزل ابن عامر عن قضاء الإسكندرية بشخص يعرف بالمحلي شافعي المذهب وعادتها أن يكون مالكيا فخالف السلطان العادة لوصول النتج الكبير إليه وعزل يشبك من جانبك المؤيدي الصوفي عن نيابة طرابلس لشكوى لعلها منه لكثرة ظلمه وسوء سيرته ثم أعيد من الغد إليها.
ذو القعدة أوله الأربعاء في يوم السبت رابعه عزل يشبك الصوفي ثانيا عن نيابة طرابلس ثم أعيد أيضا وفي إعادته أقوال.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرة أعيد الجمال الباعوني إلى قاء الشافعية بدمشق.
وفي يوم الخميس سادس عشرة خلع السلطان على الأمير حسن بك ابن سالم الدوكاري بنيابة حمص بعد عزل بردبك السيفي سودون من عبد الرحمان توفي الشرف يحيى ابن العطار ودفن من الغد.
ذو الحجة أوله الخميس في يوم الجمعة ثانيه عقد السلطان عقد على ابنة كرتباص أمير بلاد الجاركس الواصل إلى القاهرة قبل تاريخه وصحبته ابنته المذكورة فأسلما واختتن أبوها وحسن إسلامه على ما قيل وبني بها السلطان في ليلته وأزال بكارتها وكان أنعم على ولده الفخري عثمان بوصيفة فأزال أيضا بكارتها في الليلة المذكورة وبشر السلطان بذلك فأنعم على من بشره بمائتي دينار لسروره بولده وفي يوم لسبت ثالثه استقر عبد العزيز بن محمد لصغير أمير أخور من جملة الحجاب بالقاهرة بعد أن قدم عدة خيول.

وفيه رسم بعزل الشهاب الزري عن قضاء الشافعية بطرابلس واستقر البرهان السوييني عوضه ورسم له بالكشف ع يشبك الوفي المعزول عن نيابتها وفيه رسم بالقبض على قراجا العمري نائب القدس وتوجهه لدمشق بطالا وأعيد مبارك شاه العبد الرحماني إلى نيابة واستمر علان جلق على حجوييته بسفارة كاتب السر ابن البارزي فأنه أعلم السلطان بان المحاضر التي وردت من علان تتضمن أن التشاجر الذي وقع بينه وبن النائب إنما هو بسبب إزالته المنكرات من حلب وأمره بالمعروف فمجرد أن سمع السلطان ذلك أعاده.
وفي يوم الأربعاء رابع عشرة وقف إلى السلطان جماعة من أل المعرة يشكون على كل من الصارمي إبراهيم بن يبغوت نائب حماة وابن العجيل وانهوا عنها أشياء قبيحة أوجبت تغيره عليهما فندب السيفي جانم الساقي الظاهري إلى حماة بطلب كل منهما وفي رقبته جنزير فسافر يوم الجمعة بعد الصلاة وفي ظن كل أحد أن يبغوت يخرج عن الطاعة ولا يرسل بولده على هذه الهيئة.
وفيه وصل البدري حسن ابن المزلق ناظر جيش دمشق بعد أن كشف من بلاد صيداء عن أمر النجم أيوب بن بشارة المقبوض قبل واحضر صحبته عدة محاضر تتضمن عظائم في حق المذكور منها إنه تزوج بثماني نسوة وانه قتل بيده جماعة وأمر بقتل سع وعشرين نفسا واستولى في مدة مباشرته وهي نحو من أربع سنين على مائتي ألف دينار وسبعة عشر ألف دينار وأربعمائة دينار وأشياء من هذا النمط يطول شرحها.
وفي يوم الخميس ثاني عشرية خلع على قشتم الناصري الواصل من القدس قبل باستقراره في كشف الوجه البحري على عادته بعد عزل محمد الصغير.
وفي يوم السبت رابع عشرية قدم مملوك قاتباي الحمزاوي نائب حلب ومملوك علان حاجبها وتمثلا بين يدي السلطان وتفاوضا في الكلام وكل منهما يتكلم عن أستاذه قال السلطان إلى النائب.
وفيه وصل مبشر الحاج ايدكي الاشرفي واخبر بموت الشريف سراج الدين عبد اللطيف قاضي الحنابلة بمكة وبموت قاضي الشافعية بها الخطيب أبي اليمن النويري وبسلامة الحاج والرخاء الزائد وهو في هذه الأيام من الغرائب لغلو الأسعار بالديار المصرية فقد كان السعر بها في العام الماضي الإردب من القمح بمائة وعشرين ومن الفول بثمانين وبطة الدقيق العلامة بأربعين ومع ذلك بيع بدينار وهذا العام بالعكس الأسعار بالقاهرة مرتفعة بحيث أن الإردب من القمح بنحو ثلاثمائة ومن القول خمسمائة وبطة الدقيق بمائتين وخمسين مع قلته بل لا يوجد إلا بعسر زائد ومع ذلك بيع المحمل الدقيق بمكة بسعر العام الماضي وأما الفول فكل أربع ويبات بدينار وكان الظن بخلاف ذلك.
وفي رسم بتوسيط ثلاثة مشايخ العربان بالبحيرة فوسطوا في الحال وهم إسماعيل بن زائد ورحاب وشقر وكانوا في السجن بالقلعة وأنعم بإمرة جانبك المتنقل إلى الحجوبية بدمشق وهي تقدمة ألف بدمشق على بردبك العجمي المعزول قبل ع نيابة حماة المقيم بدمياط بطالا.
وكذا كان الفراغ من تجديد سبيل ابن قائماز خارج القاهر وشرع الجمالي ناظر الخاص في حفر بئر تكون منهلا للحاج بمنزلة البويب ثاني منازل الحاج.

سنة أربع وخمسين وثمانمائة
استهلت هذه السنة والخلفة المستكفي بالله أبو الربيع سليمان والسلطان الظاهر أبو سعيد جقمق والقضاة المناوي والحنفي ابن الديري والمالكي السنباطي والحنبلي البدر البغدادي وهو في الحجاز والأير الكبير اينال الناصري وأمير سلاح جرباش قاشوق وهو أيضا في الحجاز وأمير مجلس تنم المؤيدي وأمير أخور كبير قاتباي الركسي وحاجب الحجاب تنبك البردبكي ورأس نوبة النوب اسنبغا الطياري والدوادار الكبير دولات باي المحمودي ومقدمو الألوف المقام الفخري عثمان ابن السلطان وطوخ من تمراز الناصري والشهاب أحمد بن علي بن اينال والطنبغا اللفاف الظاهري وجرباش كرد وشاد الشربخاناة يونس السيفي اقباص نائب الشام والزردكاش تغري برمش السيفي يشبك بن ازدمر وكلاهما طبلخاناة والخازندار قراجا الظاهري ونائب القلعة يونس العلائي الناصري وكلاهما أمير عشرة والزمام والخازندار الطواشي فيروز النوزوزي وهو أمير حاج المحمل في هذه السنة ومقدم المماليك جوهر النوروزي ونائبه مرجان العادلي المحمودي.

ومبشرو الدولة كاتب السر الكمال ابن البارزي وناظر الجيش المحب ابن الأشقر والوزير الأمين ابن الهيصم والاستادار الزيني قريب ابن أبي الفرج وناظر الخاص الجمال ابن كاتب جكم.
وملوك الأقطار ونواب البلاد وغيرهما فكة الشريف بركات بن حسن ابن علا والمدينة الشريف اميان بن مانع بن علي الحسيني والينبع الشريف هلمان.
نواب البلاد الشامية فدمشق جلبان أمير آخور وحلب قاتباي الحمزاوي وطرابلس يشبك النوروزي وهو إلى الآن لم يدخلهاه وحماة بيغوت الاعرج المؤيدي وصفد يشبك الحمزاوي وغزة خيربك النوروزي والكرك حاج اينال الحكمي والقدس مبارك شاه العبد الرحماني وهو إلى الآن بدمشق وملطية جانبك الجكمي والإسكندرية برسباي البجاسي.
وممالك العجم وجغتاي صاحب سمرقند وغيرهما من ممالك العجم الوغ بك بن شاه رخ بن تيمورلنك ملك البلاد بع وفاة أبيه شاه رخ وأجلي أولاد أخيه باي سنقر إلى أطراف العجم وهم علاء الدولة وبابر ومحمد وملك محمد بعض البلاد من العجم واستوطنها بالبعد عن ألوغ بك أيضا وصاحب تبريز وبغداد والسلطانية وغيرهما جهان شاه بن قرا يوسف بن قرا محمد التركماني وديار بكر مع أولاد قرا يلك وأعظمهم جهان كبير بن علي بك بن قرا يلك وصاحب برصا واذرنابولي وغيرهما من بلاد الروم خوند كار مراد بك بن محمد كرهجي بن يلدريم بايزيد بن مراد بن أرن خان بن أردن على بن عثمان بن سليمان ابن عثمان وبجانب من بلاد الروم اسفنديار بن أبي يزيد وببلاد قرمان إبراهيم ابن قرمان ونائب ابلستين سليمان بن ناصر الدين بك محمد بن دلغادر وممالك الغرب صاحب تونس وبجاية وسائر بلاد أفريقية السلطان أبو عمرو بن أبي عبد الله محمد بن أبي فارس عبد العزيز بن أبي العباس أحمد الحفصي المغربي وممالك الفرنج سبعة عشر ملكا يطول الشرح بذكرهم وببلاد الحبشة الحظي الكافر ومحاربة سعد الدين صاحب جبرت نصر الله.
دخلت هذه السنة والسعر فيه الإردب من القمح بثماني مائة درهم فما دونها والشعير كذلك وهو قليل الوجود والبطة من الدقيق العلامة مائتين وسبعين فما دونها والرطل من الخبز بستة لكنه كثير الوجود يومئذ وكان قبل تاريخه ييسير عزيز الوجود ثم إنه كثر على الدكاكين ولله الحمد.
وفيه خلع السلطان علي محمد بن توقان بن محمد باستقراره في إمرة آل فضل عوضا عن ابن عمه العجل بن قرقاس بن حسن بن نعير بحكم عزله.
وفي يوم الاثنين عاشره ول أقبردي الساقي الظاهر نائب قلعة حلب إلى القاهرة وتمثل بين يدي السلطان ثم نزل بالميدان.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرة وصل الزيني عبد الباسط من الحجاز الشريف وطلع إلى القلعة فقبل الأرض وخلع عليه كاملية صوف أبيض بفرو وسمور بمقلب سمور ونزل إلى داره ومعه وجوه الدولة ومجيء على النجب وقد خلف جرباش قاشق وقاضي الحنابلة البغدادي بالعقبة وكان سفر الجميع من مكة بعد قضاء المناسك ولم يصلوا إلى المدينة الشريفة لكونهم زاروا في توجههم ولهذا وصلوا القاهرة في هذا التاريخ.
وفي يوم الجمعة حادي عشرية وصل إلى القاهرة ركب كثير من الحاج المجاورين بمكة من المماليك وغيرهم.
وفي يوم السبت ثاني عشرية وصل جانم الساقي الظاهري من حماة وصحبته إبراهيم بن بيغوت المؤيد الأعرج نائب حماة وابن العجيل شيخ المعرة وكلاهما في الحديد فأوقفهم جانم بين يدي السلطان وحر في الحال الشكاة عليهما فسمع السلطان المطالعة الذي مع جان من نائب حماة ثم أمر بحبسهما في البرج بالقلعة ولم يسمع عليهما دعوى الشكا بل طي خاطر الشكاة بقوله قد حضر غرماؤكم ثم قام من وقته ودخل الدهيشة.
وفي يوم الأحد ثال عشرية وصل الركب الأول من الحاج وأميره تمربغا الظاهري الدوادار الثاني كما تقدم وصحبته طوخ من تمراز الناصري أحد مقدمي الألوف وقاي الحنابلة البدر البغدادي.
وفي يوم الاثنين راع عشرية وصل الأمير حاج المحمل الطواشي فيروز الزمام الخازندار ببقية الحاج.
وفي يوم الأربعاء سادس عشرية أنعم السلطان على الغرسي خليل ابن شاهين الشيخي أحد مقدمي دمشق بإمرة عشرين زيادة على ما بيده من الإمرة.
وفي يوم السبت تاسع عشرية توفي كافور الهندي الطواشي رأس نوبة الجمدارية، وساقٍ خاص كان قبل تاريخه.

وفيه ولبس عد العزيز بن محمد الصغير شاد السلطانية عوضا عن جانبك اليشبكي وإلى القاهرة فصار أمير آخور وحاجا وشاد الدواوين وهو شيء لم نعهد مثله بل كل واحدة منها مستقلة بذاتها ومنزلتها معروفة كما وضعه الملوك الأوائل.
وفي يوم السبت سادسه توف التاجر داود المغربي.
وفي يوم الخميس حادي عشرة حبس الشمس محمد الديسطي المالكي بحبس الدلم بسبب دعوى القاضي ناصر الدين ابن المخلطة المالكي عليه مجلس القاضي ابن الديري الحنفي إنه قال أنا نست مثل ابن المخلطة أتناول الرشي ونحو هذا الكلام فأقيمت البينة بذلك فحبس.
وفيه رسم بكتابة توقيع الشمس محمد بن سعيد بقضاء الحنابلة بمكة عوضا عن الشريف سراج الدين بحكم وفاته.
ورسم للوالي أن يضرب العبد المعتقد سعدان عبد قاسم لموذي الكاشف ويشهره ثم يودعه المقشرة ففعل وحكاية هذا العبد غريبة وهي إنه لما مات أستاذه المذكور في أوائل هذه السنة خلف موجودا وأموالا وأولادا لصلبه فأراد الزيني الاستدار الاحتياط على موجوده على عادة أمثاله فنهاه هذا العبد وأفحش عليه في القول على طريقة الفقراء الأحمدية وأمعن في ذلك وصعد إلى مقعد لاستادار واختلفت الأقاويل في مقالته له فمنهم من قال سبه ومنهم من قال رمي بعمامته عن رأسه والمقصود أن الاستادار رام الترسيم عليه فتقدم إليه الرسول وأراد مسكه فلم يستطع الحركة فيما قيل لكوني لم انقل ذلك عن من أثق به فلما سمع الزيني ذلك رد ما كان أخذه لأستاذه وتوجه هذا العبد إلى بيت أستاذه وأقام به وقد شاع ذكره بالقاهرة وتحاكي الناس هذه الحادثة بزيادة ونوه العوام بذكره في الطرقات حتى صار كل أحد يلهج بذكره فقصده الناس من كل فج للزيارة ولتماس بركته وردد إليه الناس فوجاً فوجا وعظم ذلك حتى صار لا يتصل إليه أحد إلا بعد جهد كبير من كثرة الخلائق وافتتن الناس به ثم صار يحتجب عنهم فلا يصل إليه إلا من له شوكة أو هو من أعيان الدولة وبقيت الحارة التي هو بها تشبه بعض المقترحات من كثرة الخلائق والباعة والمتنزهين والزوار واستمر ذلك أزيد من عشرة أيام وأمره في نمو وزيادة وزاره جماعة من أكابر الأمراء وأعيان الدولة وقصده ذوو العاهات وأرباب الأمراض المزمنة وكثر الكلام فيهم ما وقع لهم معه إلى أن بلغ السلطان أمره فأمر كلا من والى القاهرة وحاجب الحجاب تنبك بضربه وحبسه فلما دخلا عليه جبن تنبك عن ضربه ولم يجسر عليه وبلغ ذلك السلطان فنفاه إلى ثغر دمياط بطالا وتولى وخشقدم الطواشي ضربه وحبسه وتوجه تنبك للثغر من الغد ومسفره جانبك اليشبكي الوالي فلما حبس العبد أصبح الوالي من الغد فوجد على باب السجن خلائق ممن له اعتقاد فيه فضرب بعضهم وحبس بعضهم.

وفي يوم السبت ثالث عشرة أفرج عن الشمس الديسطي من حبس الديلم وادعى عليه عند القاضي الأول السنباطي قاضي المالكية بدعاو كثيرة الله اعلم بصحتها فاقتضى رأي القاضي تعزيزه فعززه تعزيزا بالغا وافحش في أمره بما ظهر فيه الغرض التام في أذاه مراءة لخاطر أبي الخير النحاس ثم شهره في الشوارع عريانا ينادي عليه هذا جزاء من تهرب من الشرع ثم حبس ثانيا والسبب في ذلك وفي تحامل النحاس عليه إنه لما مات داود المغربي التاجر وكان أوصى لاسنبغا الطياري رأس نوبة النوب والجمالي ناظر الخاص وغيرهما فتقدم الديسطي هذا وختم على موجوده لأنه من جملة الأوصياء أو من جهة بعضهم وبلغ ذلك النحاس فوقع بينه وبين الديسطي يسببه كلام وحلف الديسطي اه ما ختم على التركة فنزل من وقته وأرسل إلى الديسطي بع رسل الشرع ففر وساق فرسه حتى طلع القلعة فدخل إلى السلطان وسأله أن يكون الدعوى عند الحنفي ونزل فأدعى عليه عنده ثم وقع ما حكيناه.
وفي يوم الاثنين خامس عشرة لبس اقبردي الساقي نائب قلعة حلب خلعة السفر ورسم له بالتوجه إلى حلب.
وفي هذه الأيام رسم باستقرار القاضي جلال الدين أبي السعادات ابن ظهيرة في قضاء مكة عوضا عن القاضي أبي اليمن بعد وفاه وعزل البدر حسن ابن الصواف ع قضاء حماة بالعلامة الشهاب احمد بن عربشاه الدمشقي مسؤولا في ذلك.
وفي يوم الاثنين خامس عشرة طلب السلطان من ولدي تنبك المنفي ومباشريه ثلاثين ألف دينار يعني المتوفر ثم آل أمرهم إلى حمل عشرة فيما قيل.

وفيه عزل ابن الزويغة استادار السلطان بحماة وحاجبها وولي عوضه يغمور وأنعم عليه بجميع وظائف المعزول ويغمور هذا من اوباش الناس له مدة يسيرة ن حين صار جندياً وإنما كان من سنيات يخدم تبعا عند بعض الأجناد والخاصكية ولكن وصل بالبذل وبسفارة أبي الخير النحاس.
وفيه أفرج عن الديسطي من حبس الديلم.
ومات الطواشي عبد الطيف الرومي الاينالي.
وفي يوم الجمعة تاسع عشرة وصل جانبك اليشبكي الوالي والمحتسب من ثغر دمياط بعد أن أوصل تنبك إليها وتناول منه بسفيره ألف دينار أو أقل.
وفي يوم الخميس خامس عشرية استقر الزين عمر ابن الخزري الشافعي في قضاء حلب بعد عزل ابن وجه ولبس بردبك العجمي الجكمي أحد الألوف بدمشق إمرة حاج محمل دمشق ورسم له بالتوجه إلى دمشق.
ربيع الأول أوله الثلاثاء في يوم الجمعة رابعه وموافقة ثالث عشر برمودة ليس السلطان القماش الأبيض على العادة.
وفي يوم السبت خامسة راسم بعزل حاج اينال الجكمي عن نيابة الكرك واستقرار طوغان دوادار السلطان بدمشق عوضه واستمر ذلك إلى أن طلع أبو الخير النحاس بعد نزول مباشري الدولة وكلم السلطان في عود اينال فأجابه إلى ذلك وابطل ما كان رسم به كل ذلك في اقل من نصف نهار.
وفي يوم الأحد سادسه عمل السلان المولد على العادة.
وفي يوم الخميس عاشره عزل لبرهان السوييني عن قضاء طربلس وأعيد ابن عز الدين بمال بذله.
وفي يوم الجمعة حادي عشرة توفي الشيخ شمس الدين الرشيدي الخطيب.
ثم في يوم الأربعاء سادس عشرة كان الابتداء في مهم بنت السلطان على أزبك وعمل السلطان في اليوم المذكور مدة هائلة للأمراء بالحوش السلطاني واصبح المهم الكبير من الغد في يوم الخميس ببيت خانها الكمال ابن البارزي كاتب السر بالخواطين وهو مهم النسوة وأما مهم الرجال فكان ببيت الزوج ازبك خارج بابي زويلة بداره التي عمري قيز وغان الاستادار وركب ازبك آخر النهار المذكور بعد صلاة المغرب من داره وتوجه إلى أن نزل قاعة بالقرب من الخيميين ثم سنة ركب بعد عشاء الآخرة منها وبين يديه الأمراء والأعيان مشاة وحمل الأمراء الشموع أمام فرسه ولبس اطلسيين متمرا ومشى العمل ابن البارزي أمام فرسه والمحب ابن الأشقر ناظر الجيش والجمالي ناظر الخاص في آخرين إلى أن وصل إلى بيت الكمال فنزل عن فرسه ودخل قاعة الفرج وجليت عليه ابنة السلطان وبنى بها ولم يكن المهم المذكور بذلك بل كان كعادة مهمات بعض الأكابر غير أن شوارها كان خارجا عن الحد ولم يحمل على رؤوس الحمالين على العادة لكنه أخرج من الحواصل ثم نصب في بيت الدخول اعني بيت خالها الكمال ولما كان الفراغ ن نصب الجهاز وفرش البيت المذكور أذن للناس حينئذ في الدخول للتفرج فيه فرأى الناس من الأقمشة والزراكش وأنواع الفرو وأواني البلور والمصاغ من الفضيات والتحف من الصيني المكتب ما أدهشهم وحيرهم وكنت ممن دخل فرأيت به من الأقمشة ما لم أره قبل تاريخه مع كوني لم أر قليلا في هذا المعنى فإن كريمتي خوند فاطمة كانت زوجة الناصر فرج بن برقوق وي خوند الكبرى صاحبة القاعة إلى أن مات الناصر عنها وكانت زوجة والدي الأولى خوند ابنة المنصور حاجي والثانية خوند حاج ملك ابنة ابن قرأ زوجة الظاهر برقرق وقد رأيت ما كان لهن من الأقمشة والأمتعة والتحف ثم من ثم إلى يومنا فكثير ومع هذا فما رأينا بل ما سمعنا بمثل هذا الشوار ولا مثل كثره ولا حسنه ولا ما اشتمل عليه من أنواع البشاخين المزركشة وشراريب الفوط المكللة باللؤلؤ الهائل ومن أنواع التحف التي لم تسبق إليها أحد من الخوندات قبلها.
وفي يوم الخميس وصل خشقدم إلى القاهرة فقبل الأرض وأنعم عليه بتقدم ألف عوضا عن تنبك حسبما تقدم وخلع على تنبك النوروزي الخاصكي بنيابة صهيون بعد عزل بردبك العجمي السيفي طرباي أحد أمراء طرابلس.
وفي يوم الخميس رابع عشرية وصل المحب ابن الشحنة قاضي الحنفية بحلب للأبواب الشريفة وتمثل بين يدي السلطان.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشرية توفي علي باي الساقي الاشرفي.
ربيع الآخر أوله الأربعاء فيه نودي بالقاهرة على الفلوس الجدد كل وطل بستة وثلاثين درهما بعد أن كانت باثنين وأربعين.
وفيه عين السلطان من المماليك السلطانية والخاصكية مائة وعشرة خاصكية لحفظ السواحل من مفسدي الفرنج.

وعين السلطان جماعة آخرين من المماليك السلطانية مضافا لمعينين أمس لحفظ الثغور.
وفي يوم السبت رابعه نودي على الفلوس الجدد على شعرها الأول.
وفي يوم لاثنين سادسه لبس الجمالي ناظر الخاص خلعة الرضي بعد أن ألوم بحمل مائة ألف دينار بواسطة في الخير النحاس فأنه لم يزل يوغر خاطر السلطان عليه وبطعمه في ماله ويحسن له القبض عليه ومصادرته حتى أذعن له وانقاد لمقالته ومن حينئذ أخذ أمر الجمالي في انحطاط وعظم أبو الخير حتى صار عمود الحل والعقد في الممالك واستفحل أمره بهذه الواقعة كثيراً وضخم لكونه كان قد اقدم على جميع أرباب الدول وأبادهم ما خلا المالي هذا فإن الكلمة كانت قد بقيت بينهما في الدولة وصارا كفرسي رهان ونقي كل منهما يخالف الآخر فيما يرومه فالآن قد انحصرت اللمة في النحس.
وفي اليوم المذكور استقر الزيني عبد لقادر ابن الرسام الحموي في نظر جيش حلب عوضا عن ابن الشحنة بحكم عزله وفي يوم الثلاثاء سابعه رسم السلطان بالترسيم إلى ابن الشحنة المذكور والتوجه به لبيت دولات باي الوادار لشكوى بعض الحلبيين عليه.
وفي يوم الأربعاء ثامنه كان مهم تنم أمير مجلس على أخت السلطان الواصلة في العام الماضي من بلاد الجاركس.
وفي يوم الخميس تاسعه عزل الكمال ابن البارزي عن كتابة السر من أجل أن عبد العزيز بن محمد الصغير لما توجه لثغر دمياط في ربيع الأول وصحبته فرس لتنبك الحاجب من قبل السلطان على عادة الأمراء البطالين كتب على يده مرسوم يتضمن أخذ أجرة الاحتكار التي بالثغر فلما توجه افحش في حق أهل دمياط وظلم وعسف والزمهم بما لا قدرة لهم عليه واستطال عليهم فثار عليه بعض عامة أهل دمياط ورجمة وشجه في جبينه أو في أنفه بحجر وبلغ ذلك السلطان فشق عليه ما فعله المذكور ورسم بإحضاره وتوجه لذلك شعبان البريدي بعد أن أنعم السلطان عليه بعشرين ظاهريا من الخزاة الشريفة فخرج شعبان من يومه إلى الثغر لإحضار المذكور ثم التفت السلطان للكمال كاتب السر وعنفه واغلظ عليه بعد إنكاره ما كان رسم به وقال لم أرسم بشيء من ذلك فأخذ في محاققته وأمعن حتى ظهر صدق مقاله فعز على السلطان ذلك وعزله فنزل إلى بيته بطالا وتردد إليه أكابر الدولة وكثر الكلام في أمره واستمر إلى ما سيأتي.
وفي يوم السبت حادي عشرة رسم السلطان بعزل محمد بن توقان بن نعير عن إمرة آل فضل وفر من مكانه ابن عمه غناماً وحمل تقليده السيفي خشكلدي الدوادار.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرة توفي سيدي محمد ابن السلطان وسن دون عشرة اشهر ورسم بنفي سودون الاينالي قراقش أحد أمراء العشرات ورأس نوبة إلى القدس لكون السلطان بلغه أن العرب العاصي من محارب قد وصلوا إلى بلاد البحيرة فندب لقتالهم جرباش كرد وسودون المذكور فخرجا من يومهما وذلك يوم السبت حادي عشرة وكبسا غارة بمن معهما وظفروا بمال محارب فاستولوا عليه ونزحت فحارب فأخذوا المال وعادوا إلى بر الجيزة إلى أن وصلوا إلى منبابة تجاه بولاق فعدي جرباش وسودون البحر وتركا ما أخذاه من مال محارب في بر منباة وقد أمن القوم بان محاربا فرت منهم وأيضا كونهم وصلوا تحت حرم السلطان فلم يكن إلا قدر ساعة وإذا بمحرب قد انهلت خيولهم غارة وظفرا بأموالهم فاستعدوها مع أثقال الأميرين ووصلوا إلى البحر بل وإلى المراكب التي للتعدية واخذوا مما كان هناك ما قدروا على أخذه فدنت حادثة لم نعهد مثلها ولا سمعنا أن عرب محارب وصلت إلى منبابة وفعلت مثل ذلك فلما بلغ السلطان هذا شق عليه وأمر بنفي سودون وأما جرباش فأدركه لزوجته خوند شقراء ابنة الناصر فرج بن برقوق.
وفيه استقر ابن الهمام المقدسي في استكارية السلطان بدمشق بعد عزل استدمر الاغرون شاوي واستقر القاضي زين الدين فرج ابن السابق في كتابة سر حماة على عادته ووصل البدر حسن بن علي ابن محمد ابن الصواف الحنفي قاضي حماة.
وفي يوم الخميس سدس عشرة لبس الكمال البارزي خلعة الاستمرار وتوفي العلائي علي بن عبد الله الوردكاش عرف بابن خواجا وحضر جماعة من أهل دمياط بسبب الشكوى على عبد العزيز بن محمد الصغير فرسم لهم بالطلوع إلى القلعة في يوم السبت فمحققة المذكور.

وفي يوم الجمعة رابع عشرية توفيت زوجة قاتباي الجاركسي وطلع عبد العزيز الصغير إلى القلعة فوقف بباب الدهيشة فلم يؤذن له في الدخول ومنع من ذلك فاشتد عليه الأمر وداخله الوهم لكونه زور مرسوما عن السلطان خطة وأيضا مما فعله مع أهل الثغر فنزل من وقته وترامي على النحاس فأشار عليه بالطلوع يوم السبت ومحاقق أخصاصه بين يدي السلطان ففعل ولما تمثل بين يدي السلطان أمر بالترسيم عليه حتى يرد ما أخذه من أهل دمياط بعد أن أهين ولهدد بالضرب والحبس.
وفي يوم السبت المذكور عقد مجلس بالقضاة الأربعة بين يدي السلطان بسبب البدر ابن الصواف قاضي حماة وادعى عليه إنه كان بحماة مسجد قد تهدم في واقعة تيمورلنك سنة ثلاث وثماني مائة وإنه نقله وبنى بأنقاضه جامعا بحماة ثم انفض المجلس من غير بيان في الترسيم وآل أمره إلى أن مل إلى الخزانة ثلاثة آلاف دينار وخمسمائة وهذا هو المقصود قلت وله عادة بهذا الفعل القبيح منذ ولي قضاء حماة يزن في المنص ما بدا له وما أدري من أين يتحصل هذا المبلغ العظيم ذا وزنه فالله أعلم.
وفي يوم الاثنين عشرية استقر حسام الدين ابن بريطع في قضاء النفية بدمشق بعد عزل حميد الدين.
وأنعم تقدمة على باي المذكور على اينال الساقي الظاهري المنفي قبل لطرابلس ويعرف باينال خوند لأنه كان في شبيبة جميلا واستقر العلائي على البندقداري زردكاشا ثالثا عوضا عن علي بن خواجا المتوفى قبل وبرز الأمر لعبد العزيز بن محمد الصغير بلزوم داره ولا يركب فرسا وان يرد ما أخذه من معين الدين الأبرص الدمياطي وما أخذه من الدمياطيين سريعا وإلا يضرب بالمقارع فامتثل ذلك في الحال وحضر مبارك شاه نائب القدس إلى الأبواب الشريفة وعزل في يومه بالسيفي اياس البجاسي الخاصكي وكلاهما ممن لا يؤبه إليه في الدولة.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرية برزت المراسم لعبد العزيز ابن الصغير أيضاً بدفع ما أخذه من أولاد تنبك البردبكي الحاجب من الأمتعة وغيرها فرد ذلك بتمامه وكماله.
وفي يوم الاثنين سابع عشرية صرف المحب ابن مولانا زادة الاقصرائي عن أمامه السلطان وبرزت المراسيم بعود ابن الشحنة إلى حلب في ترسيم اينال باي الخاصكي ثم بطل ذلك على إنه يستمر على ما كان ويحمل خمسين ألف دينار.
وفيه حضر قاضي سواكن إلى القاهرة وذكر للمقام الشريف أن الحبشة عمروا نحو من مائتي مرك لغزو المسلمين وان قصدهم قاطع جريان بحر النيل ويعوقونه عن المسلمين.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرية وقع بالقاهرة حادثة شنيعة إلى الغاية وي أن الشيخ عليا المحتسب هجم على بيت العلامة الشيخ قوام الدين حسين العجمي الحنفي بعد أن دبر عليه حيلة بان رسل إليه قبل شخصا عجميا على إنه من جملة الطلبة فلما تمكن الرجل من الشيخ وصار يطلع إليه بلا إذن حمل إليه في هذا اليوم آلات ضرب الزغل كالسكة والإصبع وغير ذلك في جرا وقال للشيخ انظر يا سيدي ما افعل فوقف الشيخ وهو متهيئ للركوب لبعض حوائجه والطالب يعيقه عن الذهاب ويطيل معه الحديث حتى طرقهما المحتسب المذكور وهما كذلك فأخذ الجراب المشار إليه والقوام المذكور وأطلق للطالب سبيله حتى هرب وترك جرابه وصعد بالقوام وبالجراب إلى السلطان بعد أن كتب محضرا بالعدول إنه وجد آلة الزغل عنده فرسم السلطان بحبسه بالبرج من القلعة وكان السبب في عداوة المحتسب للقوام كون السلطان لما نفاه قبل انعم على القوام بزاوية المحتسب المطلة على الرملة بالقرب من المصنع ثم شفع في المحتسب فعاد إلى مشائخته وغيرهما فحقد على القوم لهذا السبب ورام اثلام عرضه عند السلطان فدبر هذه الحيلة وفي يوم الأربعاء تاسع عشرية خلع على المحتسب باستقراره في مشايخته الشيوخ بخانقاه سرياقوس عوضا عن الشهاب أحمد ابن المحب أن الأشقر بحم عزله.
وفي هذا الشهر ورد الخبر من نائب أياس إنه حصل بمدينة أياس زلزلة عظيمة سقط منها عدة أبنية وسقط من قلعتها بدن عظيم من شدة الزلزلة.
جمادى الأولى أولى الخميس فيه ستقر سونجيغا اليونسي أحد أمراء العشرات ورأس نوبة أمير حاج الرجية.

وفي يوم السبت ثالثه أمر السلطان بحبس البدر محمود بن عبيد الله الاردييلي الحنفي أحد نواب الحنفية بالمقشرة هو والشهاب أحمد ابن العريف وجماعة يسب انهم شهدوا عند البدر المكور بوقفيه اسنباص الساقي الظاهري جقمق فحكم القاضي بذلك من غير أن يعلم هو ولا الشهود بان غرض السلطان إبطال الحق وأخذ البيت لاسناي باي طريق كان فما شاء الله كان.
وفي يوم الاثنين خامسه أخرج السلطان القوام المذكور قريبا من البرج وضربه في الملأ العام على أكتافه ورسم بنزوله إلى حبس المقشرة وينادي عليه هذا جزاء من يفعل الزغل وأشياء من ذا النمط هذا بعد أن عقد السلطان بالأمس مجسا بالقضاة الأربع وأحضر المذكور فلم يثبت عليه شيء ولا اعترف بما يوجب التعزيز وإنما قال هذه حيلة دبرها على المحتسب وبفحص السلطان ع صدق مقالتي ثم يفعل بي ما شاء لم يلتفت لكلامه وفعل به من الغد ما حكيناه فشق على الناس ما قع ه إلى الغاية.
وفيه أخرج البدر بن عبيد الله من القشرة وتوجه إلى بيت نقيب الجيش وعزل الجمال الباعوني عن قضاة دمشق بالبرهان السويني المعزول عن طرابلس قبل.
وفي يوم الثلاثاء سادسه طلب السلطان البدر ابن عبيد الله بين يديه هو والشهود المشار إليه وكلمهم في شهادتهم في الوقفية فأجابوا ببقائهم عليها وان للبيت كتاب وق وهو عند ابن الاوجاقي وهو مسافر في الحجاز فلما سمع كلامهم أمر بردهم إلى المقشرة فتكلم قاضي الحنفية سعد الدين ابن الدبري في أمرهم فنهره السلطان ولم يلتفت لكلامه ومضوا بهم إلى المقشرة فحبسوا بها ثانيا وكتب لمدة بإحضار الشهاب أحمد ابن الاوجاقي منها إلى القاهرة صحبة جانبك شاد بندر جدة وفيه كتب توقيع باستقرا محمد بن توقان بن نعير في إمرة آل فضل وعزل ابن عمه غنام عنها كل ذلك قبل وصول الخبر إلى غنام بولايته فولي وعزل وهو لا يدري.
وفي يوم الخميس ثامنه لبس المحب ابن الشحنة خلعة قضاء الحنفي بحلب وتكون كتابة سرها لمولده وخلع على السوييني باستقراره في قضاء دمشق عوضا عن أبا عوني كما تقدم.
وفي يوم الجمعة تاسعه نودي على الفلوس المضروبة قديما بستة وثلاثين كل رطل والجديدة المضروبة بالعدد وعلى الفضة المضروبة بسكة السلطان بأربعة وعشرين الدرهم على حالها وما هو خارج عن سكتة بعشرين.
وفي يوم السبت عاشره ويوافقه سابع عشرين بؤولة أحد شهور القبط أخذ قاع النيل فجاءت القاعدة ستة أذرع وخمسة عشر إصبعا.
ومن غريب ما انفق في هذه الأيام أن الجلبان منعت غالب المتعممين من ركوب الخيول حتى ركب الفقهاء وأعيان الدولة من المباشرين الحمير وصار المماليك يقفون بالطرقات والشوارع فمن ظفروا به من المتعممين على فرس أوقعوا به وأما حواشي أبي الخير النحاس فأنهم غابوا من العين.
وفي يوم السبت سابع عشرة ورد الخبر بعصيان بيغوت الأعرج نائب حماة وخروجه عن الطاعة وانضمامه إلى العجل بن نعير.
وفي يوم الأحد ثامن عشرة نزل السلطان من القلعة وبين يديه جميع أمرائه وأعيان دولته بغير قماش الموكب فتوجه إلى بولاق لرؤية الجسر الذي أمر بإنشائه بين النبدية ومعصرة الخليفة فرآه وهو راكب على فرسه فأعجبه وخلع على المعلم علي بن اسكندر ربيب ابن القيسي وابن ظهير وغيرهما ممن باشر عمله ثم رجع فاجتاز القاهرة حتى طلع القلعة.
وفيه أعيد الشيخ علي العجمي إلى الحسبة بعد عزل جانبك الوالي وافرج السلطان عن أبن عبيد الله من حبس المقشرة.
وفي يوم الجمعة ثالث عشرية أرجف بالقاهرة بركوب الجلبان من الغد فأصبح يوم السبت فتبين بطلان الإشاعة.
وفي يوم الاثنين سادس عشرية برز المرسوم بعزل عبد الله الكاشف بالشرقية وإحضاره في الحديد لشكوى أبي الخير النحاس عليه وأنعم بإمرته ووظيفته على اسندمر الجمقمقي أحد العشرات وراس نوبة مضافا لما بيده فتأدب بذلك من يروم السوء للنحاس.
وفيه رسم لقاتباي الحسنى المؤيدي أحد العشرات الديار المصرية باستقراره في اتابكية حماة عوضا عن سنقر السيفي جار قطلو.
وفي يوم الثلاثاء سابع عشرية حضر عبد الله الكاشف ونزل ببيت الزيني الاستادار فحصل الرضى عليه من الغد على مالٍ حمله.

وفي يوم الخميس تاسع عشرية انعم السلطان بإمرة قاتباي الحسني على مملوكه شاهين الظاهري الساقي مع كون عارا على بني آدم واستقر السيفي برقوق الظاهري ساقيا عوضه واستقر الطواشي سرور الطربائي شيخ الخدام النبوي عوضا عن الطواشي فارس الرومي الاشرفي بحكم عزله ثم بطل ذلك في يوم السبت.
وبطلوع النحاس في هذا اليوم راج أمره كثيرا وعظم في أعين الناس خصوصا وقد رسم السلطان فيه باستقراره الطيبي في وظيفته وأجابه لعدة حوائج مما يظهر بها ميل السلطان اله فتردد إليه الناس فوجا فوجا لا سيما لما مقت السلطان البلاطنسي بعد إقباله عليه أولا وكذا لما عزل عبد الله الكاشف لأجله واستمر من يوم طلوعه وهو يوم الخميس الأبل تاسع عشرية فحصلت له هذه النكبة وانتدب الشرف الأنصاري كما حكيناه.
وفي هذا الشهر كان سعر الغلال أرد القمح بستمائة فما دونها بد أن وصل إلى ثماني مائة وخمسين والقول بثلاثمائة وستين فما دونها والشعير بمائتين وثمانين إلى مائتين وخمس الدقيق البطة العلام بمائة وسبعين.
ومضى الشهر وليس يقدر أحد من المتعممين أن يركب فرسا بل صار الجميع يركبون البغال والحمير ما عدا كاتب السر ونائبه، وناظر الجيش والخاص والإسطبل والوزير والاستادار وكاتب المماليك والعليق حتى قال لي بعض نواب الرع قد ألحقنا هؤلاء الأجلاب بأهل الذمة في عدم ركوب الخيل فلا قوة إلا الله.
جمادى الآخرة أوله السبت فيه لبس عبد الله الكاشف خلعة الاستمرار بعد أن حمل ملا له صورة.
وفي يوم الأحد ثانيه طلعت تقدمه جلبان نائب الشام صحبة دواداره وأمير آخور وهي هائلة تشتمل على خيول تزيد على مائتي فرس منها فرسان بأقمشة ذهب ونحو ثلاثمائة حمال الصوف وأنواع الفراء والعلبكي والمخمل والشقق الحرير ونحو عشرة آلاف دينار.
ذهبا وف هذه الأيام لبس قاصد نائب الشام خلعة السفر وكان له من يوم وصل لم يخلع عليه إلى يومنا هذا.
ولما استولى السلطان على خيل أبي المذكور فرقة على من اختاره بذا قضت الأيام ما بين أهلها مصاب قوم عند قوم فوائد وفيه أيضاً ورد الخبر من نائب حلب قاتباي الحمزاوي على يد رأس نوبته أن جهان شاه بن قرأ يوسف بريد المشي على جهان كبير ابن علي بك بن قرأ يلك وليس لجهان كير مخلص سوي قدومه البلاد الحلبية وهي لا عساكر بها ترده عنها وكان وصول القاصد في عشرة أيام فكتب له الجواب وعدة مراسم تتضمن خروج نواب البلاد الشامية إلى أطراف البلاد الحلبية.
وفي يوم الثلاثاء رابعه رسم بنفي الكمال ابن البارزي كاتب السر إلى الشام فنزل من وقته موجها إلى دمشق من غير أن يدخل داره فلما وصل لظاهر القاهرة رسم بعوده فعاد إلى داره على كره منه فلم يكن غرضه إلا الخروج من الديار المصرية وإراحة نفسه مما تقاسيه وكان السبب في ذلك أن السلطان لما جلس على الدكة بالحوش على عادته وقرص عليه الجيش حنق علي ابن الأشقر وأوسعه سبا وهم بضربه بالمنجاة غير مرة تم بلغ السلطان أن قاسم بن قرأ يلك قد وصل إلى قري خانقاة سرياقوس فتعجب السلطان من قدومه لأنه لما خرج من عند ابن أخيه جهان كير من ديار بكر مبانيا له توجه إلى ابلستين عند سليمان بن ناصر الدين بك بن دلغادر فأرسل سليمان يطلب إذن السلطان لقاسم بالقدم للديار المصرية فلم يأذن له في ذلك ورسم باستمرار إقامته عنده وكتب إليه بذلك فلم يلبث إلا أياما قلائل وبلغه حضوره فانزعج وسأل كاتب السر هل كتبت بقدومه فقال نعم وليس الأمر كذلك وإنما أراد الاحتياط خوفا من أن يكون دلس عليه في ذلك فطلب السلطان المسودة فلم يجد فيها الإذن بحضوره فعند ذلك رسم بضربه فلكمه برسباي الاينالي المؤيدي أمير أخور ثاني لكمة واحدة أخرج من يدي السلطان منفيا.
وفيه أمر بتسلي الزيني ابن الكويز إلى الوالي ليستخرج منه ما بقي عنده مما كان التزم بحمله إلى السلطان.
وفيه وصل قاسم بن قرا يلك إلى القاهرة صحبة قاصد سليمان بن دلغادر فتمثل بين يدي السلطان وقبل الأرض ثم نزل إلى الميدان.
وفي يوم الأحد تاسعه رسم بنفي المعل محمد الصغير أحد الحجاب هو وولده عبد العزيز المبعد قبل تاريخه إلى قوص ثم شفع فيهما على أنهما يزما دارهما وما أحسن ذلك لو دام.

وفي يوم الاثنين عاشره لبس المحب ابن الأشقر خلعة الاسمرار وأعيد لفيروز النوروزي الخازندار أوقاف الحرمين التي كان استولى عليها النحاس في العام الماضي وخلع على اسندمر الارغون شاوي باستقراره في استادارية السلان بدمشق وشد الأغوار عوضا عن ابن الهمام على نحو عشر آلاف دينار ورسم بالقبض علي ابن الهمام.
وفي يوم الثلاثاء لبس المحب ابن الشحنة بإعادته إلى نظر جيش حلب عوضا عن عبد القادر ابن الوسام مضافا لما بيده من قضائها وكتابة سرها كما كان أولا بعد التزامه بمال كثير ثم بتحصيل عليق خيول المماليك السلطانية الذي عساها تتجرد إلى البلاد الحلبية.
وهذا الخبر وان كان غير صحيح فهو جدير بوقوعه لكونه كان أبو الخير النحاس أولا وضيعا ثم ترفع حتى ملك الديار المصرية بل والشامية والحلبية بأسرها وصار هو الحل والعقد بجميع الممالك ورأى من العز ونفوذ الكلمة ما لم يره غيره في زماننا هذا مع علمي بمن تقدمه ثم رده الله إلى اسفل مما كان عليه أولا فإنه كان فقيرا قليل الجدة لا غير فأصبح كما ترى أخذ ما كان بيده من الأموال والأملاك وموجوده في أيدي البيعة وهو في الحبس والقيد معرض لذهاب روحه نسأل الله حسن العاقة في الدنيا والآخرة وقد قيل من ذاق الغنى بعد فاقة يموت وفي قلبه من الفقر واجس.
وفي يوم الأربعاء ثاني عشرة عرض السلطان خاصكيته وعين منهم ثلاثمائة وخمسين نفسا لسف التجريدة ثم سم بعرض المماليك السلطانية في يوم الأحد القابل ليعين منهم أيضاً جماعة ورسم بأن يكون مقدم هذا العسكر الاتابك اينال وعين صحبته دولات باي الدوادار الكبير وأحد المقدمين ومن الطبلخانات ارنبغا اليونسي الناصري وبرسباي الاينالي المؤيدي ومن العشرات ازبك من ططخ الظاهري واسنباي الجمالي الساقي الظاهري وبردبك البجمقدار وهؤلاء الثلاثة مماليكه ويشبك الفقيه ويلباي الاينالي المؤيدي ثم أصبح من الغد يوم الخميس ثالث عشرة فتكلم الاتابك أينال مع السلطان في قلة العسكر المتوجه معه من الأمراء وغيرهم فكان من كلامه أن قال يا مولانا السلطان العدو خارجي غري وعسكره في كثرة وهذا العسكر لا يطق لقلته ردهم فعظم ذلك على السلطان واشتد غضبه وقال له أنت لا غرض لك في السفر وما أشبه هذا الكلام فكف الاتابك عن الكلام وقال المرسوم مرسوم السلطان وأمره على الرأس والعين ورأيه أحسن مما نراه نحن ثم انفض الموكب ودخل السلطان الحوش واستصوب كلام الاتابك وعين من مقدمي الألوف أيضاً اسنبغا الطياري ورسم بعدم سفر بردبك البجمقدار لقلة جدته ولم يعين عوضه أحد ا وفيه لبس يردبك التاجي الخاصكي خلعة في البحر الملح إلى مكة ليكون ناظر حرمها ومحتسبها وشاد عمائرها عوضا عن السيفي بيرم خجا الاشرفي الفقيه وصحبته جماعة من المعمارية وغيرهم.
وفيه وصل أبو الفتح الطيبي من دمشق على أقبح هيئة.
وفي ليلة السبت خامس عشرة كان خسوف القمر ابتدأ به الخسوف من بين العشاءين إلى أن خسف غلب جرم القمر واشتدت حمرة ما بقي منه حديث إنه لم يبق له ضوء وأزهرت النجوم بالسماء كأخر ليالي الشهر ودام ذلك إلى بعد العشاء بنحو ساعة ثم أخذ في الانجلاء قليلاً قليلا.

وفي يوم السبت أيضاً وهو موافق لأول مسرى نودي على النيل بزيادة خمسة أصابع لتتمة خمسة أذرع وخمسة وعشرين إصبعا.
وفيه أفرج السلطان عن العلامة الشيخ قوام الدين العجمي من حبس المقشرة.
وفي يوم الأحد سادس عشرة جلس السلطان بالحوش وعرض المماليك السلطانية وعين منهم زيادة على مائة وعشرين صافين للمتقدمين وعين من الأمراء أيضاً مرجانا العادلي نائب مقدم المماليك وغيره.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرة ضرب الصارمي إبراهيم بن بيغوت نائب حماة الخارج يومئذ عن الطاعة بين يدي السلطان بحضرة قاصد والده ضربا متوسطا ثم أعاده إلى محبسه بالبرج من القلعة وكان السبب في هذه الحركة أن أباه كان أرسل إلى السلطان بحضرة قاصد والده ضربا متوسطا ثم أعاده إلى محبسه بالبرج من القلعة وكان السبب في هذه الحركة أن أباه كان أرسل إلى السلطان في أمسه نجابا يطلب منه الأمان والإفراج عن ولده هذا وعلى يد النجاب فتاب جلبان نائب الشام يتضمن الشفاعة في بيغوت فلم يلتفت السلطان لذلك بل فعل ما حكيناه من ضرب هذا الشاب بغير ذنب فلا قوة إلا بالله.

وفي يوم السبت ثاني عشرية لبس كاتب السر ابن البارزي خلعة الاستمرار على وظيفة بعد انقطاعه بداره مدة طويلة حسبما ذكرناه وصار المعين عبد اللطيف ابن العجمي نائبه يباشر الوظيفة في هذه الأيام وخلع على النظام عمر بن مفلح بإعادته إلى قضاء الحنابلة بدمشق وسافر بردبك التاجي بمن معه من المعمارية وغيرهم إلى مكة في البحر.
وفي يوم الاثنين رابع عشرية سافر اينال باي الخاصكي إلى دمشق وصحبته أبو الفتح على وجه لينظر في حقيقة أمره يفعل فيه ما يقتضيه الشرع.
ثم أرسل من الغد إليه يقيمه من مجلس حكمه فقام من وقته ودار على أرباب الدولة فعرفهم ما أنفق له وطلب أن يعقد له مجلس بالقضاة الأربعة وأعيان الفقهاء بحضرة السلطان بالحوش في يوم الأربعاء سادس عشرية فلما كان عقد المجلس وحضر القضاة والشهود الذين شهدوا على النحاس والمدعي الشريف ابن المصبح سأل السلطان الشافعي هل ثبت على النحاس والمدعي الشريف ابن المصبح سأل السلطان الشافعي هل ثبت على النحاس الكفر فقال أن الدعوى عند القاضي المالكي فتكلم المالك ي بكلام طويل حاصله إنه لم يثبت عليه عنده شيء فلما سمع السلطان كلامه طلب العز ابن البساطي فنهض قائما بين يديه ليتكلم فبدره الشافعي وقال قد ثبت فسقه عندي فالتفت السلطان إلى العز وقال أنا أعرفك منذ أربعين سنة امضوا به إلى المقشرة ثم طلبه بقية الشهود وهم أن الكوم ريشي وغيره وأمر بحبس الجميع أيضاً بالمقشرة قبل أن يسمع كلامهم فلما رأى الشريف المدعي ما وقع تكلم وقال يا مولانا السلطان أن الشهود الذين شهدوا بالقدح في العز قد رجعوا عن شهادتهم فلم يلتفت السلطان إلى كلامه بل قاله أنت قلت لي بلامس أن القاضي المالكي ارتشي في قضية النحاس والغي أمره فامضوا به أيضاً إلى المقشرة فنزلوا بالجميع فحبسوا بها عند أرباب الجرائم.
فالنظر إلى فعل هذه الدنيا بالمغرمين بها وقد أجاد القائل )الوافر(
أرَى الدُّنْيَا تَقُولُ ... حَذَارِ حَذَارِ تَوْبيخِي وَفَتْكيِ
وَلاَ يَغْرَرْكُمُ مِنِي ابْتِسَامْ ... فَقَوْلِي مُضْحِكْ وَالْفعْل مُبْكِي
وفي يوم الخميس سابع عشرية وصل ساع من قاتباي الحمزاوي نائب حلب وعلى يده كتاب يتضمن خروج العسكر المصري إلى البلاد الحلبية ففي الحال أمر السلطان بكتابة بطاقة إلى قطيا على جناح الطائر يرد من توجه من النجابة في أمسه وهو أن السلطان كان بعد أن عين التجريدة قبل تاريخه سكت لانتظار ما يرد عليه من الجواب فلما تمادي الخبر أرسل في أمسه نجابة إلى البلاد الشامية يحرضهم على الاهتمام السفر في نصف شعبان فلم تمض إلا ليلة وقدم هذا الساعي فأخذ السلطان في تجهيز العساكر ثم بطل ذلك جميعه بعد أيام قلائل وفتر عزمه عن إرسال التجريدة.
وفيه وصل سنقر الرومي الطواشي الجمدار المتوجه قبل من السلطان إلى بلاد ابلستين لإحضار الحانون ابنة نائبها سليمان ابن دلغادر ليتزوج بها السلطان.
وفيه لبس اسندمر الارغون شاوي استادار السلطان بدمشق خلعة السفر.
وفيه أعيد البدر ابن الصواف إلى قضاء الحنفية بحماة ببذل مال فلا أخلف الله عليه.
رجب أوله الاثنين استهل والناس في جهد من علو الأسعار في سائر المأكولات خصوصا الغلال فان أثمانها زادت أمثال ما كانت عليه لعدم وفاء النيل فان الموافق لأول هذا الشهر من شهور القبط ثامن عشر مسرى والبحر يومئذ في الذراع الخامس عشر مع توالي الزيادة في كل يوم إلى تاريخه فبيع الإردب من القمح بستمائة فما دونها ومن القول والشعير بأربعمائة فما دونها ومن الأرز بألف وخمسمائة فما دونها والرطل من الجبن الأبيض باثني عشر والمقلي بأربعة عشر مع عزته والشيرج بخمسة عشر وقس على هذا ولهذا الغلاء إلى الآن نحو ستين والسعر تارة يزيد وتارة ينقص فإلى ما أبيع به القمح سبعمائة وأرخصه أربعمائة وخمسون وهو فيما بينهما هذه المدة فسبحان المتكفل بأرزاق الخلائق والناس الآن في خوف عاقبة هذا النيل فلله الأمر.
وفي هذا اليوم أيضاً استقر أبو الفضل المغربي المالكي في تدريس التفسير بالقبة المنصورية قلاوون بين القصرين عوضا عن القاضي محيي الدين عبد القادر الطوخي الشافعي ونزل أليها ومعه القضاة والأعيان من الفقهاء وغيرهم وجلس للتدريس على عادة من تقدمه في ذلك.

وفيه سافر قاتباي الحسنى المؤيدي المنعم عليه قبل كما سبق باتابكية حماة أليها.
وفي يوم السبت لبس ابن العجيل شيخ المعرة باستقراره في المشيخة على عادته أولا بعد أن حبس بالبرج نحوا من خمسة أشهر.
وفيه حصر تغرى بردي القلاوي كاشف البهنساوية بجماعة من مفسدي العرب فقوصوا على فعلهم.
وفي يوم الاثنين منه سافر سونجبغا أمير الجبية من الريدانية إلى بركة الحاج وسافر العلائي على الزردكاش المعروف بالبندقدار إلى جهان شاه بن قرا يوسف متملك أذربيجان وغيرها على النجب.
وفي يوم الاثنين هذا ويوافقه رابع عشري مسرى نودي على النيل سنة بزيادة إصبع لتتمة خمسة وعشرين إصبعا من الذراع السادس عشر فبقى للوفاء ثلاثة أصابع فغلب على ظن كل أحد بالوفاء من الغد فلما كان الغد وهو يوم الثلاثاء تاسعه ويوافقه خامس عشري مسرى نقص ثلاثة أصابع فصار النقص عن الوفاء ستة فما شاء الله كان فقلق الناس لذلك وارتفع سعر الغلال زيادة على ما كنت عليه أيضاً ثم نقص أيضاً في يوم الأربعاء إصبعين فلما سمع السلطان بذلك أرسل إلى الخليفة المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بمبلغ له جرم وأمره بالتوجه للآثار النبوية ويتصدق به هناك ويدعو الله بالزيادة على جاري العادة ثم ندب المحتسب الشيخ عليا لعمل سماط هائل هناك للفقراء وغيرهم فتوجه وفعل المأمور به وصرف على ذلك جملة ثم رسم في الغد وهو يوم الخميس حادي عشرة وسابع عشري مسرى للجمالي ناظر الخاص بعمل سماط أيضاً في المقياس وان يحضره هو وفعل ما أمر ه وباشره بنفسه وجمع القراء والفقراء وأهل الصلاح بالمقياس في الليلة المذكورة وثر الدعاء بهذا المكان المبارك والتضرع والابتهال إلى الله بزيادة النيل وكان النقص يومئذ عن الوفاء نحو عشرة أصابع بل مما كان وصل إليه فعلى هذا يكون النقص اكثر من عشرة أصابع.
وفي هذا اليوم توفي الشرف محمد بن قاضي الحنابلة البدر البغدادي وعظم مصاب والده به وأصبح يوم الجمعة ثاني عشر وناظر الخاص بالمقياس وحضر به الخليفة أيضاً وعدة خلائق وصلى الجميع بجامع الروضة بالقرب من المقياس وقام الخليفة بعد انتهاء الجمعة فدعا بأجراء النيل وأمن الناس على دعائه وكانوا خلقا وكذا وقع يغالب الجوامع وكثر الضجيج في هذا اليوم والبكاء والتضرع إلى الله فكان يوما مهولا لم نعهد بمثله في وباء ولا غيره ومع هذا كله نقص أيضاً فأيقن الناس بالهلاك فسبحان المتصرف في ملكه يف شاء واستمر البحر على حاله في عدم الزيادة والناس بسببه في جهد وبلاء من تكالبهم على الخبز في عدم الزيادة والناس بسببه في جهد وبلاء من تكالبهم على الخبز في الحوانيت والأفران وعظم ازدحامهم لذلك وعم هذا البلاء جميع الخلائق.
وفي هذا اليوم توفي العلامة شهاب الدين أحمد ابن عربشاه كما سيأتي في الوفيات.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشرة وصل السيفي سودون أمير أخور المتوجه بتقليد سميه الأبو بكري المؤيدي بنيابة حماة.
وفي هذه الأيام استمر النيل متماسكا عن الزيادة والناس يسببه في أمر مريج بل نقص فيها عدة أصابع وعظم البلاء وعم جميع الخلائق بحيث انك لا ترى إلا باكيا أو مبتهلا من رئيس ووضيع واشترك الناس في هذه النازلة وعدم الخبز من الدكاكين وصار لا يؤخذ إلا من الأفران مع جهد بل لا يتمكن من ذلك إلا بالليل ورسل المحتسب تحمي الأفران من النهب وارتفع القمح إلى سبعمائة وعز وجوده بالسواحل ولم يتمكن أحد من شرائه إلا بجهد ممن له وجاهة وشوكة في الدولة وأما الضعيف الفقير فلا يصل إلى شرائه البتة وسببه أن المماليك السلطانية صاروا يأخذون الغلال من المراكب باليد حتى أن منهم من كان لا يزن لها ثمنا بل كان إذا استولى عليها أخذها بما فيها وتوجه إلى حال سبيله فكف أصحاب الغلال عن البيع خوفا من هؤلاء الظلمة فمعظم البلاء بهذه الفعلة أكثر وأكثر حتى أرسل السلطان مرجانا العادلي نائب مقدم المماليك من ركوبها للتقدم بملاقاة الغلال فكفوا حينئذ قليلا ثم رسم السلطان لازبك الساقي وجانبك الوالي انهما يتوجها إلى ساحل بولاق ويجلسا بباب شونة الزيني الاستادار ويبيعا ما فيها بسعر ستمائة الإردب وذلك يرضي الزيني بذلك لكونه خاف من نهب المماليك إياها ففعلا ذلك وداما أياما كذلك فكن بعض الناس من الشراء وتعذر على آخرين.

ولقد شاهدت في هذه الأيام أعاجيب منها أنني أدركت الوباء العظيم في سنة ثلاث وثلاثين ثم في سنة أحد ى وأربعين ثم في سنتي سبع وثمان وأربعين ثم في سنة ثلاث وخمسين وكان وباء سنة ثلاث وثلاثين مهولا إلى الغاية بحيث إنه مات فيه في اليوم الواحد من الخلائق ما ينيف على عشرة آلاف نفر ومع ذلك فكنت أجد آذاك بالمقترحات والشوارع جماعة من العامة يضحكون ويهزلون ومنهم من كان يقع فيما قدر عليه هذا مع عظم الوباء بالمفرط وسرعة الموت بخلاف هذه الأيام فكنت لا ترى من الناس إلا باكيا أو متضرعا إلى الله أو مهموما بكثرة عياله ولا ترى جماعة بمكان إلا وكلامهم غالبا في القمح والدقيق والخبز فكا هذا دأب الناس في هذه الأيام.
وفي يوم الجمعة تاسع عشرة خرج القوم أيضاً مرة ثالثة إلى الاستسقاء بالمكان المذكور وفعلوا كفعلهم في المرتين من التضرع والدعاء إلى الله ونودي فيه أيضاً بزيادة إصبع من النقص فلله الحمد ومن الغريب أن الناس يتشاءمون على الملك بخطبتين في يوم واحد فوقع ذلك الآن مع إنه كان يمكنهم فعله في غيره من الأيام ولكن ما فطن أحد له إلا بعد وقوعه على أنني فطنت لها قل الوقوع ولكن سكتت للتجربة هل تجري العادة أو تكون هذه خارقة للعادة فكانت خارقة للعادة لم يحصل للسلطان إلا كل خير.
وفي يوم السبت عشرية نقص البحر ثلاثة أصابع ونودي بالقاهرة بالكف عن المعاصي وصيام يوم وفطر يوم وبعرض المماليك السلطانية من الغد لنهيهم عن أخذ الغلال وبأمرهم بسكنى الطباق ففعل ذلك من الغد.
وفي يوم الأحد حادي عشرية ويوافقه ثاني نوروز القبط وهو ثاني توت أحد شهور القبط كانت انتهاء زيادة النيل في هذه السنة أولا وأخرا خمسة أصابع من الذراع السادس عشر وهو شيء لم نعهده ولا سمعنا بمله منذ سنين فسبحانه يتصرف في ملكه بما شاء وفي يوم الاثنين نودي بزيادة إصبع فأنعم السلطان على ابن الرداد حين بشره بذلك مائة دينار واستمرت الزيادة من يوم تاريخه سنة في كل يوم على ما سيأتي أن شاء الله.
وفي يوم الخميس خامس عشرية سافر المحب ابن الشحنة قاضي النفية بحلب وناظر بعد إقامته بالقاهرة أشهرا.
وفي يوم السبت سابع عشرية ويوافقه ثامن توت انتهت زيادة النيل إلى سبعة عشر إصبعا من الذراع السادس عشر وبقي للوفاء سبعة أصابع فنقص من الغد في يوم الأحد ثامن عشرية وتاسع توت إصبعا فعاد اضطراب الناس كما كان أولا.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرية عزل الطواشي عبد اللطيف الفلاح شاد الحوش السلطاني بالطواشي جوهر اليشبكي المعروف بالتركماني بعد أن أمر السلطان فيروز الخازندار والزمام بضربه مائتي عصاه على رجليه ففعل فيروز ذلك ورسم لعبد اللطيف بلزوم داره وعبد اللطيف هذا كان من الفلاحين ببعض قرى القاهرة فنزل وهو صغير للسباحة في البحر فآخذت الترسة ذكره وخصيته فتداوي حتى عوفي به فقدم به والده إلى خشقدم الظاهري الزمام كان في دولة الاشفية فأخذه وضمه إلى الخدام إلى أن ترفي وولي شاد الحوش وصار من أمره ما حكيناه ولا زال على حاله حتى مات في سنة ست وخمسين ومضى هذا الشهر وقد كثرت الأمر الحادة وفشت في الناس.
وفيه ركب أعيان الدولة من الفقهاء والكتبة على الخيول على عادتهم لاشتغال المماليك السلطانية عنهم بما هو أهم من ذلك من توقف البحر عن الزيادة وغلو الأسعار.
وفي هذا الشهر رأس السلطان لفارس الترماني بالتوجه إلى جزيرة قبرس من بلاد الفرنج ليشتري منها مغلا ويعود به إلى القاهرة بعد أن دفع له مبلغا من الذهب وأحاله على صاحب قبرس بما عليه من الجزية.
وفي هذا الشهر توفي جانبك النوروزي كما سيأتي.
شعبان أوله الثلاثاء الموافق لحادي عشر توت استهل والناس في أمر مريج من كثرة الأمراض والمصيبة العظمى عدم الوفاء إلى الآن وغلو الأسعار في سائر المأكولات والأسعار فيه القمح بألف فما دونها مع عزته جدا والقول والشعير بستمائة بثلاثمائة بل وأزيد وقس على هذا.
وفي يوم السبت خامسه قبض السلطان على علي بن اسكندر القيسي معلم المعمارية وسلمه للوالي جانبك ليستخرج منه سبعة آلاف دينار ثم آل أمره إلى أربعة فحملها بعد بيع موجودة ثم نفى إلى البلاد الشامية واستقر عوضه في المعلمية يوسف شاه العلمي.

وفي يوم الاثنين سابعه ويوافقه سابع عشر توت نودي على البحر بإصبع لتتمة عشرين من الذراع السادس عشر فصار للوفاء أربعة أصابع فلما كان من الغد وهو يوم الثلاثاء نقص إلى يوم الخميس عاشره وهو الموافق لعشري توت فأجمع رأي السلطان مع أرباب لدولة على فتح خليج السد من غير مخليق المقياس وقد بقي ثمانية أصابع من الذراع السادس عشر فنزل الوالي ومعه جماعة إلى سد الخليج وفتحه فشيء الماء مشيا هينا وتزايد بكاء الناس وانتخابهم حين عاينوا عدم جريان الماء في مثل هذه الأيام فكان من الأيام المهولة التي لم نعهد بمثلها وأخذ البحر من ثم في النقص إلى أن نزل بالتدريج في أيام من بابة وشرق غالب البلاد بالوجه القبلي والبحري وهم البلاء جميع الناس.
وفي يوم الاثنين رابع عشرة خلع السلطان على قاسم بن قرا يلك بنيابة الرهاء وغيرها بديار بكر وأمده بالأموال والساح وغير ذلك وندبة لقتال ابن أخيه جهان كبير بن علي بك بن قرأ يلك بعد أن رسم له بالإقامة بالقاهرة اشهرا لعمل احتياجه.
وفي هذه الأيام ورد الخبر بأن مركب السلطان المشحونة بآلات عمارة الحرم المكي قد غرفت في البحر المالح بما فيها من الأخشاب والدقيق والغلال وغيرها من أزوده الحجاج الرجيبة وكانت قد تقدمتها مركب أخرى فغرقت أيضاً وذهب جميع ما في المركبين وقيمة ما فيهما من آلة العمارة فقط نحو خمسة عشر ألف دينار وأما ما كان فيهما من غير آلات العمارة فشيء كثير.
وفي يوم الخميس رابع عشرية لبس جانبك الظاهري شد بندر جدة على عادته عوض عن تمراز.
وفي يوم الأحد عشرية توفي سودون السودني.
وفي يوم الاثنين حادي عشرية برز المرسوم بعزل البرهان السوييني عن قضاء الشافعية بدمشق ورسم بحبسه بقلعتها لكونه خالف ما رسم به السلطان في إنه لا يحكم في الطيبي أبي الفتح إلا المالكي فبادر وحكم بحقن دمه بعد أن كان سمع المالكي الدعوى عليه بمجلسه وتوالى في الحكم بموجب مذهبه هذا بعد علم السوييني بمرسوم السلطان وعلمه أيضاً يسبق الدعوى عليه عند لمالكي فبلغ السلطان ذلك وإنكار أهل دمشق صنيع البرهان وعقد بسببه بالقاهرة عدة مجالس.
وفي يوم الجمعة خامس عشرية رسم بنفي طوخ من تمراز بيني باق إلى القدس ثم شفع فيه في ليلة الاثنين فاستمر على عادته.
وفي يوم الاثنين ثامن عشرية لبس الآمين عبد الرحمان ابن الدبري نظر الحرمين القدس والخليل.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشرية عقد مجلس بالحوش بحضرة السلطان بالقضاة الأربعة واعيان الفقهاء بسبب حكم السويني السابق وانقص المجلس بدون بت أمر ثم عقد مجلس آخر في يوم الأربعاء ببيت الكمال كاتب السر فلم يظهر لذلك فائدة وكثر الكلام بين المالكية والشافعية وانفصل المجلس عن غير طائل رمضان أوله الخميس.
وفيه لبس الصاحب الأمين ابن الهيصم خلعة بسبب ري البلاد الجيزية وكونه فرق إطلاقات المماليك السلطانية على العادة في كل سنة وهو إخلاف القياس فان غالب ضواحي القاهرة شرق حتى خليج الزعفران والمطرية وبركة الحبش وهو شيء لم نسمع بمثله.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرة وصل إلى القاهرة العلائي علي البندقداري الزردكاش من ازرنكان واخبر بأخذ أمراء جهان شاه بن قرا يوسف إياها والقبض على صاحبها محمود بن قرا يلك وأشياء من هذا النوع.
وفي يوم الجمعة سادس عشرة ويوافقه سادس عشري بابة لبس السلطان القماش الصوف الملون والبس الأمراء مقدمي الألوف على العادة.
وفيه ورد الخبر من نائب دوركي وغيره من نواب البلاد الشامية بان جهان شاه بن قرا يوسف عزم على التوجه نحو البلاد الحلبية فعظم ذلك على السلطان إلى الغاية وتحرك جهان شاه إلى البلاد الحلبية يكون في تبع جهان كبير بن علي بك بن قرا يلك فرسم السلطان بكتابة مرسوم لسليمان بن ناصر الدين بك ابن دلغادر صاحب ابلستين يمنع جهان كبير من العبور إلى بلاده إذا فر أمام جهان شاه وجهز له فرسا برج ذهب وكنبوش زركش.

وفي هذه السنة بطلت مسايرة أمير حاج المحمل وهو أن أمراء الحاج كانوا يفعلون ذلك على القواعد السالقة فيظهر بذلك البجل الزائد والفرجة التامة ويخرج الناس لرؤية ذلك ذهابا وإيابا وكان السبب في إبطاله أن الدوادار الثاني تمبغا كان أمير المحمل في هذه السنة فلم يركب لها واعذر بقلة سفر المماليك في هذه السنة لكون القاعدة أن كل من يحج من المماليك السلطانية والأعيان يركب في خدمته إذا ركب للمساية وأيضا لما بالناس من الغلاء المفرط والانكاد المترادفة وقد مضى رمضان عن الناس بعد مقاساة شدائد من عظم الغلاء وعم البلاء جميع الخلائق وعز وجود جميع المأكولات فأبيع القمح فيه بألف ومائتي درهم فما دونها وفوقها والشعير بثماني مائة فما دونها والقول بسبعمائة فما دونها والبطة من الدقيق العلامة بأربعمائة والرطل من اللحم الضأن بأحد عشر والشيرج باثنين وعشرين والجبن الأبيض بخمسة عشر والمقلي بثمانية عشر وأما الخضراوات فعزيزة الوجود شوال أوله السبت فيه سافر خشكلدي الزيني الدوادار إلى البلاد الشامية المقيمين بالبلاد الحلبية.
وفي يوم الاثنين ثالثه خلع على الولي السفطي بإعادته لمشيخة الجمالية برحبة باب العيد بعد عزل الولي الاسيوطي عنها.
وفي يوم الثلاثاء رابعه وقت أذان المغرب توفي الزيني عبد الباسط كما سيأتي في الوفيات.
وفي يوم السبت ثامنه ورد الخبر من ثغر الإسكندرية بأن الفرنج أخذ أربعة مراكب من المسلمين بعد وصول المسلمين إلى ثغر رشيد فاستولى الفرنج عليها بجميع ما فيها من الغلال والدقيق المجلوب من التركية وغيرها مما قيمته تزيد على مائة آلف دينار على ما قاله غير واحد من التجار وغيرهم وكانت عدة مراكب الفرنج زيادة على خمسة عشر مركبا ولهؤلاء الفرنج حول غر الإسكندرية وغيرها من الثغور وسواحل المسلمين نحو عشرة أيام فما شاء الله كان وقد حدث في هذا الهر من الانكاد والأخبار المهولة أشياء كثيرة منها ورود هذا الخبر ووصول كتاب من سواكن يتضمن أن الحطي الكافر صاحب الحبشة شرع في عمل عدة مراكب برسم غزو المسلمين وأخذ سواحل البلاد الحجازية وتكرر المجيء بهذا في هذه السنة ووصول جهان شاه بن قرا يوسف إلى أطراف البلاد الحلبية هذا مع غلو الأسعار وعظم البلاء على الناس من القحط والجوع وعدم الري في الأعمال المصرية وتشتت نواب البلاد الشامية بإقامتهم هذه المدة في البلاد الحلبية فنسأل الله حسن العاقبة.
وفي يوم الأحد ثالث عشرية قدم الخبر من البلاد الحلبية على السلطان بعود جهان شاه بن قرا يوسف من أطراف ممالك السلطان إلى ديار بكر بن وائل من غير أن يحصل منه في مدة أقامته تشويش.
وفي يوم الجمعة ثامن عشرية توفي الدوادار الكبير كان اركماس الظاهري.
وفي يوم السبت تاسع عشرية توفي جانبك الجكمي بعد مرض طويل ذو القعدة أوله الأحد.
وكتب أيضاً باستقرار جعنوس أحد أمراء دمشق في نيابة بيروت عوضا عن جانبك المذكور وكلاهما بالبذل.
وفي يوم الست رابع عشرة ورد الخبر من ثغر إسكندرية بموت الشريف حسن تاجر المذكور وكلاهما بالبذل.
وفي يوم السبت رابع عشرة ورد الخبر من ثغر إسكندرية بموت الشريف حسن تاجر السلطان بالثغر المذكور.
وفي يوم الجمعة عشرية طلق السلطان خوند شاه زاده ابنة ابن عثمان ورسم لها بقضاء عدتها بدارها من الدور السلطانية ثم تنزل إلى بيتها بالقاهرة.
وعيد إلى دقماق ما كان حمله للخزانة من الذهب بسبب الزردكاشية والآمرة فإنه كان التزم بحمل أربعة آلاف دينار وحمل بعضها والسبب في عزله إنه لما استقر في الزردكاشية رام عرض الزردخاناة لتظهر بذلك نتيجة للسلطان فعظم ذلك على ناظرها البدر ابن ظهير وغيره فوصل البدر من اجل ذلك حتى أوغر خاطر السلطان عليه فمال إلى كلامه وعزله واسترجع منه الإمرة وردة إلى جنديته واستقر لاجين عوضه في الزردكاشية وأعجب من هذا أن إقطاع دقماق القديم كان كما تقدم انعم به السلطان على جانبك الاشرفي أحد الدوادارية الصغار وأنعم باقطاعه على جانبك البواب القادم من مكة والآتي بخبر موت تغرى برمش.
ذو الحجة أوله الثلاثاء فيه توفي السفطي ودفن من الغد يوم الأربعاء ثانيه وكان غير مشكور السيرة.

وفي يوم الاثنين سابعه وصل إلى القاهرة النجاب المتقدم توجهه إلى طرسوس بضرب النحاس واخبر بان النائب حين ورود الأمر عليه استدعي بابي الخير وضربه ضرا مملوكا وجاره وبعض قماش صوف فكتب الجواب بذلك ثم أعاده إلى الحبس.
وفي هذا العيد رويت أعاجيب منها عظم هزال الأضحية بحيث لم أر فيها سمين إلا نادرا جدا وكون رؤساء العصر صاروا أقساما فمنهم من فرق على خدمة وحواشيه فلوسا وغنما ومنهم من فرق على البعض وقطع البعض من الأجانب ومنهم من نزح عن دياره وتغر عن أوطانه من القاهرة إلى بعض القرى لنفوز نفسه من التفرقة وهو الزيني الاستادار وتبعه الأميني الوزير ابن الهيصم.
وفي يوم الجمعة ثامن عشرة وصل إلى القاهرة ساعٍ من البلاد الحلبية وعلى يده مطالعات من البلاد الشامية خيروا فيها با أعوان جهان شاه أخذوا مدينة ماردين بالأمان ما عدا القلعة وانهم ضايقوا جهان كبير بن علي بك بن قرا يلك صاحب آمد وحضروه بها واخبروا أيضاً أن والدة جهان كبير كانت قد وصلت إلى حلب وقصدت القدوم إلى الديار المصرية لتترضى خواطر السلطان عن ولدها فنعها النواب وأعادوها إلى البيرة لترجع حيث جاءت أو حتى يأتيها إذن من السلطان وأخبروا أيضاً انهم كاتبوا رستم بذلك واعلموه بما فعلوه مع والدة جهان كير وذكروا في كتبهم انهم منتظرون ما يرد عليهم من المراسيم فكتب الجواب بالإنكار عليهم فيما فعلوه من رد والدة جهان كبير إلى البيرة وبمكاتبهم لرستم بذلك ورم يعود والدة جهان كبير إلى البلاد الحلبية ثم قدومها إلى القاهرة مكرمة مبلجة.
وفي يوم الثلاثاء ثاني عشري وصل مبشر الحاج وآخر بالأمن والسلامة ورخاء الأسعار وإن الحل من الدقيق بيع بمكة بخمسة عشر اشرفيا في هذه السنة من الغلال وأحمال الدقيق وغير ذلك حسبما تقدم واخبر بموت قاضي مكة الحنفي البهاء أبي البقاء ابن الضياء في تاسع عشر ذي القعدة.
وفي يوم الاثنين ثامن عشرية نودي بالقاهرة على الفلوس الجدد كل رطل بستة وثلاثين بالوزن المصري.
وفي الثلاثاء تاسع عشرية أمر السلطان بنفي مقدم المماليك جوهر النوروزي إلى القدس.

سنة خمس وخمسين وثماني مائة
استهلت وواقف ذلك العاشر من امشير أحد شهور القبط والخليفة المستكفي بالله أبو الربيع سليمان وهو على خطة وسلطان الديار المصرية الظاهر أبو سعيد جقمق والقضاة والأمراء وأرباب الدولة على حالهم في العام الماضي إلا الزردكاش وهو لاجين ولي بعد موت تغرى برمش وإلا نائب غزة فهو جانبك التاجي المؤيدي وليها بعد عزل خيرك الوروزي وإلا وظائف أبي الخير النحاس فاستقر فيها الشرف الأنصاري والأسعار في زيادة عن الحد فالقمح بألف وخمسمائة فما الأنصاري والأسعار في زيادة عن الحد فانقمح بألف وخمسمائة فما دونها والقول والشعير كل منهما بنحو ألف فما دونها وهما في قلة إلى الغاية والدقيق العلامة بخمسمائة البطة فما دونها والتين بخمسمائة الحمل فما دونها بل بيع بثغر دمياط بألف ولذلك تعطلت دواليب الثغر المذكور وخربت عدة بساتين القاهرة وضواحيها وبيع الفدان من البرسيم الأخضر بعشرين دينارا ثم انتهى إلى ثلاثين آخر السنة ثم عز وجوده البتة وبيع الطب بمائة الحملة وهو في زيادة وأما اللحوم فقليلة جداً والسمين فيها فنادر وماء النيل المحمول إلى القاهرة الراوي منه بأزيد من عشرين والجبن المقلي يندر وجوده والأبيض الجاموس باثني عشر الرطل والشيرج والزيت كل منهما بأربعة وعشرين والزيت الحار بخمسة عشر والسمن بثلاثين وعسل النحل بنحو ذلك والدبس بثني عشر والأرز بأربعة وعشرين القدح والخبز بثمانية دراهم الرطل وأجرة طحن الإردب من القمح مائة وعشرون ولذلك أتخذ غالب الناس في بيوتهم الارحية وكثرت الفقراء بالديار المصرية وعظم إلحاحهم في السؤال بحيث إنه لا يكاد الشخص يمر في الطرق إلا وهم بأثره.
المحرم أوله الخميس يوافقه عاشر أحد شهور القبط.
وفي يوم الجمعة ثانيه توفي الخليفة المستكفي بالله أبو الربيع سليمان وهو في عشر الستين.

وفي يوم الاثنين خامسه جلس السلطان بالقصر الأعلى من القلعة داخل القصر الأبلق واستدعى الشرفي حمزة بن المتوكل على الله أبي عبد الله محمد بحضرة القضاة وأعيان الدولة واجتماعهم على مبايعته بالخلافة فاستفتح القاضي الشافعي الشرف المناوي البيعة بخطبة قصيرة في غير المعنى ثم سكت في أثناء الخطبة ظانا أن البيعة تمت فاستأنف الكمال ابن البارزي كاتب السر بخطبة بليغة حمد الله فيها وأثنى على نبيه صلى الله علم ثم على الخليفة بعبارة طلقة مع فصاحة وحسن تأديبه إلى أن تمت البيعة وبايعه ومن حضر على مراتبهم ثم سأل الكمال الخليفة أن يفوض للسلطان ويقلده أمور الرعية ويجعله متصرفا في المملكة كيف شاء وعدد له أشياء من هذه المقالة واستدعى السلطان بالتشريف الخليفتي فألبسه حمزة المذكور ووثب السلطان قائما على قدميه إلى أن تم لبسه وعاد وقرأ الفتحة ثم قام ونزل إلى داره وبين يديه وجوه الدولة من القضاة والأمراء والأعيان وازدحم الناس لرؤيته ولقب بالقائم بأمر الله.
وفي يوم الخميس خامس عشرة وصل إلى القاهرة ولد جهان كبير بن علي بك بن قرا تتضمن ما معناه أن جهان كبير مملوك السلطان ويطلب رضى الخواطر الشريفة عليه فأكرم السلطان المولد الذكور ثم بعد أيام أنعم عليه بإمرة عشرة بطرابلس وسم له بالتوجه إليها ويكون معه بها نحو عشرة من حاشية والده.
وفي يوم الأربعاء حادي عشرية وصل سونجيغا اليونسي أحد أمراء العشرات ورأس نوبة أمير حاج الرجيبة وصحبته جرباش المحمد الناصري أحد الألوف بالديار المصرية ومن الغد وصل خيربك المؤيدي بالركب الأول وفي يوم الجمعة ثالث عشرية وصل تمربغا الظاهري الدوادار الثاني يركب حاج المحمل.
وفي هذا الشهر استقر الشباب أحمد التلمساني المغربي في قضاء المالكية بدمشق بعد عزل القاضي سالم.
وفيه توفي قاضي مدينة الينبع الشمس محمد ابن زبالة وفي العشر الأخير من هذا الشهر توفي الجمال عبد الله بن هشام أحد نواب الحنابلة.
وفي يوم الخميس تاسع عشرية توفي الرئيس مجد الدين عبد الرحمان ابن الجيعان ناظر الخزانة وكاتبها.
صفر أوله الجمعة وطلعا قصاد جهان شاه فتمثلوا بين يدي المواقف وقدموا هدية مرسلهم وتشتمل على بعض خوذ وزرديات وجمال خاتي أربعة عشر جملا وصحبتهم ابن أخيه اصبهان بن قرا يوسف وسنة نحو عشر سنين وكانت المطالعة بالعجمي فعربت ومعناه الود للسلطان وإنه تحت طاعته واعتذر أيضاً عن قدومه من ديار بكر وأخذه ارزنكان ومدينة ماردين من جهان كير بن علي بك بن قرا يلك وإنه لم يفعل ذلك غلا لخروجه عن طاعة السلطان وسوء سيرته في الرعية والقصد رفع يده عن ممالك ديار بكر وتوليتها عمه الشيخ حسن بن قرا يلك لتكون تحت طاعة السلطان ثم ذكر القاصد أن مرسل أرسل بابن أخيه ليكون تحت نظر السلطان ومن جملة مماليكه فأخذه في الحال وضمه إلى ولده المقام الفخري عثمان ثم انفض الموكب وعاد القصاد إلى حيث أنزلوا بالميدان ومنعوا من الاجتماع بالناس ورتب لهم السلطان في كل يوم برسم النفقة عشرة آلاف درهم.
وفيه ورد الخبر بموت خوند كار مراد بك بن عثمان متملك الروم في سابع المحرم منها.
ربيع الأول أوله السبت فيه توفي الشيخ شمس الدين محمد ابن إحسان الشافعي شيخ خانقاه سعيد السعداء واستقر في المشيخة بعده الشيخ خالد.
فكانت تقدمة الجمالي تشتمل على ذهب عين خمسة آلاف دينار ومن الصوف الملون خمسين ثوبا ومثلها من المخمل الملون ومن البعلبكي مائة ومن الفرو وسمور خمسة أبدان وكذا من الوشق وعدة أبدان من السنجاب وقماش سكندري كالمناديل المذهبة والشقق الحرير وغير ذلك وسكر نبات وحلوي وفاكهة على عدة حمالين وكانت تقدمة الزيني تشتمل على خمسة آلاف دينار أيضاً ومن البعلبكي خمسمائة ثوب مخمل مدنر وسادج أربعين ثوبا وقماش سكندري ما بين مناديل مذهبة وشقق حرير وغير ذلك وثمانية أفراس وسكر نبات وحلوى وفاكهة على عشرين حمالا.

وفي يوم الثلاثاء رابعه لبس الزيني خلعة الاستمرار كاملية بفرو وسمور وفي أوائل هذا الشهر وردت الأخبار من البلاد الشامية بأن جهان كبير بن علي بك بن قرا يلك صاحب امد أرسل أخاه حسنا وصحبته جماعة من عسكره لقتال عسكر جهان شاه بن قرا يوسف الذي هو صحبة عمه الشيخ حسن بن قرا يلك فسار حسن بمن معه غارة وبيت عمه الشيخ حسنا بمن معه من عسكر جهان شاه وطرقه بغتة فظفر بعمه وبابنه فقتلهما معا وحز رأسهما وقتل معهما عدة من عسكر جهان شاه وأبدع فيهم ثم عاد حسن إلى أخيه جهان كبير بآمد مؤيدا منصورا.
وفي يوم الخميس سادسه لبس الجمالي ناظر كاملية بفرو وسمور.
وفي يوم الخميس ثالث عشرة توفي القاضي شمس الدين محمد ابن أخت السخاوي.
وفي يوم الجمعة رابع عشرة ويوافقه حادي عشري برمودة أحد شهور القبط لبس السلطان القماش الأبيض على العادة.
وفي يوم الاثنين سابع عشرة عقد السلطان عقده على ابنة الزيني عبد الباسط وكان المتولي له قاضي الحنابلة البدر البغدادي وخلع عليه السلطان بعد إنجاز العقد كاملية بفرو وسمور.
وفي يوم الجمعة حادي عشرية سافر الزيني الاستادار للوجه البحري لحفر بحر المنزلة وعمل مصالح تلك النواحي على ما يزعم وسافر معه اينال العلائي الناصري اتابك العساكر وتنم من عبد الرزاق المؤيدي أمير مجلس لكونه عرف السلطان أن لهما بتلك النواحي بلادا داخلة في اقطاعهما وحسن له توجههما معه للنظر في مصالح بلادهما فان بحر المنزلة قد استد فمه وصار فيه الرمل كالجبال فرسم لهما بالسفر معه فتبرما من ذلك فلم يقبل السلطان عذرهما الزمهما بذلك فسافرا صحبته في اليوم المذكور.
وفي يوم الأحد ثالث عشرية توفي الشيخ شمس الدين محمد الكاتب الرومي الحنبلي.
وفي يوم الخميس سابع عشرية استقر صاحبنا القاضي بدر الدين ابن القطان في قضاء طرابلس ثم عزل بعد أيام ورشح والده عوضه وكلاهما لم يل.
وفي هذا الشهر انحط سعر الغلال فأبيع القمح بثماني مائة إلى ألف والقول بسبعمائة فما دونها وفوقها وهو قليل جداً والشعير بنحو ذلك انحط سعر التين بحيث بيع الحمل المحاشاة نحو ثلاثمائة بعد سبعمائة وبيع الدقيق العلامة بمائتين وخمسين البطة بعد خمسمائة والرطل من الخبز بأربعة بعد ثمانية وطال مكث هذا الغلاء بالديار المصرية حتى افتقر جماعة بسبب مكثه.
وفي هذا الشهر أيضاً والذي قبله فشت في الناس أمراض حادة توعك منها خلائق لا يحصرون وتوفي فيه أيضاً خلائق وفيه وردت الأخبار من البلاد الشامية بغلو أسعارها إلى الغاية وان القمح بيع فيها كل غرارة بستمائة قصة وكذا وقع الغلاء فيها أيضاً في سائر المأكولات لكثرة من قدم عليها من مصر وغيرها فرارا من الغلاء ولعظم ما وقع بها من الثلوج فلله الأمر.
ربيع الآخر أوله الاثنين في يوم الخميس حادي عشرة وردت على السلطان مطالعة صاحب مكة الشريف بركات تتضمن إنه ورد عليه الخبر من الهند بعود تمراز المؤيدي المصارع من بلاد كالكوت إلى جهة بندر جدة وإنه اشتري بما كان معه من مال السلطان الذي أخذه من بندر جدة أصنافا البهار للمجر وإن عزمه العود إلى الطاعة.
وفي يوم الجمعة تاسع عشرة أرسل الشيخ المعتقد محمد السفاري المقيم بجامع عمرو إلى المحتسب الشيخ علي العجمي بفقيرين ومعهما جنزيران وباشتان وقالا له الشيخ على العجمي بفقيرين ومعهما جنزيران وباشتان وقالا له الشيخ يأمرك أن تجعل في عنقك أحد الجنزيرين والباشتين والآخرين في عنق عز الدين فلما سمع مقالتهما اشهد عليهما بذلك وطلع بهما إلى السلطان من الغد في يوم الست واخبره بمقالتها فأمر بهما فضربا بين يديه ضربا مبرحا على أكتافهم وضرب دوادار وإلى مصر على مقعدة لكون هو الآتي بهما إلى المحتسب بأمر الشيخ ثم شهراً بالقارة وحبسا بحبس المقشرة وطلب السلطان السفاري ليوقع به فتوجه إليه دوادار جانبك الوالي وطلبه من غير إزعاج فلم يلتفت الشيخ لذلك وسب السلطان وحفظت عنه كلمات في حقه دالة على قرب زواله أن صدق منها آلة قال إنه يموت في حادي عشري جمادى الأولى منها ومن الناس من نقل إنه قال اكتبوا عني هذا وكثر تخبيط العوام بل غالب الناس في ذلك واختلفت الأقاويل في أمر الشيخ وما سيأتي أعجب.

جمادى الأولى أوله الثلاثاء فيه سافر الشهابي أحمد بن علي ابن اينال أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية إلى ثغر إسكندرية ورشيد بمماليكه وحشمة لحفظ الثغر المذكور من مفسدي الفرنج.
وفي يوم الجمعة حادي عشرة توفي الشيخ محمد السفاري صاحب الواقعة مع الشيخ على المحتسب قبل تاريخه وهو القائل بان السلطان الملك الظاهر جقمق يموت يوم حادي عشرين هذا الشهر فمات الشيخ محمد المذكور قبل ذلك في يوم حادي عشر الشهر المذكور فهذا الأمر من الغريب لكونه يبشر بموت السلطان في يوم معين ويموت هو قبله بعشرة أيام ولم يظهر لكلامه بعد ذلك صحة وأغرب من هذا على ما حكى لي من أثق به أن الشيخ محمدا السفاري لما قال هذا الكلام وازدحم الناس على بابه لسماع هذا الكلام منه قال بعض الفقراء ممن لا يوبه إليه حتى يعيش محمد السفاري إلى ذلك اليوم فكان كذلك فكان الكشف من هذا الفقير الثاني أعظم وقد ظهر لي بموت الشيخ محمد السفاري في هذا الفقير الثاني اعظم وقد ظهر لي موت الشيخ محمد السفاري في هذا الفقير الثاني اعظم وقد ظهر لي بموت الشيخ محمد السفاري في هذا التاريخ شيء وهو الصواب وهو أن الشيخ لما طلبه السلطان ليوقع به بعد أن بلغه ما وقع لفقيرته من الضر والحبس والإعانة عظم ذلك عليه وعلم بموت نفسه في يوم حادي عشر الشهر فقال معناه في اليوم الفلاني يستريح بالموت فتحرف الكلام على من سمع قوله في يوم حادي عشرة بيوم حادي عشرينه وأما بقوله نستريح بالموت بأنه أشار بذلك إلى السلطان لا إلى نفسه فإن غالب الفقراء أرباب الكشف لما تحصل لهم نوع من الكشف يقولون بإشارة الخبر عن أنفسهم ويقتصدون بذلك لمن حضر فحملت العوام كلام الشيخ على هذه القاعدة بان الشيخ محما لما قال يموت في اليوم الفلاني ما قصد إلا عن السلطان لكونه ضرب فقراءه ولم يكن غير ذلك فان الشيخ محمدا السفاري كان خيرا دينا حسن السيرة يقصد للزيارة رحمه الله تعالى.
وفي يوم الجمعة هذا ورد الخبر من البلاد الحجازية بان تمراز المصارع فر من بلاد الهند إلى جبرت، مملكة السلطان سعد الدين بغير مال وهذا الخبر فيه أقوال.
وفي يوم الاثنين رابع عشرة قدم الأمير فراجا العمري من دمشق إلى القاهرة وكان مقيما بدمشق من جملة أمراء البطالين.
وفي يوم الأحد العشرين منه ويوافق سادس عشرين بؤنة أحد شهور القبط أخذ قاع النيل فجاءت القاعدة أربعة اذرع وخمسة عشر إصبعا وكان النيل في هذه السنة قد احترف احترافا زائدا حتى خاص الناس من عدة مواضع من ساحل بولاق إلى منبابة وقل جريان الماء إلى الغاية وقاست الناس في هذه السنة من البلاء والشدائد والغلاء والجهد ما لا مزيد عليه واتضع جانب أهل الديار المصرية رئيسها ووضيعها بل أشرفت القاهرة على الخراب وبرح عنها خلائق من أهلها لا تدخل تحت الحصر إلى البلاد الشامية وورد عليها من أهل القرى ومن الأعراب أمثال من خرج منها وكثرت الفقراء منهم بالقاهرة حتى صاروا أفواجا في الطرقات ومات منهم خلائق كثيرة من شدة القحط.
جمادى الآخرة أوله الخميس في ثامنه بقي السلطان ببيت الزيني عبد الباسط وفيه سافر زين الدين يحيى الاستادار إلى جهة المنصورة بالوجه البحري.
وفي يوم السبت عاشره لبس القاضي شهاب الدين أحمد ابن الزهري قضاء الشافعية بطرابلس.
وفي يوم الأحد حادي عشرة وصل ابن بشارة مقدم العشير بالبلاد الشامية وأخبر إنه طرق صور عدة مراكب من الفرنج تزيد على عشرين مركبا وهجموا صور وانهوا من بها حتى أدركتم ابن بشارة المذكور بجموعه وقاتل الفرنج قتالا شديدا حتى جلاهم عن البلد وقتل من الفريقين جماعة وانتصر المسلمون وقبض ابن بشارة المذكور على عدة من الفرنج وقطع رؤوسهم ولله الحمد.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرة ورد الخبر بموت السيد الشريف هلمان ابن زبير بن مخبار أمير مدينة الينبع في أواخر جمادى الأولى وكان مشكور السيرة على مذهب القوم.
وفي الأربعاء رابع عشرة ورد الخبر بان عشر مراكب الفرنج هجمت على الطينة وقاتلوا من بها وقتل من المسلمين خمسة نفر وقل من الفرنج جماعة ثم رجعت الفرنج بالخزي والهوان.

وفي يوم الاثنين سادس عشرينه لبس عبد العزيز بن محمد الصغير أحد الحجاب والأمير آخورية شاد الأوقاف وكان السلطان قد رسم له بذلك قبل تاريخه وباشر عبد العزيز المذكور ذلك وأمر ونهى في أرباب الأوقاف وظلم وعسف لا سيما في مباشري مدرسة الملك الناصر حسن فقه رسم علهم وأبادهم فلما خلع عليه في اليوم المذكور ونزل بخلعته إلى داره أرسل قاضي القضاة سعد الدين ابن الدبري الحنفي ورقة إلى السلطان يعرفه بسوء سيرته وما عمله في مباشري وقف مدرسة السلطان حسن ووجد بذلك من له غرض في عزله من أعيان الدولة سبيلا للتكلم فيه فتكلم وامعن فعزله السلطان من وقته وأرسل بالطواشي مرجان الحسنى الحبشي الجمدار الخاص إليه بعزله وبأخذ الخلعة من عليه وأخذ المربعة منه فسر الناس بعزله سرورا زائدا واشبع أيضاً بين الناس بعزله عن إمرة حاج الركب الأول وكل ما يفعله عبد العزيز هذا يكون في الغالب بغير رضى أبيه محمد الصغير.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشرينه وصل زين الدين الاستادار من سفرته إلى جهة المنصورة.
شهر رجب أوله الجمعة ويرافقه سادس أبيب فيه نودي على النيل المبارك بزيادة خمسة عشر إصبعا من الذراع الثاني عشر وقد تطاول الناس للزيادة في هذه السنة وكثر السؤال عن ذلك بحيث أن النساء قد صرن يسألن عن ذلك قلت والناس معذرون في كثرة السؤال عن هذا المعنى في مل هذه السنة فان الديار المصرية قد أشرفت على الخراب من عظم ما وقع فيها في هذه السنين من الغلاء المتداول والقحط المتطاول ثم الشراقي العظيم وقد نفذ ما بأيدي الناس من التاع والأموال وخلت غالب القرى من أعلاها والعالم منتظرون هذا النيل القادم فإن كان وإلا فالله تعالى يحسن العاقبة بمحمد وآله.
وفي هذه الأيام انحل سعر الغلال بالديار المصرية فأبيع القمح بتسعمائة درهم الإردب إلى ما دونها والقول بدون ذلك بيسير وهو قليل الوجود جداً والشعير بخمسمائة درهم الإردب إلى ما فوقها وإما سائر ما يوكل من اللحوم والاجبان فبالغلو الزائد الخارج عن الحد.
وفي الثلاثاء ثاني عشرة أمر السلطان بعزل القاضي كمال الدين ابن البارزي عن كتابه السر وسبب ذلك غريبة من الغرائب وهي أن ورثة شمس الدين محمد الحموي ناظر القدس وقفوا إلى المواقف الشريفة بقضية بسبب الشكوى على من وضع يده على تركه شمس الدين المذكور فحال قراءة كاتب السر للقضية المذكورة أمر السلطان بعزله وتوجهه إلى حبس المقشرة من غير أن يعلم أحد ما الموجب لذلك فخرج كاتب السر لوقته وجلس بجامع الملك الناصر محمد بن قلأوون بقلعة الجبل فلم يطل جلوسه وإذا بالرسوم قد برز بتوجهه إلى أرضه على إنه يزن خمسة آلاف دينار فنزل إلى داره معزولا ولسان حاله يقول ما أحسن هذا لو دام واستمر وأخذ يستعفي عن الوظيفة بكل ما تصل القدرة إلي فلم يسمع له ذلك ورسم بطلوعه ولبسه خلعة الاستمرار حسبما يأتي.
وفي يوم الخميس رابع عشرة ويوافقه تاسع مسرى أحد شهور القبط وفي النيل المبارك ستة عشر ذراعا ونودي بزيادة إصبعين من الذراع السابع عشر فنزل المقام الفخري عثمان من وقته في وجوه الناس من الأمراء وأعيان الدولة إلى أن عدى النيل وخلق المقياس ثم عاد في الخراقة حتى فتح السد على العادة ثم ركب وطلع إلى القلعة فكان هذا اليوم من الأيام المشهودة لغاية سرور الناس بوفاء النيل وخلق الناس بعضهم بعضا بالزعفران وكثر حمد الناس وشكرهم لله تعالى على هذه المنة العظيمة ولله الحمد وما أحسن قول سبط الشيخ شرف الدين عمر ابن الفارض في هذا المعنى رحمه الله تعالى )الكامل(.
يَا رَبِ يا لمُخْتَاَر مِنْ كُلِ الْوَرَى ... أسْبِلْ عَلَى المِقْيَاسِ خِلْعَةَ سَتْرِهِ
وَأفِضْ عَلَى السُّدّ المُبَارَكِ مَاءَهُ ... وَأكْسِرْهُ رَبِ فَجَبْرُنَا في كَسْرِهِ
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشرة رسم السلطان بعود النواب بالبلاد الشامية من البلاد الحلبية إلى محل كفالتهم وكان لإقامتهم بالبلاد الحلبية فوق السنة.
وفي يوم الخميس حادي عشرينه لبس القاضي كمال الدين ابن البارزي كاتب السر خلعة الاستمرار بعد أن تمنع من الطلوع غير مرة.

وفي هذا الشهر ورد الخبر من بلاد الصعيد بأن في ناحية بوتيج نخلة جافة نبع رأسها ماء كثير ملئت منه جملة أوان من جملتها أواني زجاج حملت إلى الأبواب الشريفة فوجد الماء صافيا عذبا فأمر السلطان بالاحتفاظ على الماء بالشرابخاة السلطانية ثم وقفت بعد ذلك على كتاب نائب لوجه القبلي يذكر فيه فضولا ومن جملتها أن أمر النخلة النابع منها الماء بيوتيج صحيح مع إنها جافة جداً مع كلام آخر انتهى.
شعبان أوله الأحد وبوافقه آخر أيام النسيء آخر السنة القبطية فيه كان زيادة النيل إصبعا واحدا لتتمة عشرة أصابع من الذراع الثامن عشر والأسعار إلى الآن مستحسنة غير أنها انحطت قليلا بالنسبة لما مضى فأبيع القمح بتسعمائة درهم الإردب إلى ما فوقها والشعير بخمسمائة وخمسين درهما الإردب إلى ما دونها والقول بثمانمائة درهم الإردب إلى ما دونها وحب البرسيم بثمانية دنانير الإردب إلى ما دونها وانحط سعر بقية المأكولات قليلا فأبيع الدقيق بمائتين وخمسين درهما البطة والخبز بثلاثة دراهم الرطل والجبن المقلي بأربعة وعشرين درهما الرطل والجبن الأبيض بنيف وعشرين درهما الرطل والزيت الحار بثلاثة عشر درهما الرطل والزيت الطي بثمانية عشر درهما الرطل والشيرج بأربعة وعشرين درهما ولحم الضأن في عظمه بأربعة عشر درهما الرطل ولحم البقر بعشرة دراهم الرطل والسمن بأربعين درها الرطل وقس على ذلك.
وفي يوم الخميس عشرينه ويوافقه تاسع توت أحد شهور القبط نودي على النيل بزيادة إصبع واحد لتتمة تسعة أصابع من الذراع التاسع عشر وكان ذلك نهاية زيادة النيل في هذه السنة.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرينه رسم السلطان بتفرقة دراهم الكسوة على المماليك السلطانية على العادة ف كل سنة لكل مملوك ألف درهم فقعد مقدم المماليك الأمير مرجان على سلم الإيوان للتفرقة على العادة في كل سنة واستدعاهم كاتب المماليك السلطانية فامتنعوا من الأخذ وطلبوا الزيادة وهددوا الجمالي ناظر الخواص بالضرب وغيره وبلغ السلطان الخبر فغضب من ذلك وخرج من وقته ماشيا حتى وصل إلى الإيوان وجلس على السلمة السفلى بالقرب من الأرض واستدعي كاتب المماليك بعضهم فلم يلتفت أحد إلى استدعائه ولا أخذ أحد شيئا وصمموا على طلب الزيادة وصاروا عصبة واحدة وتكرر استدعاء كاتب المماليك لهم وهم على ما هم عليه فلم يسع السلطان إلا أن دعا عليهم وقام غضبانا حتى عاد إلى الدهيشة وقد حصل له بمجيئه غاية الهوان وشددوا المماليك على ناظر الخاص في الطلب وهو يقيم بالدهشية من القلعة إلى أن يضحى النهار فقام وهم بالنزول وأراد الركوب فمنعه من ذلك بعض أصحابه وحذره غاية التحذر فعاد إلى الدهيشة بعد أن وصل إلى باب المدرج ثم نزل من يومه وانقطع عن الخدمة حتى وقع الاتفاق على أن يكون لكل مملوك ألفا درهم فرضوا بذلك وأخذوا النفقة.
وفي يوم الأحد تاسع عشرينه عزل عبد العزيز بن محمد الصغير عن إمرة حاج الركب الأول ثم أعيد بعد أن سعى في ذلك سعيا كثيرا.

شهر رمضان أوله الاثنين أهل هذا الشهر والناس في أمر مريج من عدم اللحوم والغلاء المفرط في سائر الأقوات الذي لم يعهد مثله في سالف الاعصار وكثرت الفقراء بالقاهرة إلى الغاية واتسعت الأراضي بالري واحتاجت الفلاحون إلى التقاوي لزراعة الأراضي وعزت الأبقار بالقاهرة وضواحيها حتى بيع الزوج البقر الهائل بمائة وعشرين دينارا وما دونها وأغرب من ذلك ما حدثني السيفي اياس الخاصكي خازندار الاتابك اقبغا التمرازي بحضرة الأمير ازبك الساقي وغيره من الأعيان إنه رأى ثورا هائلا ينادي عليه بأربعين ألف درهم فاستغربت مقالته وأردت أن أسمع ما يقول غيره ممن حضر حتى أثق بهذا الخبر لأكتب عنه ذلك فقال ازبك نعم وأنا سمعته يقول كذلك للمقر الجمالي ناظر الخاص فلما سمع اياس ذلك وفهم عني أني استغربت هذه الحكاية شرع بذكر جماعة ممن رأى ذلك وعاينه انتهى قلت وتفقر خلائق ممن ليس لهم مروءة أخذوا في السؤال واتضع حال جماعة ممن لهم شهرة واسم لعظم القحط وطول مكثه في هذه السنين الثلاث وأمسك في هذه الأيام جماعة من البيعة ومعهم لحوم الدواب الميتة ولحوم الكلاب وشهروا بالقاهرة ونودي عليهم وتفرغت حواصل الغلال التي كانت مذخرة عند أربابها من طول مكث الغلاء وضاقت أعين الناس ولولا أن القلوب اطمأنت بري البلاد في هذه السنة وإلا لكان الأمر أعظم من ذلك.
وفي يوم الخميس رابعه لبس القاضي سراج الدين عمر بن موسى الحمصي الشافعي في قضاء دمشق عوضا عن القاضي جمال الدين يوسف الباعوني وفيه أيضاً استقر القاضي شهاب الدين أحمد الزهري الشافعي في قضاء حلب عوضا عن ابن اخزري والخزري بفتح الخاء المعجمة والراء المهملة وكسر الزاي وفيه ورد الخبر بموت الشريف اميان ابن مانع الحسني أمير المدينة النبوية على ساكنها افضل الصلاة والسلام وولي الإمرة من بعده الشريف زبير بن قيس بن ثابت.
وفي يوم الخميس حادي عشرة لبس الأمير ناصر الدين محمد ابن مبارك نائب البيرة حجوبية حجاب دمشق بعد عزل انبك الناصري وتوجهه إلى القدس بطالا وكان قدوم ابن مبارك هذا في أوائل هذا الشهر.
وفيه خلع السلطان على الأمير جانبك اليشبكي وإلى القاهرة بسفره إلى إنجون من بر التركية لعمارة عدة مراكب برسم الجهاد.
وفي يوم السبت العشرين منه لبس ابن مبارك خلعة السفر.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرينه سافر الأمير جانبك وإلى القاهرة إلى التركية ومعه عدة عمال وغيرهم.
وفي يوم الجمعة سادس عشرنه ويوافقه رابع عشرين بابة لبس السلطان القماش الصوف الملون والبس الأمراء مقدمي الألوف على العادة.
وفي يوم السبت سابع عشريه توفي ناصر الدين محمد بن البغا الحاجب الثاني بحلب بالقاهرة غريبا عن وطنه والتاج البلقيني الشافعي.
وفي يوم السبت ثامن عشرة برز المحمل لبركة الحاج وأميره سونجبغا اليونسي الناصري وأمير الأول عبد العزيز بن محمد الصغير وهما في حج قليل إلى الغاية لعلو الأسعار وقلة الجمال وورد الخبر من مكة بإرسال تمراز من بكتمر المؤيدي المصارع الفار من بندر جدة قبل تاريخه خمسمائة تكره من البهار إلى بندر جدة ووعد بإرسال ما بقي عنده وطلب تشريفا بولاية اليمن وكتب إليه الجواب بحضور إلى الديار المصرية أو إلى بندر جدة ووعد بإرسال ما بقي عنده وطلب تشريفا بلاية اليمن وكتب غليه الجواب بحضور إلى الديار المصرية أو إلى بندر جدة وبلبس الخلعة ووعد بكل خير من ذلك أن السلطان رسم بأن يكتب له بأنه يحضر، ويجربنا هذه المرة قلت والتجربة خطر وأظنه يعرف ذلك.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرية سافر الركب الأول من الحاج وسافر المحمل من الغد.
وفي يوم الخميس ثالث عشرية نقي السلطان اسندمر الجقمقي إلى البلاد السامية على اقبح وجه لشكوى الزيني الاستادار منه فلما وقع ذلك بلغ الزيني توعد جماعة المماليك الجلبان أن تم نفي المذكور فخارت طباعه فالح على السلطان في عوده على حاله فأجيب.

وفي هذا الشهر أكلت الدودة من القرط المزروع الأخضر ما لا يدخل تحت الحصر بسائر أقاليم مصر لا سيما إقليم الجيزة والبهنساوية من الوجه القبلي فأنها لم تدع فيه شيئا إلا أتت عليه وأعدمته عن آخره حتى بيع الفدان البرسيم بعشرة دنانير ثم انحط في آخر السنة واحتاج الناس إلى التقاوي ثاني مرة مع غلو السعر وأكل الدودة في هذه السنة أمرا لم نسمع بمثله فإن العادة إنها إذا أكلت زرعا تأكل شيئا وتترك أكثره بخلاف هذه السنة فأنها صارت ترعاه أعظم من رعي الجاموس والبقر بحيث لا تترك العرق الواحد وكانت تأكل فيما تأكل الخمسين فكانا والمائة فكان فأكثر وأقل فما شاء الله كان ذو العقدة أوله الخميس في يوم الجمعة تاسعه فدم القاضي صلاح الدين خليل بن محمد ابن السابق كاتب سر دمشق وطلع من الغد إلى السلطان.
وفي يوم الاثنين ثاني عشر عزل السلطان قاتباي الحمزاوي عن نيابة حلب بسبب إنه أرسل يعلم السلطان إنه بلغه من النواب بالبلاد الشامية أن جهان شاه بن قرا يوسف يريد يمشي بنواحي ملطية ويمشي على سليمان بن ناصر الدين بك ابن دلغادر نائب ابلستين وإنه يسأل هل إذا طلبه سليمان المذكور يوافقه على قتال جهان شاه أم لا فبمجرد أن سمع السلطان ذلك استشاط غضبا ورسم بعزله واستقرار دولات باص الدوادار الكبير في نيابة حلب عوضه فامتنع واستعفى واعترف بعجزه في الملأ وبعدم أهليته وأعفى واستمر قانباص على عادته وفيه نفي ارزمك اليشبكي الخاصكي ثم شفع فيه فأعيد بعد أن اخرج السلطان من اقطاعه حصة بناحية مرصفا لحفيده ولد المقام الفخري عثمان ثم بطل أيضا.
وفي يوم الثلاثاء العشرين منه طلب السلطان أصحاب خيال الظل وحرق جميع ما معهم من الشخوص المصنوعة للخيال وكتب عليهم قسائم بعدم عودهم لفعله ورسم بأبطال خدمة يوم الخميس من الموكب وقال في خدمة يوم الاثنين كفاية في الجمعة وقد كان ابطل من سنين أيضاً خدمة السبت والثلاثاء من القصر السلطان فصارت الخدمة الآن في القصر بالكلفاة في الجمعة يوم الاثنين لا غير وباقي الأيام تكون الخدمة بالحوش السلطاني بدون كلفتاه وهو شيء لم نعهد مثله ولا سمعنا به في سالف الإعصار ثم ابطل السلطان أيضاً ما كان يعمل بالقلعة من الزوفة بالغاني والمواصيل والخليلية عند غروب الشمس وعند فتح باب القلعة باكر النهار وبعد العشاء التي يقال لها نوبة خاتون ورسم لأرباب هذه الوظائف بالمضي لحال سبيلهم فعظم ذلك على الناس لما كان به للقلعة من الجمال الذي يعرف به فتح باب القلعة من مسافة بعيدة لعظم الغوغاء من الطبلخانات والخيليلة والمواصيل وغير ذلك وكان يصير به أبهة وعظمة زائدة ورعب وهيبة لمن لا إلمام له بطلوع القلعة فزال هذا كله وقد ابطل السلطان منذ تسلطن وإلى تاريخه أشياء كثيرة من شعار المملكة بخلاف غيره من ملوك الترك فان كل واحد من ملوك الترك المتأخرين ابطل شيئا مما فعله الملوك الترك فان كل واحد من ملوك الترك المتأخرين ابطل شيئا مما فعله الملوك المتقدمون وأول من أخذ في إبطال المحاسن الظاهر برقوق ابطل ركوب الموادين بعد سلطنته بمدة طويلة ثم ابطل الناصر فرج التوجه لسرياقوس ثم ابطل المؤيد شيخ نيابة السلطنة بالديار المصرية ثم أبطل الأشراف زينة المراكب عند وفاء النيل وإما ما أبطله السلطان فكثير فمن ذلك خدمة الإيوان عند قدوم القصاد الغرباء إلى الديار المصرية وكان أمراً مهولا إلى الغاية رأيت أنا ذلك في الدولة الاشرفية غير مرة م ابطل نزول السلطان إلى وسيم ببر الجيزة على عادة الملوك ثم ابطل النزول إلى الإسطبل للحكم وبين الناس في يوم السبت والثلاثاء ثم ابطل التوجه إلى الرمي للصيد بطيور الجوارح ثم ابطل خدمة السبت والثلاثاء بالكفاة بالقصر السلطاني ثم ابطل سوق المحمل في رجب وكان من محاسن الدنيا وغرائبها ثم أبطل مسايرة أمراء الحج في رمضان ثم أبطل خدمة الخميس لكنه عملها بعد ذلك أحيانا ثم أبطل ضرب الخليلية بباب القلعة كما ذكرناه خارجا عما أبطله من شعار السلطنة فيلبسه وجلوسه وحركاته وأفعاله وذلك أيضاً كثير جداً.

وفي يوم الخميس ثاني عشرية أمر السلطان بحبس بيبرس بن بقر شيخ العربان وأميرها بالشرقية بحبس المقشرة وحبس معه أيضاً ابن شعبان شيخ العربان وأميرها بالشرقية أيضاً مدة ثم نقلا إلى البرج بعد أيام وكذا حبس من يوم تسلطن إلى تاريخه بالمقشرة جماعة من الأعيان والعلماء والفقهاء والقضاة وغيرهم زيادة على عشرة أنفس وهم المولوي السفطي قاضي الشافعية والبدر ابن عبيد الله الحنفي والمحب أبو البركات الهيتمي والقوام القمي العجمي الحنفي والبرهان البقاعي والشهاب الزقناوي والشهاب أحمد بن اسحق المصري والشهاب الدماصي قرقماش والناصري محمد بن سيدي عمر أيضاً خلائق لا يحصون في غير حبس المقشرة كحبس الديلم والرحبة والبرج من القلعة.
وفي يوم الخميس عمل السلطان الموكب لقصاد متملك الروم محمد بك بن مراد بك ابن عثمان.
وفيه العشر الأخير منه قدم يلبغا الجاركسي نائب دمياط منه معزولا وفيه توفي الشريف إبراهيم بن حسن بن عجلان الحسنى المكي بثغر دمياط فو الحجة أوله السبت فيه ورد الخبر من مكة بموت تمراز المصارع على ما سيأتي في الوفيات.
ذو الحجة أوله السبت فيه ورد الخبر من مكة بموت تمراز المصارع على ما سيأتي في الوفيات.
وفي ليلة الثلاثاء رابعه توفي البدر العيني الحنفي.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرة توفي الشريف المعتقد عفيف الدين أبو بكر محمد الابكي العجمي الشافعي نزيل بمني بعد توعك مدة يسيرة رحمه الله.
وفي السبت ثاني عشرية قدم الجمال يوسف الباعوني القاهرة بعد عزله عن قضاء دمشق مطلوبا لشكوي بعض الدمشقيين عليه بسبب وقف البيمارستان الدمشقي وغيره. وفي يوم الأحد ثالث عشرية وصل مبشر الحاج الشهابي أحمد بن أمير حاج المحمل سونجبغا اليونسي الناصري وأخبر بالأمن والسلامة وغلاء الأسعار بمكة حتى إنه أخبر أن حمل الدقيق بيع بمكة بثمانية وعشرين دينارا مع قلة الحاج المصري إلى الغاية وقس على هذا.
وفي يوم الاثنين رابع عشرية لبس الشرف الأنصاري خلعة الاستمرار على وظائفه بعد حمل ما قيمته آلاف دنانير واستقر منصور بن شهري في نيابة كركر.
وفي يوم الخميس سابع عشرية وصل السراج عمر الحمصي قاضي دمشق لمحاققة الباعوني المذكور قريبا وفي يوم السبت تاسع عشرية عقد بحضرة السلطان والقضاة الأربعة بالدهيشة من القلعة مجلس بسبب الباعوني والحمصي فانفصل الأمر على عزل الحمصي وإعادة الآخر لقضاء دمشق أول ما جلسوا وأظنها كانت مبيتة مع السلطان.

سنة ست وخمسين وثماني مائة
استهلت والخليفة القائم بأمر الله أبو البقاء حمزة والسلطان الظاهر جقمق وباقي أرباب الدولة من القضاة والنواب وأرباب الوظائف على حالهم كما تقدم ما خلا نائب صفد فإنه بيغوت المؤيدي وليها بعد موت يشبك الحمزاوي وما خلا ملك الروم مراد بك ابن عثمان فإنه توفي وولي بعده ولد محمد.
المحرم أوله الاثنين وفيه توفي العلاء علي بن أحمد القلقشندي الشافعي أحمد علماء الديار المصرية ودفن من الغد يوم الثلاثاء ثانيه رحمه الله.
وفي يوم الاثنين ثامنه وصل المحب ابن الشحنة قاضي حلب وكاتب سرها إلى القاهرة وطلع من الغد إلى السلطان وخلع عليه كاملية بسمور.
وفي يوم الاثنين خامس عشرة خلع السلطان على الجمال الباعوني المحرم كاملية السفر.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشرة لبس الصلاح خليل بعد محمد ابن السابق كاتب سر دمشق خلعة السفر.
وفي يوم السبت العشرين منه نفي السلطان السيفي دقماق اليشبكي إلى البلاد الشامية وأنعم باقطاعه على حفيده ولد المقام الفخري عثمان.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرية وصل ركب الأول وأميره عد العزيز ابن محمد الصغير.
وفي يوم الأربعاء رابع عشرية ولد الاربك ولد من ابنة السلطان وسماه محمدا وتفرقت حواشيه لبشارة الأعيان.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرية وصل قصاد بير بضع بن جهان شاه بن قرا يوسف إلى القاهرة.
وفي هذا الشهر فشا الموت بالقاهرة كثيرا بغير طاعون وعظم ذلك حين نقل الشمس إلى برج الحوت وانحطت الأسعار فبيع القمح بثمانمائة فما دونها والقول بخمسمائة فما دونها والشعير بأربعمائة فما دونها والكل في انحطاط والدقيق العلامة بمائتين وثلاثين البطة والخبز بأربعة الرطل والجبن المقلي ستة عشر وقس على ذلك.

صفر أوله الأربعاء فيه تزايدت الأمراض الحادة بالقاهرة وتوفي جماعة كثيرون من الناس.
وفي يوم الخميس ثانيه طلع قصاد بير بضع القلعة بهدية مرسلهم إلى السلطان وهي بغلة هائلة وبعض سلاح وقماش حرير كتابه وقبلت هديته وأنعم بالبغلة على الوزير ابن الهيصم.
وفي يوم الأحد تاسع عشرة توفي الإمام العالم ناصر الدين محمد بن كزلبغا إمام الاشرفية برسباي.
وفي يوم الأحد سادس عشرية توفي عظيم الدولة عالما ورئيسها الكمال أبو المعالي محمد ابن البارزي كاتب السر.
ربيع الأول أوله الخميس فيه لبس المحب ابن الأشقر خلعة الاستمرار عل وظيفة نظر الجيش.
وفي يوم الاثنين خامسه توفي الزيني طاهر بن محمد بن علي النويري المالكي.
وفي يوم الأحد حادي عشرة توفي الشهاب أحمد بن يعقوب وكان مشكور السيرة.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرة توفي قانصوه المصارع الاشرفي كان من الأفراد وفيه عمل السلطان المولد على العادة في كل سنة.
وفي يوم الأربعاء توفي البدر محمد بن فاتح الدين صدقة المحرقي.

وفي يوم الخميس خامس عشرة لبس ابن الأشقر كاتب السر خلعة الأنظار بالوظيفة.
وفي يوم الأحد ثامن عشرة توفي أبو بكر المصارع أحد من أنشأه الظاهر من الأوباش.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرة كان أول خمسين النصارى.
وفي يوم الثلاثاء عشريه طلب الشرف الأنصاري ناظر الجوالي نصارى القاهرة لكونه بلغه إنهم يشترون الجواري المسلمات وينصرونهن فأمرهم بإحضار من عندهم منهن لينظر في أمرهن فمن وجدها مسلمة في الأصل أو سابيها ردها إلى الإسلام وأمر صاحبها ببيعها فاستولى على جماعة منهن وهو في تتبع ذلك وهذا فعل لا بأس به وينبغي لكل مسلم الفحص عن ذلك وإيصال شأنه إلى الحكام ولو شق على أعيان الدولة الأقباط قبحهم الله.

وبعد الخماسين تناقص الموت قليلا وانحطت الأسعار كثير.
وفي يوم الجمعة سلخه ويوافقه سادس عشري برمودة لبس السلطان القماش الأبيض على العادة في كل سنة.
ربيع الآخر أوله السبت استهل والموت فاش في الناس لكن بغير طاعون وأما الضعف فكثير جداً.
وفيه انحط سعر الغلال فأبيع القمح بأربعمائة فما دونها وفوقها والفول بثلاثمائة فما دونها والشعير بمائتين فما دونها والخبز بدرهمين الرطل.
وفي يوم السبت مستهلة توفي الشيخ ولي الدين الرومي الحنفي نزيل جامع الأزهر وكان للناس فيه اعتقاد.
وفيه يوم الثلاثاء رابعه توفي الرئيس سعد الدين أبو غائب القبطي الأصل الحنفي عرف بابن عويض السراج.
وفي يوم الخميس سادسه لبس القاضي علاء الدين علي بن وجيه نظر جيش حلب بعد عزل ابن الشحنة وحصل لأهل حلب سرور زائد لبغضهم في ابن الشحنة المذكور حسدا له وفي يوم السبت ثامنه عقد مجلس بالقضاة بحضرة السلطان وادعى السلطان على المحب ابن الشحنة أن عنده وديعة لتغري برمش نائب حل نحو ثلاثين ألف دينار فنزل ابن الشحنة على البيان بعد أن اعترف إنه لم يكن عنده للمذكور سوى أربعة آلاف دينار وإنه ردها إليه فلما نزل إلى داره تكلم فيه أرباب لدولة عند السلطان فآل أمره إلى أن يحمل للخزانة مبلغا من الذهب له جرم اختلف في قدره من عشرة آلاف دينار إلى ما دونها قلت كل ذلك بوادٍ لأخذ السلطان أموال أهل الدولة.
وفي يوم الاثنين عاشره توفي سيف الدين ألطنبغا بن عبد الله اللفاف بطالا بداره ودفن من يومه كما سيأتي.
وفيه لبس الشيخ على المحتسب نظر التربة الناصرية حيث دفن الظاهر برقوق بالصحراء وشرطه لكاتب السر فوليها هذا باليد واقتلعه من ابن الأشقر.
وفي يوم الجمعة رابع عشرة توفي بطريق النصارى أبو الفرج النصراني اليعقبي ودفن من الغد.
وفي يوم الأحد سادس عشرة لبس الشريف معر أمير الينبع كاملية خضراء بسمور خلعة السفر.
وفي هذا الشهر وصل يشبك الصوفي المعزول قبل عن نيابة طرابلس من ثغر دمياط بطلب لمرضٍ حصل له ورسم له التوجه للقدس ليقيم به بطالا وأمره لسلطان أن يقيم بالقاهرة ما شاء لعمل مصالحه.

جمادى الأولى أوله الأحد في يوم الخميس خامسه رسم السلطان بتوجه ابن الأشقر كاتب السر إلى حبس المقشرة ليحبس بها بعد أن اوسقه سبا فشفع فيه من حضر من أرباب الدولة فرسم له بالتوجه لبيت الدوادار الكبير دولات باص على أن يحمل خمس آلاف دينار أو يتوجه إلى المقشرة فنزل فأقام بالبيت المذكور إلى بعد الظهر وأذعن إلى حمل المبلغ المعين فرسم بإطلاقه فركب وتوجه إلى داهر وانقطع عن الخدمة السلطانية إلى ما سيأتي وأخذ في حمل المبلغ وسبب ذلك أن شخصا من العرب وقف للسلطان وادعى أن اقطاعه خرج عنه في العام الماضي بغير موجب فلما سمع السلطان كلام البدوي التفت إلى المحب المذكور وقال للبدوي هذا الفاعل التارك هو الذي أخرج اقطاعك يعني أيام ولايته لنظر الجيش ثم أمر بما تقدم.
وفي هذا اليوم أيضاً طلب السلطان الزيني ابن الكويز ورسم بالترسيم عليه ببيت الدوادار الثاني تمربغا حتى يرد لقرقماش الاشرفي ما أخذه منه من ثمن قريةٍ ابتاعها قرقماش منه بالدقهلية تسمى منية العرايا من أعمال القاهرة وهو أربعة آلاف دينار وكان لما باعا الزيني للمذكور استأجرها منه سنين بمبلغ هائل فلما انقضت المدة واستولى عليها مالكها لم يجدها تفي بالمبلغ المعين من الخراج في كل سنة فشكاه إلى السلطان فطلبه والزمه برد الثمن إليه وأخرج سنة القرية للذخيرة السلطانية وأقام الزيني في الترسيم أياما حتى عمل المصلحة ثم أفرج عنه وردت إليه القرية.
وفي أوائل هذا الشهر وردت الأخبار من نواب البلاد الشامية بعودة جهان شاه بن قرا يوسف صاحب تبريز وبغداد من ديار بكر بن وائل إلى جهة بلاده بعد أن أقام بديار بكر وحواشيه تحاصر مدينة آمد وماردين نحو السنتين وأقام جيشه على حصار جهان كبير بن علي بك بن قرأ يلك بآمد قريبا من سنتين وكذلك على ماردين ثم رحلوا ولم يستولوا على قلعة واحدة من قلاعها غير أنهم استولوا على مدينة ماردين ما خلا قلعتها لا غير والمقصود من ماردين قلعتها ولما أراد جهان شاه الرحيل من جهة ديار بكر أظهر الصلح بينه وبين جهان كبير وتصاهرا باللفظ وأرسل جهان شاه خلعته لجهان كبير ثم سافر وكان عود جهان شاه من ديار بكر على رغمه لأنه بلغه أن بابور بن باي سنقر بن شاه رخ بن تيمورلنك وصل إلى الري وإنه يريد المشي على بلاد جهان شاه.
وفي يوم الاثنين تاسعه لبس المحب ابن الأشقر خلعة لاستمرار عل وظيفة كتابه السر وباشر على عادتها وما كان أغناه عن لبس هذه الكاملية التي غرم قبل لبسها خمسة آلاف دينار وقد استراح القاضي كمال الدين ابن البارزي من هذا النموذج القبيح.
وفي يوم الاثنين سادس خرجت تجريدة من القاهرة إلى البحيرة وفيها زيادة على مائتي مملوك من المماليك السلطانية وعليهم خشقدم الناصري حاجب الحجاب ويشبك الفقيه.
وفي هذا اليوم عمل السلطان الموكب بالحوش من القلعة وابطل موكب القصر بالكلية وهذا شيء لم نعهده ولا سمعنا بمثله في سالف الاعصار وفي يوم الخميس تاسع عشرة عمل السلطان الموكب القصر على العادة وأبطل ما كان أمر به من عمل الخدمة بالاكتفاء بالحوش السلطاني لما بلغه إنه أشيع عنه إنه قد عجز عن الحركة والمشي من لدور السلطانية إلى القصر ولما انفض الموكب خرج السلطان من باب القصر ماشيا إلى باب الستارة فلما كان في أثناء الطريق تقدم عن الأمراء بالمشي حتى صار أمامهم ثم قال يشاع عني أني عجزت عن المشي انظروا إلي كيف أمشي.
وأنعم بأقطاع جانم وهو حصة من جيبين القصر على حفيده سيدي محمد بن المقام الفخري عثمان ابن السلطان.
وفي هذا الشهر ورد الخبر بقتل الكامل خليل بن الاشرف أحمد بن العادل غازي صاحب حصن كيفا في العشر الأخير من ربيع الأول منها قتله ولده الناصر صبراً دخل عليه في أناس قلائل بالليل وقتلوه وبايع لنفسه وتم أمره على إنه تخلف عن طاعته عدة أناس غيرة لما فعلوا من قتل أبيه لا جزاه الله خيرا.

جمادى الآخرة أوله الاثنين في يوم الثلاثاء ثانيه ويوافقه سادس عشرين بؤونة أحد شهور القبط أخذ قاع النيل فجاءت القاعدة أعني الماء القديم خمسة أذرع وأربعة وعشرين إصبعا واستمرت الزيادة في كل يوم وفي يوم الاثنين ثامنه ويوافقه ثاني أبيب تماسك عن الزيادة في اليوم المذكور وثانيه بل قيل إنه نقص إصبعا واحدا فجزع الناس لذلك ثم زاد في يوم الأربعاء عاشره إصبعا واحدا واستمرت الزيادة في كل يوم.
وفي يوم الخميس حادي عشرة سافر تنبك البردبكي لظاهري أحد مقدمي الألوف إلى ثغر رشيد لحفظه من مفسدي الفرنج.
وفي هذه الأيام استقر السلطان بالزين عمر بن الشهاب أحمد ابن السفاح الحلبي في كتابة سرها عوضا عن ابن الشحنة ورسم بحمل التشريف له إلى حلب.
وفي يوم الثلاثاء سلخه وهو تاسع عشرية وصل إلى القاهرة من ثغر دمياط جانبك ليشبكي الوالي المتوجه قبل إلى بلاد التركية لعمل المراب بسبب الجهاد في سبيل الله وطلع إلى السلطان فخلع عليه فوقاني بطرز ذهب.
وفي هذا الشهر كان الفراغ من مدرسة الزيني الاستادار التي أنشأها بخط الحبانية على بركة الفيل ومصروفها مال جزيل.
وفيه فرق الشيخ على المحتسب بأمر السلطان على الفقراء طعاما كثيراً لا أعلم من أي جهة هو ومن له شيء فله أجره.
شهر رب أوله الأربعاء في يوم الأحد خامسه رسم السلطان بنفي السيفي قانصوه المحمدي الاشرفي الساقي كان في أول دولة أستاذه إلى مدينة حلب بغير موجب مع كونه من خيار أبناء جنسه.
وفي يوم الثلاثاء سابعه رسم السلطان بحبس قاضي المالكية المولوي السنباطي في المقشرة وسببه أن مسلما ادعى عنده على يهودي من تجار الجركس إنه لا يطالبه بحقه إلا من الشرع فحكم عليه بذلك فلم يرض اليهودي بالحكم وقال بل أنا أشتكي من حيث شئت والخاطر خاطري في طلب حقي فكرر القاضي عليه الكلام على لسان الترجمان فلم يسمع فضربه القاضي وحبسه ثم أطلقه فشكى اليهودي إلى السلطان فطلبه فقال الذي فعلته هو الشرع فقال له السلطان ما معناه أن السياسة تجري مجر الشرع وأنت حكمت بغرض ثم غضب وأمر به إلى الحبس فعزل القاضي نفسه في الحال وقام من المجلس وتوجه لجامع الناصري بالقلعة فأقام به قليلا حتى شفع فيه ونزل لداره معزولا إلى أن أعيد في يوم الخميس تاسعه.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرة ويوافقه سابع مسري أحد شهور القبط زاد البحر أربعين إصبعا وكان زاد قبل تاريخه أربعين على دفعتين عشرين في عشرين ثم زاد في يوم الثلاثاء رابع عشرة ثلاثين إصبعا فتكون زيادته في أربعة أيام مائة إصبع وعشرة ثلاثين إصبعا فتكون زيادته في أربعة أيام مائة إصبع وعشرة أصابع وبقي للوفاء اثنتان وعشرون إصبعا وفي الستة عشر وزاد إصبعين من الذراع السابع عشر ونزل المقام الفخري عثمان ابن السلطان في وجوه الدولة حتى خلق المقياس ثم عاد وفتح خليج السد علي العادة ثم عاد للقلعة فحصل للناس سرور زائد ولله در الأديب ناصر الدين ابن النقيب حيث يقول في هذا المعنى )الوافر(
كَأنَّ النّيلَ ذْو وَلبّ ... لِمَا يَبْدُو لعَيْنِ النَاس مِنْهُ
فَيَأتِي عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إليْهِ ... وَيَمْضي حِينَ يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ
وفي يوم الأربعاء ثاني عشرية استقر النصراني سليمان اليعقوبي بطريق النصارى عوضا عن أبي الفرج النصراني الهالك قبل تاريخه بعد شغورها أشهرا حتى قدم هذا من بلاد الصعيد.
وفي يوم السبت خامس عشرية نودي على النيل بزيادة إصبع لتتمة ستة عشر إصبعا من الذراع السابع عشر بعد توقف نحوا من سبعة أيام واختلفت الأقوال في عدم الزيادة ثم استمرت الزيادة دل يوم إلى انتهاء الزيادة.
وفيه نودي على النيل بزيادة إصبع لتتمة ثمانية عشر إصبعا من الذراع الثامن عشر وكان الموافق لهذا اليوم أول توت يوم النوروز.
وفيه رسم بفتح سد قناطر بحر منجا فتوجه الزيني الاستادار بتجمل زائد وصحبته غالب إلى الدولة حتى رأوا فتح السد من عدة أماكن والناس وقوف للتفرج وطائفة من العوام على الجسر المذكور وقد عمل الماء من تحته فانهار بهم الجسر ونزلوا البحر فأرادوا النهوض فانهار عليهم جرف آخر فطم الجميع فماتوا عن آخرهم ولم يوقف لهم على خبر وكانوا زيادة على العشرين فما شاء الله كان.

وفي يوم الجمعة سادس عشرة ورد الخبر بموت الجمالي يوسف بن يغمور نائب قلعة صفد بها.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرة وصل السيفي دقماق اليشبكي المنفي قبل إلى مدينة دمشق فرحب به السلطان ورد عليه اقطاعه الذي كان بيده قديما.
وفي هذا الشهر عزل السلطان إمام المقام بمدة المحب محمد الطبري ثم أعاده بعد أيام.
رمضان أوله السبت في يوم الاثنين ثالثه وصل إلى القاهرة من البحيرة خشقدم حاجب الحجاب ويشبك الفقيه عن معهما من المماليك السلطانية.
وكان ابن الشحنة لما قدم القاهرة حدثته نفسه أن يلي كتابه السر بالديار المصرية في حياة الكمال ابن البارزي فلم يصل واتفق مرض الكمال ثم موته فاجتهد ابن الشحنة حينئذ في السعي وبذل مالا كثيرا ووعد بأشياء كثيرة ودامت الوظيفة شاغرة أيضاً إلى أن طلب السلطان المحب ابن الأشقر وولاه إياها وأعطي الجيش للجمالي ناظر الخاص حسبما تقدم ذكره وفيه وصل مبارك شاه نائب الكرك وعزل وانحط قدره وتحقق السلطان سوء سيرته وأخذ أمره من يومئذ في أدبار إلى أن سافر من القاهرة في التاريخ المذكور.
وفي يوم الاثنين عاشره ويوافقه ثامن عشري توت أحد شهور القبط انتهت زيادة النيل إلى اثني عشر إصبعا من عشرين ذراعا وهذا غاية الزيادة في هذه السنة إلا إنه ثبت إلى أواخر بابة.
وفي يوم الخميس العشرين منه برز المرسوم بإحضار المقام لغرسي خليل بن الناصر فرج بن الظاهر برقوق من ثغر إسكندرية إلى القاهرة ليتوجه للحج وكتب له المقر الكريم والعلامة والده وصار الناس في سفره ما بين مصدق ومكذب فلما تم ذلك تحقق الحال كان ذلك من الغرائب فأنا لا نعلم أحد ا من أولاد السلاطين حج في الدولة التركية بعد وفاة والده الناصر فرج وجده الظاهر برقوق.
فأما انبك فهو باش المماليك السلطانية بمكة وأما الآخرة فهو ناظر الحرم وشاد العمائر ومحتسب مكة ورسم له أن يكون من جملة أمراء العشرات.
فلما نفي السلطان تغري برمش أنعم على شريكه بما كان يحصه وسيره إلى مكة في سنة أحد ى وخمسين واستمر معه إلى هذا الوقت فبدأ لسلطان أن يشرك معه فيه التاجي المذكور كما كان شريكه فيه تغرى برمش الفقيه.
ونال خليل بن الملك الناصر فرج عند صهره زوج أخت خوند شقراء جرباش المحمدي أحد المقدمين بالديار المصرية وكان دخله إلى القاهر من ساحل شهرا بعد ثلث الليل واستمر في بيت أخته والناس يترددون إليه ما عدا الأمراء إلى يوم الخميس ثاني عشرة فطلع إلى القلعة بعد انقضاء الخدمة وقبل نزول المباشرين فاجتمع بالسلطان بالدهشية من الحوش وصادف دخوله خروج السلطان وقرب منه أراد تقبيل الأرض فمنعه السلطان من ذلك وتعانقا طويلا وقبل كل منهما الآخر ثم جلسا من غير مقعد ولا مرتبة فتحادثا ساعة وطلب السلطان الخلعة وهي كاملية مخمل بفرو وسمور بمقلب سمور وقيد له فرساً بسرج ذهب وكنبوش زركش وانتصب السلطان قائما حتى لبسها الغرسي وعاد وقبل يد السلطان فقبل السلطان أيضاً يده فأوى المقام الغرسي إلى رجل السلطان فقبلها غصبا فنزل السلطان أيضاً على رجل المقام وقبلها وتباكيا وقال له السلطان أنا مملوك ومملوك والدك وجدك ثم استأذن الجمالي ناظر الخاص له في التوجه لزيارة القرافة وتربة جده الظاهر برقوق فقال السلطان يتوجه حيث شاء والتفت إلى المقام الغرسي فقال أنا ما أسمع الكلام الفشار أركب وأنزل وسر حيث شئت من غير حجر ثم سأل الجمالي أيضاً له السلطان أن يتوجه إلى المقام الفخري عثمان ولد السلطان فاستغاث السلطان وقال لا بل عثمان يتوجه إليه ويقبل يده وما يكفينا أننا أسأنا الأدب في عدم نزولنا إلى سيدي حتى طلع هو إلينا فيتوجه إلى عثمان أيضاً هذا ما لا يمكن أبدا فالح المقام الغرسي في ذلك فلم يجبه السلطان إليه وانفض المجلس ونزل من حيث طلع من باب السر إلى بيت صهره جرباش وفرشت الشقق الحرير تحت رجلي فرسه ونثر على رأسه الذهب والفضة واستحسن الناس فعل السلطان عه ومزيد الإكرام له وفي يوم الجمعة ثالث عشرة نزل المقام الفخري عثمان ابن السلطان للمدرسة الظاهرية برقوق بعد صلاة الجمعة فحضر عقد ولد شيخه الشيخ زين الدين قاسم بن قطلوبغا الحنفي ثم ركب وعاد إلى القلعة.
وفي ليلة الأربعاء ثامن عشرة توفي الزيني خشقدم اليشبكي مقدم المماليك كان في الدولة الاشرفية حسبما يأتي في لوفيات.

وفي يوم الجمعة عشرية ويوافقه سابع هاتور لبس السلطان القماش الصوف الملون وألبس الأمراء على العادة.
وفي يوم الاثنين رابع عشرة وصل إلى القاهرة تنبك البردبكي الظاهري أحد مقدمي الألوف بها وحاجب الحجاب كان المتوجه قبل إلى حفظ ثغر رشيد.
وفي هذا الشهر انحطت الأسعار في جميع المأكولات انحطاطا زائدا بالنسبة لما كانت عليه في السنين الماضية وذلك لعموم الري بالنيل في جميع بلاد الديار المصرية وتغليق تخضير أراضيها فأبيع القمح بثلاثمائة وعشرين فما دونها والقول بثلاثمائة فما دونها والشعير بمائة وأربعين فما دونها والدقيق البطة العلامة بمائة وعشرين فما دونها والخبز الرطل بدرهم ونصف واللحم الضأن باثي عشر والبقري بتسعة والجبن القلي بثمانية والأبيض بستة والشيرج باثني عشر وقس على ذلك وثبت سعر الدينار على ثلاثمائة وعشرين وهو شيء لم نعهد مثله.
وفي يوم السبت حادي عشرة قدم القاضي بدر الدين حسن ابن المزلق إلى القاهرة ولبس كاملية بفرو وسمور.
وفي يوم الثلاثاء رابع شكى شخص من الحلبيين يسمى أحمد ابن العطار على المحب ابن الشحنة قاضي حلب وذكر عنه أمورا شنعة وذكر إنه يثبت في جهته مائة ألف دينار تناولها من أوقاف حلب وغير ذلك بالطريق الشرعي وإن ابن الشحنة هدم مسجدا وادخله في دار التي بناها بحلب فلما سمع السلطان كلامه رسم بهدم الدار والقبض عليه وحبسه بقلعة حلب وكتب بذلك مرسوم على يد بشير الساعي ثم ندب السلطان بعد ذلك السيفي ألطنبغا الطربائي إلى التوجه إلى حلب بسبب الكشف عن أحوال ابن الشحنة وسافر بعد أيام.
وفي يوم الخميس ثالث عشرية وصل إلى القاهرة السيفي فارس دوادرا باي مبشر الحاج وأخبر بالأمن والسلامة.
وفي هذه السنة وقع ببلاد الشرق قنن عظيمة فمن ذلك الحروب التي وقعت بين أولاد باي سنقر بن شاه رخ بن تيمورلنك وهي مستمرة إلى يومنا هذا ثم ما وقع بين بابور بن باي سنقر المذكور وبين جهان شاه بن قرا يوسف بن قرا محمد متملك تبريز وأظنها مستمر كان كلا منهما طمع في الاستيلاء على ممالك الآخر وما وقع لملوك حصن كيفا من ديار بكر وهو أن الكامل صاحبها قتله ولده الناصر صبرا بين يديه وملك الحصن بعده واستوسق له الأمر من ربيع الأول منها كما تقدم ويأتي أيضاً في الوفيات فلما كان رمضان منها وثب على الناصر ابن عمه حسين بن عثمان بن الاشرف ودخل الحصن وقتل جماعة من أعوان الناصر ثم طلع القلعة وقتل الناصر صبرا فكانت مدة ملكه نحو ست أشهر ولم يتهنى بالملك بعد والده لا جرم أن الله عامله من جنس فعله الذي فعله بوالده الذي هو سبب انجاده بإذن الله ولكن كما تدين تدان وما ربك بظلام للعبيد ثم ساق الملك حسين المذكور وأتى بالناصر أحمد بن الكامل أخي الناصر المقتول وكان ولي عهد أبيه الكامل لكونه أكبر أولاده فملكه الحصن واستفحل أمره تم وأمر الناصر هذا من الغرائب فإنه كان خرج في أيام أبيه الكامل إلى بعض القطر لأمر ما فوثب أخوه الناصر في غيبته على والدهما وقتله وملك فاستمر النصر أحمد هذا مشتتا عن بلاده حتى كان ما كان من قتل أخيه ودخوله إلى الحصن سلطانا وتم أمره ولقب بالكامل كأبيه وكان دخول الناصر إلى الحصن بعد قتل أخيه باثني عشر يوما في عشري رمضان ولما استفحل أمره قتل كثيرين ممن كان ثار مع أخيه على أبيه كما ذكرنا بعض الواقعة في حوادث ربيع الأول منها.
ووقع أيضاً في هذه السنة بين أولاد على بك بن قرا يلك فتن كثيرة واستولى حسن بن علي بك علي آمد وأخذها من أخيه جهان كبير بن علي بك وأرسل بمفاتيحها إلى السلطان الظاهر جقمق فشكر له ذلك واستحسن ورد إليه المفاتيح.
وفي هذه السن أيضاً استولى الشريف بركات بن حس بن عجلان أمير مكة على مدينة حلي من أطراف اليمن عنوة واخرج صاحبها عنها وجعل إقامة ولده بها.
وفي هذه السنة شرع الرئيس سعد الدين إبراهيم ابن الجيعان في عمارة مدرسة على النيل بساحة بولاق بين الحجازية والبراخية.

التراجم
كان الخليفة المعتضد بالله داود مجتهدا في السير مع ندمائه وأصحابه على قاعدة الخلفاء فيضعف موجوده عن إدراك مقصده ولذلك تحمل جملة ديون ومحاسنه شتى أعرفه قديما وحديثا تزوج بزوجة.

الوالد بعد موته الست قمر بنت الأمير دمرداش وكان بينها وبين الوالدة محبة مستمرة إلى الممات رحمهم الله.
وكان الشيخ محمد ابن الزين من الشعراء المعدودة وشعره كثير بالأيدي مع استحضار القراءات السبع وله كرامة فإنه به صمم عظيم بحيث لا يكاد يسمع الطبول العظيمة وإذا قري عليه القرآن يرد الغلط رحمه الله.
وتوفي القاضي زين الدين عبد الرحمان الحنفي أحد نواب الحكم في يوم السبت الحادي والعشرين من رجب وكان مشكور السيرة.
سمع المقريزي على البرهان الشامي والحراوي والبران الآمدي والسراج البلقيني والزين العراقي والهيتمي وبمكة من ابن سكر والنشاور وغيرهما وأجاز له الشهاب الاذرعي والبهاء أبو البقاء السبكي والجمال الاسنوي وغيرهم.
وكان منقطعا عن الناس مع الدين المتين وكثرة الاوراد والتجهد والصيام حلو المحاضرة فكه المنادمة خصوصا في التاريخ وأيام السلف من القرون لماضية فإنه كان أعجوبة في ذلك وكان معظما في الدولة مبجلا عند الأكابر إلى الغاية حتى كان إذا خدم على الوزير ابن نصر الله ناظر الخاص يجلس بينه وبين ولده الصلاح محمد الاستادار على تيم فيهم أفعى عمره في كتابه التاريخ والتصانيف المفيدة النافعة التي هي في عدة فنون ويضيق المحل عن ذكرها استوعبناها في المنهل الصافي وكانت بيني وبينه صحب أكيدة ومحبة زائدة وقد قرأت عليه كثيرا من مصنفاته وبه انتفعت ومنه استفدت وهو الذي حببني في هذا الشأن وسمعت عليه فضل الخيل للدمياطي بكماله وغيره وأجاز لي جميع مروياته ومؤلفاته وقد تولى الحسبة غير مرة وكانت أول ولايته لها من قبل الظاهر برقوق في رجب سنة أحد ى وثمانمائة وعزل عنها بالبدر العيني في ذي الحجة منها وهي أول ولايات البدر لها أيضاً وسئل بقضاء مستوفي الدولة الناصرية فرج فامتنع.
وصار الزرزاوي أمام وقته ووحيد دهره في المنقول والمعقول مع الصلابة في الدين والورع المتين انتهت إليه رئاسة العلم بالقاهرة في زمانه وكان قد طلب الحدي في ابتداء أمره وسمع الكثير وترجمته مستوفاة في المنهل الصافي لاقتصاره على التراجم وكان رحمه الله لازما لطريق السلف في التقشف وعدم التردد للناس وصحب الشيخ مدينة في آخر عمره فزاد تقشفه وورعه وكان قد رحل إلى مكة واليمن في شبيبة وتولى عدة تداريس بالديار المصرة وتصدى للاشتغال سنين.
كان ناصر الدين بك في أول أمره من جملة أمراء حلب لما كان الوالد نائبها ثم ترقى حتى صار نائب الابلستين على عادة آبائه وأجداده فلما وليها طغى وتجبر وخرج عن طاعة ملوك مصر إلى أن أباده الاشرف وحصل له محن من كثرة من تجرد إليه من قبله ولم تزل العداوة بينهما حتى توفي في سنة ثلاث أربعين فلس خلعته وأكرمه السلطان غاية الإكرام وتزوج بابنته التي كان الاتابك جانبك الصوفي تزوجها لما كان هاربا عنده ثم عاد إلى بلاده بعد أن أنعم عليه بأشياء كثيرة واستمر بابلستين حتى مات وأراح الله المسلمين منه فقد كان ظالما جبارا مسرفا على نفسه وكان كثير الشر والفتن ووقعت في أيامه حروب كثيرة بتلك البلاد عامله الله بما يستحقه.
وكان محمد بن حسن الشيخ الحنفي في ابتدائه يقري المماليك بأطباق القلعة ثم فتح له حانوتا يبيع فيه الكتب ثم ترك ذلك كله وانقطع عن الناس بالكلية وعرف بالخير والديانة وصارت الأكابر تتردد إليه وكانت بينه وبين الوالد صحبة في حل الاتابكية وصحب بعده جماعة وتأكدت صحبته بطرر وكان له فيه اعتقاد عظيم حتى إنه لما تسلطن أنعم عليه باقطاع هائل وحبسه رزقه على زاويته وأعطاه مبلغا كبيرا من الذهب مع قصر مدته وكان سمحا يبذل ما بيديه للفقراء في إطعام طعام وإيصال معروف إليهم ولذلك كانت زاويته مشحونة بالفقهاء والفقراء ودام على ذلك سنين إلى أن توفي وقد اجتمعت به غير مرة وكانت له محاضرة حسنة ومذاكرة حلوة إلا إنه كان لا يقوم لأحد من الناس القادمين إليه كائنا من كان حتى ولا قضاة القضاء وعيب عليه ذلك وكان مليح الشكل منور الشيبة بشوشا فصيحا.

وتوفي الأمير تمراز بن عبد الله النوروزي أحد أمراء العشرات ورأس نوبة من جرح أصابه في حصار رودس فحمل إلى أن مات بالقرب من ثغر دمياط فدفن به في أواخر جمادى الآخرة وكان يعرف بتعريض وهو من مماليك نوروز الحافظي نائب الشام وتأمر في الدولة الظاهرية جقمق وكان في ملبسه ومركبه وعند كرم وحشم وكان كبير اللحية حسن رحمه الله.
وتوفي المقام الناصري محمد بن السلطان الملك الظاهر جقمق في ليلة السبت قاني عشرين ذي الحجة بقلعة الجبل وحضر والده الصلاة عليه ودفن بتربة عمه جاركس القاسمي المصارع تجاه القلعة وأمه الست قراجا بنت ارغون شاه أمير مجلس الملك الظاهر برقوق وكان عاقلا سيوسا عارفا مدبراً حريصا متجملاً في مماليكه وحشمه يسير على قاعدة السلاطين في ركوبه وجلوسه ويخاطبه في ركوبه للصيد أمير شكار وغيره بالسلطان ولقبه جماعة من الشعراء بالناصر في مخلص قصائدهم وكان أهلا للسلطنة بلا مدافعة ولو تسلطن ما اختلف عليه اثنان لما كنت أعرفه من همته ومعرفته وكان يحب اللهو والطرب على قاعدة العقلاء والرؤساء من الملوك مع إقامة الناموس والحرمة لشهامة كانت فيه وكانت غالب الأمراء وأعيان الخاصكية تترقب سلطنته يوما بيوم ولو ملك لسار على قاعدة عظماء الملوك لا كنت أعلمه منه وأنا أخبر حاله من غيري لصحبة كانت بيننا قديمة ثم صارت بيننا صهارة لما تزوج ابنة كريمتي بنت الاتابك اقبغا التمرازي نائب دمشق وكنت أنا المتولي تربيتها وعمل شوارعا بعد موت والدها فتأكدت الصحبة ذلك وفي الجملة كان أجل أولاد السلاطين وأولاد الناس الذين أدركناهم رحمه الله.
وكان السبب في غضبه - يعني الملك الأشرف - عليه - يعني فيروزا الرومي الزمام - هذه النوب أن الاشرف كان قوي عنده إنه دس عليه السم وأن الأطباء لا ينصحونه في العلاج وبينما هو في بعض الأيام إذ دخل عليه فيروز بمغلي ليشربه فقال له الأشرف اشرب منه الششني فامتنع لكونه كان صائما فلما رأى الاشرف ذلك تحقق ما كان ظنه واتهمه فيمن اتهمه ولو لا أجله لكان أمر بتوسيطه أيضاً مع الأطباء.
وأخذ محمد الونائي عن الشيخ سراج الدين الدموشي وهو أحد مشايخه والشمس البرماوي والشمس الشطنوفي والبدر الدماميني المالكي وحضر دروس النظام يحيى السيرامي الحنفي وقرأ على الشمس البساطي ثم على العلاء البخاري ولازمه كثيرا وبه انتفع واشتهر ودأب في طلب العلم.
وطالت أيامه - يعني أيام يشبك السودني - وصارت كلمته نافذة وشفاعته مقبولة عند السلطان وسار على طريق السلف في الحزمة وكثرة المماليك بحسب الوقت واستمر سنين إلى أن مرض في أوائل سنة سبع وأربعين وطال مرضه واختلفت الأقاويل في سببه وقيل إنه اغتيل بالسم فإنه كان قد حصل له استرخاء في أعصابه وصار لا يطيق حركة بيديه ولا رجليه ثم عوفي قليلا وصار يمشي وركب إلى الخدمة غي مرة ثم انتكس ولزم الفراش حتى مات وهو في حدود الخمسين تقريبا وكان أشقر إلى الطول اقرب ساكتا قليل الكلام وفي لسانه لكنة مع عجمة وقلة معرفة فإنه كان مهملا عاريا من كل فن مع ظلم وشح وسوء خلق وطمع زائد علمت ذلك لما أخذ اقطاع الاتابك اقبغا التمرازي وكنت أنا متحدثا على تركة اقبغا فكنت إذا كلمته في أمر المستحق من الاقطاع للأيتام يكاد يخرج من حال إلى حال هذا مع الثروة الزائدة والمكنة العظيمة ومات ولم يتخلص منه ولم يستوف استحقاق الأيتام إلا من تركته عفا الله عنه ومع تمكنه الزائد لم يفعل ما يذكر به من سبل ومساجد على عادة عظماء الملوك بل أنشأ تربة بالصحراء بجوار قربة الأشرف برسباي لم تكمل إلى الآن ودفن فيها قبل إكماله رحمه الله.
وأخذ محمد القاياني عن البدر الطنبذي والشمس الغراقي والتقي ابن العز الحنبلي وقنبر العجمي والنور الادمي والقطب الابرقوهي والهمام الخوارزمي والعز ابن جماعة في العلوم العقلية وغيرها والبرهان البجوري والمولي العراقي والشمس البساطي والعلاء البخاري ولازمه كثيرا وبه انتفع وعرف بين فقهاء الديار المصرية.
وصلى عليه - يعني على يوسف البحيري - البدر العيني مع عداوة كانت بينهما من سنين وكان غالب إقامته بالأزهر مستقبل القبلة دينار خيرا أمرا بالمعروف متعصبا لمن يقصده من أراب الحوائج مقبول الشفاعة عند أرباب الشوكة.

وأعطاه - يعني سودون المحمدي الأشرف - إمرة عشرة مرة أمتنع واستمر على اقطاعه إلى أن مات الأشرف ووقع بين الاتابك جقمق والعزيز ما وقع فانضم هذا للعزيز فعظم ذلك على جقمق لصهارة كانت بينهما فلما تسلطن نفاه ثم شفع فيه بعد مدة فأعاده وأنعم عليه بإمرة عشرة.
وتوفيت سورباي الجاركسية موطوءة السلطان وحظيته بعد مرض طويل في بولاق يوم الجمعة سادس عشري ربيع الآخر ووجد السلطان عليها وجدا عظيما رحمها الله.
وتوفيت خوند ست الملوك ابنة الظاهر ططر وزوجة الاتابك يشبك السودوني في يوم السبت ثالث عشري جمادى الآخرة ودفنت من الغد وكانت من خيار الخوندات وأمها خوند ابنة سودون الفقيه أم الصالح محمد بن الظاهر ططر وهم من بيت دين وعفة.
وكان ابن وفاء إماما عالما واعظا فيها شاعرا أديبا مفننا من بيت فضل وعلم وصلاح ودين ونظم ووعظ وله شعر رائق ونظم فائق رحمه الله ومن شعره )الوافر(
تَوَجَّهَ نَحْوَكُمْ سِرِي وَجَهْرِي ... وَجِئْتُ حِمَاكُمُ أسْعَى وَأسْرِي
وَألقَيْتُ الفُؤادَ لَكُم جَمِيعْا ... وَغَيْرَ العشْقِ فِيكُمْ لَسْتُ أدْرِا
وَقَفْتُ بِبَابكُمْ عَبْدا فَقيراً ... أرجى فَضْلَكُم لغَنَاء فَقْري
فَمُنُّوا سَادَتي كَرْماً وَجُوداً ... فَحُسْنُ صَنيعكُم كَنْزِي وَذُخْرِي
وَمَنُّونِي فَلَمْ أعرِفْ سوَاكُمْ ... عَلَى حُبي لَكُمْ حَشْري ونَشْري
عَرَفْتُ اللهَ حينَ عَرَفْتُُمْ يَا ... حَيَاةَ الحَيِ عُرْفًا دُونَ نُكرِي
ومن شعره أيضاً )البسيط(
يَا مَنْ لَهُمْ بالوَفَا يُشَارُ ... بِأنْسكُمْ تُعْمَرُ الدَيَارُ
لِخَوْفنَا أنْتُمُ أمَانْ ... لِقَلْبِنا أنْتُمُ قَرَارُ
بِوَبْلكُمْ جَدْبُنَا خَصيب ... بِوَجْهِكمْ لَيْلُنَا نَهَارُ
لَكُمْ تُشَدُّ الرِحَالُ شَوْقاً ... وَبَيْتُكُمْ حَقَّةً يُزَارُ
ومنها
لوْ جِئْتُ أسْعَى عَلَى عُيُونِي ... كَانَ لِيَ السَّعْدُ وَالفَخَارُ
لاَ تَنْسُبُونِي إلى سُلُوٍ ... قَلْبِي عَلَيُهِ السُّلوُّ عَارُ
لكِنَّ لَمَّا رَأي الأعادي ... عُلُوَّ قَدْري في الحب غاروا
وقال أيضاً )البسيط(
شَرِبْتُ مِنْ حُبّكُمْ كَأسْا حَلاَ وَصَفَا ... مَعْنى تَحَيَّر فيهِ كُلُّ مَنْ وَصَفَا
فَأسْتَغْرَقَ الوْجْدُ أجْزَائي وَقَدْ مَلئَتْ ... مِنْ نَورْ مَعْنَاكُمُ الأوفَى هدي وَشفَا
لَو جئْتُ جَيْكُمُ أسْعَى عَلَى بَصَري ... لَكَانَ لِي غَايَةُ التَّعْظيم وَالشَّرَفَا
تَالله مَا نَظَرَتْ عَيْني لِوَجْهكمُ ... إلا امْتَلأتُ سُروُراً واكْتَسَيْتُ صَفَا
ولاَ تَذَكَّرْتُ أنْي عنْدَ جَيْئكُمُ ... إلا طَرَبْتُ وَأهْدَى الوَجْدُ لي تُحفا
روحِي لكُم لَمْ تَزَل بالغَيْب شَاهِدَة ... وَالقَلْب عَنْ حُبكُمْ وَالله مَا انَصَرفَا
سَيَّرتُ عَزْمي وَحَالُ الشَّوق يَصْحَبُني ... حَتَّى أنْتَهَي بي إلى أبوابكم وقفا
ثُمَّ تَقَرَّيتُ في أكنافِ حَضْرَتكُمْ ... قَرير عَيْنِ بِوصْل بَعْدَ طولِ جَفَا
وله أيضاً )البسيط(
لَمْ يَلْقَ في حُبّكُمْ هَمُّا وَلا فَرقَا ... عَبْدُ تَرَقَّي إلى عَليَائكُمْ فَرقَا
أشْهَدْتُمُوهُ جَمَالا جَلَّ عَنْ شَبَهٍ ... فَهَامَ وَجْداً وَعشْقا فيهِ مُذ عَشقَا
فَقلْبُهُ لَمْ يَملْ يَوْماً لغيركُمُ ... وطَرْفُهُ لسوَاكُمْ قطُّ مَا رَمَقَا
والله يَا سَادَتي يَا مُنْتهَى أمَلي ... مَا زَالَ حُبُّكم ديني وَلي خُلُقَا
وَمُذْ تَحَقَّقَ قَلْبي بالوَدَاد لَكُمْ ... مَا حَلَّ سَاحَتَهُ غَمَّ ولا طَرَقَ
قَدْ طَاَف قَلْبي بهَدء الحَي مُسْتَلماً ... ركْنَ الأمانِ وَفي عَهْد الوَفَا صَدَقا
وَبالصَّفَا وَالوَفَا يَسْعَى لِبيْتكُمُ ... يَرومُ طَولا عَلَى تَقْصيرِه غَدَقَا
وهي أطول من هذه وله غير هذه ... القَصَائِدِ كثير ومن غزر قصائده

القصيدة وتوفي الشهابي أحمد الكاشف منفيا بدمشق في رمضان وكان اصله من العوام وتنقل في الخدم حتى ولي كشف التراب بالغريبة ثم حدثته نفسه لما اثري وكثر ماله بالاستادارية فعمل عليه الزيني الاستادار حتى أخرجه إلى دمشق فكانت منيته بها رحمه الله.
وتنقل طوغان العثماني بعده - يعني بعد موت الطنبغا العثماني - حتى صار خاصكيا ثم ولي نيابة القدس سنين وقمع أهل الفساد ومهد البلاد وأضيف إليه نظر الحرمين في بعض الأحيان ثم عزل بعد سنين وتولى حجوبية الحجاب بحلب بعد موت قاتباي الجكمي في حدود سنة خمسين ثم نقل إلى نيابة غزة فباشرها إلى أن توفي بها.
وتوفي المعلم محمد بن حسين ابن الطولوني مهندس السلطان في ليلته الأحد أول ذي الحجة ودفن من الغد وحضر السلطان الصلاة عليه بمصلي المؤمني وكان شابا يتدين وفيه لين مع طيش وخفة رحمه الله.
وتوفي السيد الشريف شهاب الدين أحمد النعماني المقيم بمصر القديمة في يوم الثلاثاء ثالث ذي الحجة وكان متدينا صالحا رحمه الله.
وتفقه ابن حجر بعلماء عصره وبرع في الحديث حتى صار أمام وقته ووحيد دهره وفريد عصره وقال الشعر المليح الرائق وأفتى ودرس وولي عدة وظائف دينية ثم ولي ضاء الديار المصرية غير مرة أولها بعد عزل العلم البلقيني في سابع عشري المحرم سنة سبع وعشرين وآخر ما عزل العلم المذكور في خامس عشري جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين.
وله - يعني ابن حجر - في وقاد )الكامل(
أحْبَبْتُ وَقَّادُاً كَنَجْم طَالعِ ... أنْزَلتُهُ برضَي الغَرَامِ فُوَّادِي
وَأنَا الشّهَابُ فَلا يُعَانِدْ عَاذليِ ... أنْ ملْتُ نَحْوَ الكَوْكبِ الوَقَّادِ
وقوله )الطويل(
وَأهْيفَ حَيَّاتي يُطيبُ وَصالهُ ... وَمنْ رِيقهِ الخَمْرُ الحَلالُ حَلاَلي
أدَارَ ليَ الكَأسَين خَمْراً وَريقةً ... وَنَزَّهَني عَنْ جَفْوةٍ وَمَلاَليِ
وله أيضاً قصيدة نبوية غاية في معناها اولها )البسيط(
إنْ كُنْتَ تُنْكرُ شَوْقاً زادني كَلفا ... حَسبي الَّذي قَدْ جَرَى مِنْ مَدْمعي وكَفَا
وَانْ تَشَكَّكْتَ فَاسْألْ عَاذلي شَجَني ... هَلْ بِتُّ أشْكُو الأسَى وَالبَثَّ والأسَفَا
أحْبَابَنَا وَيَدُ الأسْقَام قَدْ عَبَثَتْ ... بالْجِسْمِ هَلْ ليَ منْكمْ بالْوصَال شِفاَ
كَرَّرتُ عَيْشا تَقَضَّي في بعَادكُمُ ... وَرَاقَ مِنّي نَسيبْ فيكُمُ وَصَفَا
سرْتُمْ وَخَلَّفتُموني الحَي مَيت هوىْ ... لوْلا رَجَاء تَلاَقيكَم زَمَنا
وَكَنتُ أكتم حُبي بَعْدَكم زَمَنْا ... حَتى تكلم دَمْعُ العَيْنِ فانكَشَفَا
وهي مطولة جداً اضربنا عن باقيها حشية الإطالة ولقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم بعدة قصائد ومصنفاته كثيرة استوعبنا غالبها في ترجمته في المنهل الصافي وغيره رحمه الله وإيانا.
وتوفي سيدي أحمد ابن السلطان في يوم الأربعاء مستهل صفر وهو في السابعة وأمه خوند شاه زادة ابنة ابن عثمان متملك الروم ومات لأبيه في هذا الطاعون ثلاثة ذكور أخر وشقيقة لأحمد هذا وابنة أخرى ذكرناهم في أماكنهم من الحوادث.
وتوفي الشريف حسن ب علي المعزول عن نقابة الأشراف في يوم الاثنين سادس صفر وكان من بيت رئاسة وشرف رحمه الله وعفا عنه.
وكان تمراز القرمشي ساكتا ريما جوادا قليل الكلام فيما لا يعنيه نادرة في أبناء جنسه سمعت الاتابك اقبغا التمرازي يقول عنه لولا إنه مسف على نفسه لكنت أقول إنه من الأبدال الصالحين لاشتماله على محاسن لا تعرف من مثله رحمه الله.
ومما يقارب هذا المعنى قول الفخر ابن مكانس )الوافر(
بحَقَ اللهِ دَعْ ظُلْمَ الْمُعَنَّي ... وَمَتّعْهُ كَمَا يَهْوي بأنسكْ
وَكَف اللَّوْم يا مَحبوبُ عَمَّنْ ... بيْومكَ رُحْتَ تَهْجُرُه وَأمْسك
وتنقل اينال اليشبكي في الخدم من بعده حتى أر خاصكيا في الدولة الاشرفية ورأس نوبة الجمدارية ثم امتحن بسبب تربة أستاذه ثم تأمر في الدولة الظاهرية جقمق عشرة واستمر حتى مات.
وتوفي الأمير إسماعيل بن عمر الهواري أمير هوارة ببلاد الصعيد وكانت وفاته بالقاهرة في يوم الجمعة سابع عشر صفر.

وحضر السلطان الصلاة عليها - يعني نفسية بنت ناصر الدين بك ابن دلغادر - وكانت قد تزوجها الاتابك جانبك الصوفي لما قدم على ابيها ببلاده ووافقه أبوها على مخالفة الاشرف برسباي واستولدها بنتا واستمرت عند ابيها حتى طلبها الظاهر فقدمت القاهرة مع والدها بعد سنة ثلاث وأربعين ومعها ابنتها من جانبك المذكور فتزوجها السلطان ودامت في عصمته إلى أن ماتت بالطاعون رحمها الله.

وتوفي الزيني عبد الرحمان بن عبد الرحيم المعروف بابن الحاجب في يوم الثلاثاء سادس ربيع الأول وهو من بيت رئاسة وأصالة وهو آخر رؤساء بني الحاجب رحمه الله.
وتوفي الشهابي أحمد بن البدر محمد بن مزهر في يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول ودفن من الغد بتربة والده بالصحراء في عنفوان شبيبة وكل هؤلاء ماتوا بالطاعون رحمهم الله.
وتوفي الأمير سيف الدين خشقدم السيفي سودون من عبد الرحمان نائب القدس في ربع الأول وتولى نيابة القدس من بعده مبارك شاه خشداشه وكان خشقدم من أطراف الناس المهملين لا تعرف أحواله فتشر أو تذم عفا الله عنه.
وتوفي شمس الدين محمد الحموي ناظر القدس به في رمضان وكان من صغار أهل حماة حتى اتصل بخدمة الكمال ابن البارزي فباشر توقيعه واثري وعرف بين الناس ثم طلبت نفسه الزيادة فسعى في نظر القدس حتى وليها فلم تطل مدته ومات حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة.
ومن شعر - يعني شعر ابن العطار والبحر من البحر الطويل -
لأمر أرى هذَا العذَار تَبَسَّما ... وَأطْلعَ فِي ليْل الشَّبيبة انْجُمَا
وَأرشَدَ لمَّا أن دَجَا غَيْهَبُ الصَبَا ... عَسَى أهْتَدي بالنَّجْمِ فيه وَعَلَّما
فأهْدي الهُدَي لكنَّهُ قَدْ نَهَي النُّهي ... وَدَاوي لعمري كُلُّ مَا الجَهْلُ كَلَّما
فَكَمْ عِنْدَ مَا أبْصَرتُ فَوْدي أبيض ... جَرَتْ عَنْ دَم حُمرُ المَدَامع عَنْدَمَا
وَكَمْ قَدْ هَمي جَفْني كَمَا تَمطْر السَّما ... بدمَع نَمَي لكنْ بمَا يُشْبهُ الدَمَا
وَمَا أنَا بَاكٍ للشَّباب الذي مَضَى ... وَلكنْ لعُمْرِ في التَّصَابي تَضَرَّما
ألفتُ البُكا لمَّا أنفْتُ مِنَ البُغَا ... وَعبْتُ الهَوَى كَاساً فعفتُ المُحَرَّما
وَكَمْ قَدْ طَمَا بَحْر بَعْيني قَطُّ مَا ... عَهدْنَاهُ في عَصْر الصبا منْهُما هَما
وأعَرضَت عَنْ شمسي وَبَدْري وَكَوكبي ... وَوَجَّهْتُ وَجْهي للَّذي فَطرَ السَّمَا
فَعَوَّضني بالمَدْحِ في صَاحبِ اللوى ... عَنِ النظم والتَّشْبيبِ في ربة اللما
وَلَسْتُ مُوَف بالمدائح حَقَّهُ ... وَلَوْ أن لي في كُل جَارحَةٍ فُما
وله موشحة كل قرينة من كلام شاعر لم يسبق لمثله وهي )البسيط(
أجَابَ دَمْعي وَمَا الدَّاعي سوىَ طَلَل
وَظَل يَسْفح بَيْنَ العَدْل والعَذَلِ
يَا سَاكني السَّفح كَمْ عَيْن بكُم سَفَحت
مِلْء الزَّمَان ومَلء السَّهل وَالجَبلِ
قَلْبْ مُعَنَّى وَمَدْمَعْ صَبُّ
يَجُرُّ أذيَالَهُ وَيَسْحبُ
لَمَر عَيْنا غَذَتْ بالدَّمع في لَحَج
وكلُّ طَرْفِ عَنِ الإغْفاء لَمْ يَعُج
وَمُهَجة لَهُ للأشْجانِ قَدْ صَلحَتْ
لاَ خَيْرَ في الحَب أن أبْقي عَلَى المُهَجِ
لَمْ يُبقِ لي في الهَوَى مَلاَذا
يَا ليْتَني مُتُّ قَبْلَ لهذا
تَركْتني أصْحَب الدُّنْيا بلا أمل
فلا أقُولُ لشَيء لَيْتَ ذلك ليِ
مَا جَالَ بَعْدَكَ طرْفي في سَنَا القَمَر
فإن ذلك ذنَب غَيْرُ مُغْتَفر
لي همَّة قَطُّ مَا طَمَحَتْ
لمَّا تَوَاضَعَ أقْوَامْ عَلَى غَرر
وأيَن مَا كُنْت كُنْت عَبْدَكْ
لأن قَلبي أقَامَ عِندك
عَلَى بَقَاء دعاوى للْهَوَى قِبَلي
وَأنت تَعْلمُ أني بالغَرامِ مَلي
بِماَ بِعطْفيْك مِنْ لينِ وَمنْ صَلَفِ
تَلاَف مُضْنَاكَ قَدْ أشْفى عَلَى التَّلف
فالمَوْتُ أن عُضَّتِ الأجْفَانُ أوْ فُتِحَتْ
يا أكْحَلَ الطَّرف أوْ يَا أزْرقَ الطَّرفِ
لِسَائلِ الدَّمْع صرتَ نَاهرْ
وَسِرتُ وَالقَلب مِنْكَ خَاطرْ

بَردْي الطَّعينُ وَحَدُّ الرمُّمْحِ لمْ يَصَل
مَا خَاب مَنْ سألَ الحَاجَاتِ بالأسل
وَغَادَة أشْرقَتْ كَالبَدْر في الظلم
وَقَبَّلتْني عَلى خَوْف فَمَا لفَمي
لاَ بَلْ هيَ الشَّمس زَالتْ بَعْدَ مَا جَنَحَتْ
فَلَمْ تَدُمْ لي وَعَيْنُ الله لمْ تَدُم
كَم اختلسنا مِنَ العنَاق
وَنَحْنُ بالأنْس بالتَّلاقي
وَكَمْ سَرقْنَا عَلَى الأيُّام مِنْ قُبَلِ
بلاَ رَقيبٍ كَشَربِ الطَّائرِ الوَجَل
ومن شعره ما كتبه لقاضي كمال الدين البارزي كاتب السر لما كان بدمشق )االبسيط(
يَا سيدُا جَدَّ بالنَّوى ليِ ... وَطَالَ مَا جَادَ بِالنَّوَالِ
مِنْ يَومِ سَافَرتَ زادَ نَقْصِي ... يَا صُول شَوقي إلى الكَمَالِ
وتوفي الأمير زين الدين قاسم كاشف الوجه القبلي وغريم السفطي المعروف بالموذي في أول المحرم وحمل إلى القاهرة ميتا فدفن بها.
وتوفي الطواشي كافور الهندي رأس نوبة الجمدارية كان ساقيا في يوم السبت تاسع عشري المحرم ودفن من الغد في تربة معتقته خوند هاجر ابنة الاتابك منكلي بغا الشمسي وزوجة الظاهر برقوق المتوفية في طاعون سنة ثلاث وثلاثين المعروفة بخوند الكعكين لكونها كانت ساكنة بخط الكعكين رحمه الله.
وتوفي الطواشي عبد اللطيف الرومي الاينالي في يوم الثلاثاء سادس عشر صفر عن نحو المائة وورثة أحفاد معتقه وهما الشهابي أحمد ومحمد ولدا أمير علي بن اينال رحمه الله.
وتوفي سيدي محمد ابن السلطان في يوم الاثنين ثالث عشر ربيع الأخر ولم يكمل عشرة اشهر ودفن بالبرقوقية بين القصرين لكون أمه خوند ابنة جرباش الكريمي أمير سلاح والدتها زوجه جرباش ابنة قاتباي قريب الظاهر برقوق ودخل بنعشه من بابي زويلة خلافا لقاعدة المصريين حيث يتشاءمون بدخول النعش من الباب المذكور ونحوه من أبواب القاهرة.
وتوفي العلائي علي بن الخواجا عبد الله الدمشقي الأصل الزردكاش أحد من رقاه السلطان حتى جعله خاصكيا ثم من جملة الزردكاشية إلى أن توفي بعد أن عظم وأثرى وضخم في الدولة في يوم الخميس سادس عشر ربيع الأول وحضر السلطان لصلاة عليه بباب الوزير وكان شاباً حسنا كريما رحمه الله وعفا عنه.
وتوفيت زوجة قاتباي الجاركسي أمير آخور كبير في يوم الجمعة رابع عشري ربيع الآخر ودفنت بتربة زوجها التي جددها عند دار الضيافة بالقرب وهي أم ولد لأستاذ زوجها جاركس القاسمي المصارع عفا الله عنها.
وتوفي القاضي شرف الدين محمد بن قاضي الحنابلة البدر محمد ابن عبد المنعم البغدادي الأصل الحنبلي في يوم الخميس حادي عشر رجب وعظم مصابه على والده بل وعلى كل أحد فإنه مات في عنفوان شبابه مع ما كان احتوى عليه من المحاسن والعقل والسؤدد وكان مولده في حدود سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة رحمه الله وعفا عنه.
وتوفي أبو الفتح محمد الطيبي مضروب الرقبة بدمشق بحكم قاضيها المالكي في ليلة الأربعاء رابع عشر رمضان وكان النحاس في أول أمره يتكسب بتحمل الشهادة بحوانيت الشهود ويصحب النحاس في أيام خموله وخدمه فأثرى وضخم وركب الخيول صار له خدم وحشم فلم يرض بذلك ورام الدرجة العليا فتولى وكالة بيت مال دمشق ونظر جواليها بسفارة صاحبه المذكور واتجه إلى دمشق فظلم وعسف ولم تحمد سيرته وقدم البلاطنسي إلى القاهرة فشكا عليه إلى السلطان ورماه بعظائم وصادف ذلك انحطاط أستاذه فنال منه مضي ذكرها وآل أمره إلى أن ضربت عنقه بسيف الشرع والعجب أن أهل دمشق كانوا هم القائمين عليه حتى قتل فلما قتل بكوا عليه وشهدوا جنازته وصاروا يقولون هذا الشهيد هذا المظلوم هذا المقهور.
وتوفي الشيخ كمال الدين المجذوب في يوم الاثنين سادس عشر شوال ودفن بالقرافة وكانت جنازته مشهودة وكان لبعض الناس فيه اعتقاد حسن ومات وهو في عشر السبعين تقريبا رحمه الله.
وتوفي جانبك بن عبد الله الجكمي الأمير سيف الدين أحد أمراء العشرات ورأس نوبة في يوم السبت تاسع عشري شوال وكان متوسطه السيرة مهملا واصله من مماليك جكم من عوض المتغلب على حلب وهو أيضاً ممن تأمر في الدولة الظاهرية جقمق ولم يكن ممن له ذكر في الدولة حتى تشكر أفعاله أو تذم عفا الله عنه.

وتوفي الشريف حسن أحد التجار بثغر الإسكندرية بها في ذي القعدة وخلف مالا كثيرا وكان غير مشكور السيرة في دينه عفا الله عنه.
فعند ما تم أمره - يعني أمر محمد السفطي - ولت عنه الدنيا واخذ أمره في انحطاط ولله در القائل
إذا تمَّ أمر بدأ نقصه ... توقً زوالا إذا قيل تم
ولما ولي القضاء ساء سيرته فوجد عدوة أو الخير النحاس بذلك سبيلا للتكلم فيه عند السلطان فتكلم وأمعن ولا زال به حتى أخرج عنه جميع وظائفه شيئا بعد شيء حسبما تقدم في وقته مياومة إلى أن عزله عن القضاء في سنة اثنتين وخمسين فعند ذلك انحط قدره إلى البهموت ونال منه أعداءه ما أملوه ثم التفت السلطان لأخذ ماله ومال عليه حتى حبسه بالمقشرة مع أرباب الجرائم ورسم بتوجهه إلى بيت قاضي الشافعية ماشيا غير مرة كما ذكرناه في اصل هذا الكتاب في محلة وقاسي أهوالا وشدائد وذلا وبهدله إلى أن اختفي نحو ثمانية أشهر ولم يظهر حتى نكب أبو الخير النحاس ولله در القائل )البسيط(
لوْ أنْصَفْوا أنْصِفْوا لكِنْ بَغَوا فَبغي ... عَليْهمِ فَكَأنَّ العزَّ لمْ تَكْن
جَادَ الزَّمانُ بِصَفْو ثُمَّ كَدَّرَه ... هذا بِذَاكَ ولاَ عَتْب عَلَى الزَّمن
ولما نكب النحاس تراجع أمر السفطي قليلا بعد ظهور من الاختفاء وولي مشيخة الجمالية فلم تطل مدة ومات وكان ذا أوراد هائلة وصلاة وخشوع وصوم وعبادة مع بذاءة لسان وفحش في لفظة وبطش وجبروت وبخل زائد حتى على نفسه عاملة الله ما يستحق.
وكان محمد الحنفي الرومي الكاتب ممن نال حظا في الدنيا اتصل بصحبة الظاهر ططر وحظي عنده بحيث إنه لما تسلطن انعم عليه بعشرة آلاف دينار دفعة ثم صار في الدولة الاشرفية متوسط الحال معظما عند غالب أرباب الدولة لا سيما عند أعيان الأمراء من حواشي ططر ثم اتصل بالظاهر وحظي عنده إلى الغاية بحيث صار هو المشار إليه في الدولة والمقصد لأرباب الحوائج ونالته السعادة فأثري وحصل الكتب النفسية والأملاك وهو مع ذلك لا يبرح عن ركوب الحمار عند طلوعه القلعة استكراء لا ملكا ودام على ذلك سنين إلى أن استفحل أمر أبي الخير النحاس فلا زال به حتى نكبة السلطان وصادره بعد سجنه بالديلم وتعزيزه وتوجهه إلى السجن ماشيا حسما تقدم في حوادث سنة اثنتين وخمسين وقطع السلطان معاليمه من الجوالي وكان يزيد على الدينارين في كل يوم وغيرها ثم اخرج عنه من السجن ورسم بلزوم داره فلزمها وار أحيانا يطلع للسلطان كآحاد الناس واستمر على ذلك حتى مات رحمه الله وكان يكتب الخط المنسوب ويذاكر ببعض مسائل وله إلمام بالأدب والتاريخ بحسب الحال.
وتوفي الأمير بردبك العجمي الجكمي نائب حماة كان ثم أحد مقدمي الألوف بدمشق في أوائل رجب وكان غير مشكور السيرة كان اصله من مماليك جكم من عوض المتغلب على حلب ثم تنقل في الخدم بعده حتى ولي عدة ولايات في دول عديدة ثم ولي حجوبية حجاب حلب في الدولة الاشرفية ودام حت نقله الظاهر إلى نيابة حماة بعد عصيان تغرى برمش نائب حلب في سنة اثنتين وأربعين فأستمر في نيابة حماة إلى أن عزل عنها بعد أن وقع بينه وبين أهلها وقعة هائلة قتل فيها جماعة وخرج يردبك عن طاعة السلطان مدة ثم عاد إلى حماة وقدم الديار المصرية فقبض عليه السلطان وحبسه بسجن الإسكندرية في حدود سنة سبع وأربعين إلى أن افرج عنه في سنة ثلاث وخمسين ونقله إلى دمياط فدام بالثغر بطالا مدة ثم طلب إلى القاهرة وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق عوضا عن يشبك النوروزي حاجب دمشق المنتقل إلى نيابة طرابلس في سنة ثلاث وخمسين ورسم له أيضاً بان يتوجه أمير حاج محمل دمشق فيها فتوجه إلى دمشق وحج منها وعاد إليها ودام بها حتى مات رحمه الله.

وأصله - يعني تمراز البكتمري - من مماليك المؤيد شيخ ثم صار بعده في خدمة تنبك ميق نائب الشام ثم صار بعد موته خاصكيا في الدول الاشرفية ثم بقي من الدوادارية في الأيام العزيزية إلى أن ندبه الظاهر إلى شد بندر جدة بالبلاد الحجازية مرة ثم أخرى وفيها أنعم عليه بإمرة عشرة بعد موت اقبردي المظفري بمكة ثم قدم القاهرة ودام بها سنين إلى أن ولي نيابة القدس بسعي فلم ينتج أمره وعزل ونفي إلى دمشق ثم قدم القاهرة وولي القدس ثانيا وعزل أيضاً بعد يسير وأخرج اقطاعه بالقاهرة وصار بطالا بلا اقطاع مدة إلى أن ندبه السلطان إلى شد بندر جدة ثالثا في سنة ثلاث وخمسين فتوجه إليه وباشر إلى أن انتهى أمره فبدا له أن يأخذ ما تحصل له مع ما تحصل للسلطان ويتوجه به إلى اليمن أو حيث شاء فابتاع مركبا وشحنها بالأزودة وآلات الحرب على إنه يركب فيها إلى جهة الديار المصرية وأخفى ذلك عن الناس حتى حول جميع ما معه إلى المركب ثم نزل فيها وسافر إلى جهة اليمن ثم بدت له بعد ذلك أمور وتوجه إلى الهند ووقعت له محن وقاسى أهوالا وآل أمره إلى أن جاء إلى اليمن فنزل بالحديدة وأكرمه شيخها وأنزله واستفحل أمر كل منهما بالآخر وأرسل إلى السلطان بنحو خمسمائة تكرة البهار ووعده بإرسال ما بقي عنده من مال السلطان وطلب منه خلعة بولاية اليمن فوعده بذلك أن قدم الدار المصرية أو بندر جدة وبينما هو بالحديدة إذ تحرك شيخها على أعدائه بيوت حسن وقاتلهم فركب معه تمراز بمن معه واقتتل الفريقان اشد قتال فقتل تمراز هذا في المعركة وكذا شيخ الحديدة مع نحو خمسين من عسكرهما فعشرة من أصحاب تمراز والباقون من الأعراب وأخذ ما معه وحمل إلى بندر جدة فسر السلطان بقتله وقد حكينا أمره وشراءه المركب المروس وكيف كان في ركوبه البحر إلى أن عاد وقتل كل ذلك في حوادث هذه السنة وكان أشقر ضخما للطول اقرب رأسا في الصراع مع شجاعة وإقدام وحدة وبطش وخفة وسوء خلق رحمه الله.
وتفقه القلقشندي بالسراج البلقيني وابنه وابن جماعة والسراج ابن الملقن وغيرهم وأخذ علم الحديث عن العراقي والهيتمي وسمع على جماعة كالتنوحي ابن أبي المجد والحلاوي والعراقي والهيتمي وبرع في الفقه والأصول والعربية والمعاني والبيان والقراءات وشارك في علوم وتصدى للإفتاء والتدريس والأشغال سنين وانتفع به الطلبة وتفقه به جماعة من الأعيان وولي تدريس الشافعي عوضا عن التلواني وطلب لقضاء دمشق فامتنع ورشح لقضاء مصر غير مرة وكان سنة حين تصدر للتدريس دون العشرين سنة وولي تدريس الفقه بالشيخونية عوضا عن القاياني والقراءات بالحسنية بالرملة تجاه القلعة وتدريس الحديث بجامع ابن طولون عوضا عن الحافظ ابن حجر رحمه الله ومشيخة المدرسة التي أنشأها تغرى بردي المؤذي الدوادار الكبير بخط صليبة ابن طولون وتدريسها أيضاً ولما توفي تولاها من بعده ولده البرهان إبراهيم ولازم الحضور من بعده وتصدر للتدريس.
وتوفي شهاب الدين أحمد بن يعقوب نقيب القاضي الشافعي في يوم الأحد حادي عشر ربيع الأول وكان مشكور السيرة محببا للناس رحمه الله وعفا عنه.
وتوفي السيفي قانصوه الاشرفي برسباي المصارع في يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول وهو في أوائل الكهولة وكان أحد من أدركناه من الأفراد في القوة وفن الصراع مع الشجاعة والإقدام وحسن الشكالة وتمام الخلقة رحمه الله وعفا عنه.
وتوفي بدر الدين محمد بن فتح الدين صدقة المحرقي والمحرقة قرية بالجيزية من أعمال القاهرة في يوم الأربعاء رابع عشر ربيع الأول وان من بياض الناس رحمه الله.
وتوفي أبو بكر المصارع المعروف بابن الأمام وهو أحد الاوباش الذين أنشأهم الظاهر في يوم الأحد ثامن عشر ربيع الأول وكان والده إمام الأمير جاركس القاسمي المصارع ونشأ أبو بكر هذا على هيئة الأجناد وكان يقرأ في المحافل بالجوف بحسب الحال بغير أجرة وكان عارفا بفن الصراع وله فيه اليد الطولي وكان من جملة المماليك السلطانية أرباب الجوامك إلى أن تسلطن الظاهر فتحرك له بعض السعد وتولى خدمة الليث والشافعي وعدة زوايا بالقراقتين الكبرى والصغرى فباشر ذلك بعسف واثري من ذلك وحسابه على الله وتولى ذلك من بعده يوسف شاه اليشبكي معلم السلطان وكبير المعمارية رحمه الله.

وتوفي الشيخ المعتقد المعروف بالشيخ ولي الرومي الحنفي نزيل الجامع الأزهر في يوم السبت مستهل ربيع الآخر وهو في أوائل الكهولية وكان على قدم جيد من العبادة والانقطاع بالجامع المذكور وكان يكتب الخط المنسوب وفيه محاسن رحمه الله.
وتوفي الرئيس سعد الدين أبو غالب القبطي الحنفي المعروف بابن عويض السراج في يوم الثلاثاء رابع ربيع الآخر ودفن من الغد وكانت لديه فضيلة ومشاركة جيد ومحاضرة حسنة مع محبة طلبة العلم وجمع للكتب وتجنب القبط والنصارى وبالجملة فكان خير أبناء جنسه رحمه الله.
وهلك بطريق النصارى ابو الفرج اليعقوبي النصراني في ليلة الجمعة رابع عشر ربيع الأخر ودفن من الغد في سقر وبئس المصير.
وتوفي الشريف شرف الدين محمد الحسني المعروف بصهر نور الدين السفطي في يوم الأحد ثامن عشر شعبان وان أولاً تاجرا ببعض الحوانيت ثم تعالى الخدم الديوانية بعد موت صهره المذكور وتولى عوضه عدة وظائف رحمه الله.
وتوفي الملك الناصر صاحب الحصن قتيلا في ثامن رمضان كما تقدم في ترجمة والده من هذه السنة واستقر عوضه أخوه أحمد ولله در أبي العلاء المعري حين يقول )الطويل(
فَوَا عَجَبَا كَمْ يُظْهرُ الفَصْلَ نَاقْص ... ووَا أسَفى كَمْ يَدَّعي النَّقْص فَاضلُ
وَكَيف تَنَامُ الطَّيرُ في وكُنَاتهَا ... إذا نُصِبَتْ للْفَرْقَدَيْنِ الحَبائلُ
ثم صار طوغان السيفي اقبردي من جملة المماليك السلطانية سنين إلى أن جعله الظاهر خاصكيا ثم ولاه نيابة دمياط ثم نقله إلى البلاد الشامية على أمره ثم صار بعد مدة طويلة أمير طبلخاناة بدمشق ودوادار السلطان بها وحج أمير حاج الشامي غير مرة ثم نقل إلى نيابة الكرك في سنة ست وخمسين عوضا عن الحاج اينال اليشبكي بحكم انتقاله إلى نيابة حماة فتوجه إليها فبعد أيام يسيرة ركب بمماليكه وكبس بعض الأعراب الطائعين وقاتلهم وظفر منهم بجماعة فأسرف في قتلهم ثم نزل بمكان هناك فكر عليه العرب من وقته فقاتلهم ثانيا فكسروه وقتلوه اشر قتلة وان مهملا وضيعا أهج ظالما سيئ الحلق إلا إنه كان مشهورا بالشجاعة مع طيش وخفة رحمه الله.
وتوفي القاضي أمين الدين عبد الرحمان بن قاضي القضاة الشمس محمد ابن الدبري أخو شيخ الإسلام سعد الدين الحنفي بالقدس في يوم السبت رابع ذي الحجة وهو على ولاية نظر القدس والخليل سألته عن مولده فقال بالقدس في شعبان سنة سبع عشر وثماني مائة وأمه أم ولد وكانت لديه فضيلة وله نظم جيد ويكتب الخط المنسوب وعنده مكارم مع طيش وخفة وإظهار النعمة على ديون كان يتحملها رحمه الله.
ومولده - يعني يوسف ابن الكركي - بالكرك في حدود السبعين وسبعمائة تقريبا وقدم القاهرة فقيرا مملقا قبل سنة ثمانين وسبعمائة ثم عاد إلى بلده ثم قدمها ثانيا في سنة اثنتين وتسعين في خدمة قاضي القضاة عماد الدين الكركي واستوطنها ثم اتصل بخدمة البرهان المحلي التاجر فحسنت حاله عنده ثم خدم بالطالع والنازل إلى أن ولي الوظائف الجليلة بالبلاد الشامية ثم قدم القارة فولي بكتابة السر بعد موت العلم داود ابن الكويز في سنة ست وعشرين فلم تطل مدة وعزل ولزم داره إلى أن ولي نظر جيش دمشق بعد موت البدر حسين في سنة أحد ى وثلاثين ثم أضيف إليه في بعض الأحيان كتابه سر دمشق ثم استعفى عن ذلك كله لكبر سنة ولزم داره بدمشق إلى أن مات عن نحو التسعين سنة وخلف مالا جزيلا ورثه ابنه موسى ناظر جيش طرابلس وكان عاريا من الفضيلة عارفا بقلم الديونة على عادة الأقباط عفا الله عنا وعنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق