الأحد، 5 سبتمبر 2021

ج2.غزوات الرسول وسراياه ابن سعد

 

ج2.غزوات الرسول وسراياه
  ابن سعد

قالوا: خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من حنين يريد الطائف وقدم خالد بن الوليد على مقدمته، وقد كانت ثقيف رموا حصنهم وأدخلوا فيه ما يصلحهم لسنة، فلما انهزموا من أوطاس دخلوا حصنهم وأغلقوه عليهم وتهيأوا للقتال، وسار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنزل قريباً من حصن الطائف وعسكر هناك فرموا المسلمين بالنبل رمياً شديداً كأنه رجل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة، وقتل منهم اثنا عشر رجلاً، فيهم عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة وسعيد بن العاص، ورمي عبد الله بن أبي بكر الصديق يومئذ فاندمل الجرح ثم انتقض به بعد ذلك فمات منه فارتفع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى موضع مسجد الطائف اليوم وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب، فضرب لهما قبتين، وكان يصلي بين القبتين حصار الطائف كله فحاصرهم ثمانية عشر يوماً، ونصب عليهم المنجنيق ونثر الحسك سقبين من عيدان حول الحصن، فرمتهم ثقيف بالنبل فقتل منهم رجال، فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقطع أعنابهم وتحريقها فقطع المسلمون قطعاً ذريعاً ثم سألوه أن يدعها لله وللرحم، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فإني أدعها لله وللرحم ! ونادى منادي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر ! فخرج منهم بضعة عشر رجلاً منهم أبو بكرة نزل في بكرة فقيل أبو بكرة، فأعتقهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه، فشق ذلك على أهل الطائف مشقة شديدة ولم يؤذن لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، في فتح الطائف. واستشار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نوفل بن معاوية الديلي فقال: ما ترى ؟ فقال: ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك ! فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عمر بن الخطاب فأذن في الناس بالرحيل فضج الناس من ذلك وقالوا: نرحل ولم يفتح علينا الطائف ؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فاغدوا على القتال؛ فغدوا فأصابت المسلمين جراحات فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إنا قافلون إن شاء الله؛ فسروا بذلك وأذعنوا وجعلوا يرحلون ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يضحك. وقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم: قولوا لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده؛ فلما ارتحلوا واستقلوا قال: قولوا آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون ! وقيل: يا رسول الله ادع الله على ثقيف، فقال: اللهم اهد ثقيفاً وأت بهم.
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي، أخبرنا أبو الأشهب، أخبرنا الحسن قال: حاصر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أهل الطائف قال فرمي رجل من فوق سورها فقتل، فأتى عمر فقال: يا نبي الله ادع على ثقيف ! قال: إن الله لم يأذن في ثقيف، قال: فكيف نقتل في قوم لم يأذن الله فيهم ؟ قال: فارتحلوا، فارتحلوا.
أخبرنا قبيصة بن عقبة، أخبرنا سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن مكحول: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يوماً.
أخبرنا نصر بن باب عن الحجاج، يعني ابن أرطاة، عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم الطائف: من خرج إلينا من العبيد فهو حر ! فخرج عبيد من عبيدهم فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
ثم بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المصدقين قالوا: لما رأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هلال المحرم سنة تسع من مهاجره بعث المصدقين يصدقون العرب فبعث عيينة بن حصن إلى بني تميم يصدقهم وبعث بريدة بن الحصيب إلى أسلم وغفار يصدقهم، ويقال كعب بن مالك، وبعث عباد بن بشر الأشهلي إلى سليم ومزينة.
وبعث رافع بن مكيث إلى جهينة. وبعث عمرو بن العاص إلى بني فزارة. وبعث الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب. وبعث بسر ابن سفيان الكعبي إلى بني كعب. وبعث ابن اللتبية الأزدي إلى بني ذبيان. وبعث رجلاً من سعد هذيم على صدقاتهم وأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مصدقيه أن يأخذوا العفو منهم ويتوقوا كرائم أموالهم.

سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم

ثم سرية عيينة بن الحصن الفزاري إلى بني تميم، وكانوا فيما بين السقيا وأرض بني تميم، وذلك في المحرم سنة تسع من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

قالوا: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم في خمسين فارساً من العرب ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري، فكان يسير الليل ويكمن النهار فهجم عليهم في صحار فدخلوا وسرحوا مواشيهم، فلما رأوا الجمع ولوا وأخذ منهم أحد عشر رجلاً، ووجدوا في المحلة إحدى عشرة امرأة وثلاثين صبياً فجلبهم إلى المدينة فأمر بهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فحبسوا في دار رملة بنت الحارث فقدم فيهم عدة من رؤسائهم عطارد بن حاجب والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم والأقرع بن حابس وقيس بن الحارث ونعيم بن سعد وعمرو بن الأهتم ورباح بن الحارث بن مجاشع، فلما رأوهم بكى إليهم النساء والذراري فعجلوا فجاؤوا إلى باب النبي، صلى الله عليه وسلم، فنادوا: يا محمد، اخرج إلينا ! فخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأقام بلال الصلاة وتعلقوا برسول الله، صلى الله عليه وسلم، يكلمونه فوقف معه ثم مضى فصلى الظهر ثم جلس في صحن المسجد فقدموا عطارد بن حاجب فتكلم وخطب؛ فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثابت بن قيس بن شماس فأجابهم، ونزل فيهم: " إنّ الّذينَ يُنَادُونَكَ منْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ " . فرد عليهم رسول الله الأسرى والسبي ثم بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بلمصطلق من خزاعة يصدقهم، وكانوا قد أسلموا وبنوا المساجد، فلما سمعوا بدنو الوليد خرج منهم عشرون رجلاً يتلقونه بالجزور والغنم فرحاً به، فلما رآهم ولى راجعاً إلى المدينة فأخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أنهم لقوه بالسلاح يحولون بينه وبين الصدقة، فهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يبعث إليهم من يغزوهم، وبلغ ذلك القوم فقدم عليه الركب الذين لقوا الوليد فأخبروا النبي الخبر عن وجهه، فنزلت هذه الآية: " يَا أيّهَا الّذينَ آمَنُوا إنْ جَاءَكُمْ فَاسقٌ بنَبَإ فَتَبَيّنُوا أنْ تُصِيبُوا قَوْماً بجَهَالَةٍ " إلى آخر الآية فقرأ عليهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القرآن وبعث معهم عباد بن بشر يأخذ صدقات أموالهم ويعلمهم شرائع الإسلام ويقرئهم القرآن، فلم يعد ما أمره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولم يضيع حقاً، وأقام عندهم عشراً ثم انصرف إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، راضياً.

سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم

ثم سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم بناحية بيشة قريباً من تربة في صفر سنة تسع من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قالوا: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قطبة بن عامر بن حديدة في عشرين رجلاً إلى حي من خثعم بناحية تبالة وأمره أن يشن الغارة عليهم، فخرجوا على عشر أبعرة يعتقبونها فأخذوا رجلاً فسألوه فاستعجم عليهم فجعل يصيح بالحاضر ويحذرهم فضربوا عنقه ثم أمهلوا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعاً، وقتل قطبة بن عامر من قتل وساقوا النعم والشاء والنساء إلى المدينة، وجاء سيل أتي فحال بينهم وبينه فما يجدون إليه سبيلاً، وكانت سهمانهم أربعة أبعرة أربعة أبعرة، والبعير يعدل بعشر من الغنم، بعد أن أخرج الخمس.

سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب

ثم سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب في شهر ربيع الأول سنة تسع من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قالوا: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جيشاً إلى القرطاء عليهم الضحاك بن سفيان بن عوف بن أبي بكر الكلابي، ومعه الأصيد ابن سلمة بن قرط، فلقوهم بالزج زج لاوه فدعوهم إلى الإسلام فأبوا، فقاتلوهم فهزموهم فلحق الأصيد أباه سلمة، وسلمة على فرس له في غدير بالزج، فدعا أباه إلى الإسلام وأعطاه الأمان، فسبه وسب دينه، فضرب الأصيد عرقوبي فرس أبيه، فلما وقع الفرس على عرقوبيه ارتكز سلمة على رمحه في الماء ثم استمسك به حتى جاءه أحدهم فقتله ولم يقتله ابنه.

سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة

ثم سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة في شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

قالوا: بلغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن ناساً من الحبشة تراياهم أهل جدة فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ثلثمائة، فانتهى إلى جزيرة في البحر وقد خاض إليهم البحر فهربوا منه، فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهلهم فأذن لهم فتعجل عبد الله بن حذافة السهمي فيهم فأمره على من تعجل، وكانت فيه دعابة، فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا ناراً يصطلون عليها ويصطنعون فقال: عزمت عليكم إلا تواثبتم في هذه النار ! فقام بعض القوم فاحتجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها فقال: اجلسوا إنما كنت أضحك معكم ! فذكروا ذلك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: من أمركم بمعصية فلا تطيعوه.

سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس صنم طيء ليهدمه

ثم سرية علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، إلى الفلس صنم طيء ليهدمه في شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قالوا: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب في خمسين ومائة رجل من الأنصار على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء ولواء أبيض إلى الفلس ليهدمه، فشنوا الغارة على محلة آل حام مع الفجر فهدموا الفلس وخربوه وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء، وفي السبي أخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشأم ووجد في خزانة الفلس ثلاثة أسياف: رسوب والمخذم وسيف يقال له اليماني، وثلاثة أدراع. واستعمل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على السبي أبا قتادة واستعمل على الماشية والرثة عبد الله بن عتيك، فلما نزلوا ركك اقتسموا الغنائم وعزل للنبي، صلى الله عليه وسلم، صفياً رسوباً والمخذم ثم صار له بعد السيف الآخر، وعزل الخمس وعزل آل حاتم فلم يقسمهم حتى قدم بهم المدينة.

سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الجناب أرض عذرة وبلي

ثم سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الجناب، أرض عذرة وبلي، في شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

غزوة رسول الله تبوك

صلى الله عليه وسلم.

ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تبوك في رجب سنة تسع من مهاجره.
قالوا: بلغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن الروم قد جمعت جموعاً كثيرة بالشأم وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة، وأجلبت معه لخم وجذام وعاملة وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء، فندب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك. وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم، وذلك في حر شديد، وأمرهم بالصدقة فحملوا صدقات كثيرة وقووا في سبيل الله، وجاء البكاؤون وهم سبعة يستحملونه فقال: لا أجد ما أحملكم عليه، تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً أن لا يجدوا ما ينفقون. وهم: سالم بن عمير وهرمي بن عمرو وعبلة بن زيد وأبو ليلى المازني وعمرو بن عنمة وسلمة بن صخر والعرباض بن سارية.

وفي بعض الروايات من يقول: إن فيهم عبد الله بن المغفل ومعقل ابن يسار. وبعضهم يقولون: البكاؤون بنو مقرن السبعة، وهم من مزينة. وجاء ناس من المنافقين يستأذنون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في التخلف من غير علة فأذن لهم وهم بضعة وثمانون رجلاً. وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم فاعتذروا إليه فلم يعذرهم وهم اثنان وثمانون رجلاً. وكان عبد الله بن أبي بن سلول قد عسكر على ثنية الوداع في حلفائه من اليهود والمنافقين فكان يقال ليس عسكره بأقل العسكرين. وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، استخلف على عسكره أبا بكر الصديق يصلي بالناس، واستخلف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على المدينة محمد بن مسلمة، وهو أثبت عندنا ممن قال استخلف غيره. فلما سار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تخلف عبد الله بن أبي ومن كان معه وتخلف نفر من المسلمين من غير شك ولا ارتياب، منهم: كعب بن مالك وهلال بن ربيع ومرارة ابن الربيع وأبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري. وأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواءً أو رايةً ومضى لوجهه يسير بأصحابه حتى قدم تبوك في ثلاثين ألفاً من الناس، والخيل عشرة آلاف فرس، فأقام بها عشرين ليلةً يصلي بها ركعتين ولحقه بها أبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري، وهرقل يومئذ بحمص، فبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خالد بن الوليد في أربعمائة وعشرين فارساً في رجب سنة تسع سرية إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل، وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلةً، وكان أكيدر من كندة قد ملكهم، وكان نصرانياً، فانتهى إليه خالد وقد خرج من حصنه في ليلة مقمرة إلى بقر يطاردها هو وأخوه حسان، فشدت عليه خيل خالد بن الوليد فاستأسر أكيدر وامتنع أخوه حسان وقاتل حتى قتل وهرب من كان معهما، فدخل الحصن وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على أن يفتح له دومة الجندل، ففعل وصالحه على ألفي بعير وثمانمائة رأس وأربعمائة درع وأربعمائة رمح. فعزل للنبي، صلى الله عليه وسلم، صفياً خالصاً ثم قسم الغنيمة فأخرج الخمس، وكان للنبي، صلى الله عليه وسلم، ثم قسم ما بقي بين أصحابه فصار لكل رجل منهم خمس فرائض، ثم خرج خالد بن الوليد بأكيدر وبأخيه مصاد وكان في الحصن وبما صالحه عليه قافلاً إلى المدينة، فقدم بأكيدر على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأهدى له هدية فصالحه على الجزية وحقن دمه ودم أخيه وخلى سبيلهما. وكتب له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كتاباً فيه أمانهم وما صالحهم عليه وختمه يومئذ بظفره. وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، استعمل على حرسه بتبوك عباد بن بشر فكان يطوف في أصحابه على العسكر ثم انصرف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من تبوك ولم يلق كيداً وقدم المدينة في شهر رمضان سنة تسع فقال: الحمد لله على ما رزقنا في سفرنا هذا من أجر وحسبة ! وجاءه من كان تخلف عنه فحلفوا له فعذرهم واستغفر لهم وأرجأ أمر كعب ابن مالك وصاحبيه حتى نزلت توبتهم بعد، وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون: قد انقطع الجهاد ! فبلغ ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنهاهم وقال: لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدجال.
أخبرنا عتاب بن زياد قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا يونس عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت كعب بن مالك يقول: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قل ما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حر شديد واستقبل سفراً بعيداً وغزو عدو كثير، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي يريده.
أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب في قوله: الذين اتبعوه في ساعة العسرة، قال: خرجوا في غزوة تبوك الرجلان والثلاثة على بعير وخرجوا في حر شديد فأصابهم يوماً عطش شديد حتى جعلوا ينحرون إبلهم فيعصرون أكراشها ويشربون ماءها، فكان ذلك عسرة من الماء وعسرة من الطهر وعسرة من النفقة.

أخبرنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة الغسيل، حدثني ابن لعبد الرحمن بن عبد الله أو ابن لعبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده أن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج إلى غزوة تبوك يوم الخميس وكانت آخر غزوة غزاها وكانت يستحب أن يخرج يوم الخميس.
أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي، أخبرنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: غزا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تبوكاً فأقام بها عشرين ليلة يصلي بها صلاة المسافر.
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: رجعنا من غزوة تبوك فلما دنونا من المدينة قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم. قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة ؟ قال: نعم حبسهم العذر ! أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني، حدثني إبراهيم بن عقيل ابن معقل عن أبيه عن وهب عن جابر قال: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول في غزوة تبوك بعد أن رجعنا إلى المدينة: إن بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم المرض.

حجة أبي بكر الصديق بالناس

ثم حجة أبي بكر الصديق بالناس في ذي الحجة سنة تسع من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قالوا: استعمل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، على الحج فخرج في ثلاثمائة رجل من المدينة وبعث معه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعشرين بدنةً قلدها وأشعرها بيده عليها ناجية ابن جندب الأسلمي، وساق أبو بكر خمس بدنات، فلما كان بالعرج لحقه علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، على ناقة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القصواء؛ فقال له أبو بكر: استعملك رسول الله على الحج ؟ قال: لا ولكن بعثني أقرأ براءةً على الناس وأنبذ إلى كل ذي عهد عهده، فمضى أبو بكر فحج بالناس، وقرأ علي بن أبي طالب براءة على الناس يوم النحر عند الجمرة ونبذ إلى كل ذي عهد عهده وقال: لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ثم رجعا قافلين إلى المدينة.
أخبرنا خالد بن خداش، أخبرنا عبد الله بن وهب قال: أخبرن عمرو ابن الحارث عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون الناس يوم النحر أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، فكان حميد يقول: يوم النحرة يوم الحج الأكبر، من أجل حديث أبي هريرة.

سرية خالد بن الولد إلى بني عبد المدان بنجران

ثم سرية خالد بنا لوليد إلى بني عبد المدان بنجران في شهر ربيع الأول سنة عش من مهاجر النبي، صلى الله عليه وسلم.

سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن

رحمه الله يقال مرتين

ثم سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن؛ يقال مرتين، إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قالوا: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، علياً إلى اليمن وعقد له لواء وعممه بيده وقال: امض ولا تلتفت، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك ! فخرج في ثلاثمائة فارس وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد، وهي بلاد مذحج، ففرق أصحابه فأتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك، وجعل علي على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي، فجمع إليه ما أصابوا ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي، ثم حمل عليهم علي بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلاً فتفرقوا وانهزموا، فكف عن طلبهم ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله. وجمع علي الغنائم فجزأها على خمسة أجزاء فكتب في سهم منها لله، وأقرع عليها فخرج أول السهم سهم الخمس، وقسم علي على أصحابه بقية المغنم ثم قفل فوافى النبي، صلى الله عليه وسلم، بمكة قد قدمها للحج سنة عشر.

ذكر عمرة النبي

صلى الله عليه وسلم

أخبرنا هوذة بن خليفة وأحمد بن عبد الله بن يونس وشهاب بن عباد العبدي قالوا: أخبرنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: اعتمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أربع عمر: عمرة الحديبية وهي عمرة الحصر، وعمرة القضاء من قابل، وعمرة الجعرانة، والرابعة التي مع حجته.
أخبرنا أحمد بن إسحق الحضرمي، أخبرنا وهيب، أخبرنا عبد الله ابن عمر بن خثيم عن سعيد بن جبير: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اعتمر عام الحديبية في ذي القعدة واعتمر عام صالح قريشاً في ذي القعدة واعتمر مرجعه من الطائف في ذي القعدة من الجعرانة.
أخبرنا حجاج بن نصير، أخبرنا أبو بكر، يعني الهذلي، عن عكرمة قال: اعتمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثلاث عمر في ذي القعدة قبل أن يحج.
أخبرنا موسى بن داود الضبي قال: أخبرنا عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة قال: اعتمر النبي، صلى الله عليه وسلم، أربع عمر كلها في ذي القعدة.
أخبرنا الفضل بن دكين، أخبرنا زكرياء بن أبي زائدة عن عامر قال: لم يعتمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عمرةً إلا في ذي القعدة.
أخبرنا قبيصة بن عقبة، أخبرنا سفيان، يعني الثوري، عن ابن جريج عن عطاء قال: عمر النبي كلها في ذي القعدة.
أخبرنا عفان بن مسلم وهشام أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن عاصم الكلابي قالوا: أخبرنا همام عن قتادة قال قلت لأنس بن مالك: كم اعتمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم ؟ قال: أربعاً: عمرته التي صده فيها المشركون عن البيت من الحديبية في ذي القعدة، وعمرته أيضاً من العام المقبل حين صالحوه في ذي القعدة، وعمرته حين قسم غنيمة حنين من الجعرانة في ذي القعدة، وعمرته مع حجته.
أخبرنا محمد بن سابق، أخبرنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن عتبة مولى ابن عباس أنه قال: لما قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم ثم اعتمر منها، وذلك لليلتين بقيتا من شوال.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبي هكذا قال: قال اعتمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليلاً من الجعرانة ثم رجع كبائت، قال فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس، قال داود: عام الفتح.
أخبرنا موسى بن داود، أخبرنا ابن لهيعة عن عياض بن عبد الرحمن عن محمد بن جعفر: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، اعتمر من الجعرانة وقال: اعتمر منها سبعون نبياً.
أخبرنا محمد بن الصباح، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: اعتمر رسول اله، صلى الله عليه وسلم، ثلاثاً: عمرةً في شوال، وعمرتين في ذي القعدة.
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، أخبرنا سفيان، يعني الثوري، عن منصور عن إبراهيم قال: ما اعتمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا مرة.
أخبرنا هشيم، أخبرنا المغيرة عن الشعبي: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أقام في عمره ثلاثاً.
أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: أدخل النبي البيت في عمره ؟ قال: لا.

حجة الوداع

ثم حجة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالناس سنة عشر من مهاجره، وهي التي يسمي الناس حجة الوداع، وكان المسلمون يسمونها حجة الإسلام.

قالوا: أقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالمدينة عشر سنين يضحي كل عام ولا يحلق ولا يقصر ويغزو المغازي ولا يحج حتى كان في ذي القعدة سنة عشر من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأجمع الخروج إلى الحج وآذن الناس بذلك، فقدم المدينة بشر كثير يأتمون برسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حجته ولم يحج غيرها منذ تنبىء إلى أن توفاه الله، وكان ابن عباس يكره أن يقال حجة الوداع ويقول حجة الإسلام، فخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من المدينة مغتسلاً متدهناً مترجلاً متجرداً في ثوبين صحاريين إزار ورداء، وذلك يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي القعدة، فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين وأخرج معه نساءه كلهن في الهوادج. وأشعر هديه وقلده ثم ركب ناقته، فلما استوى عليها بالبيداء أحرم من يومه ذلك، وكان على هديه ناجية ابن جندب الأسلمي واختلف علينا فيما أهل به: فأهل المدينة يقولون أهل بالحج مفرداً، وفي رواية غيرهم أنه قرن مع حجته عمرةً، وقال بعضهم دخل مكة متمتعاً بعمرة ثم أضاف إليها حجةً، وفي كل رواية، والله أعلم. ومضى يسير المنازل ويؤم أصحابه في الصلوات في مساجد له قد بناها الناس وعرفوا مواضعها، وكان يوم الاثنين بمر الظهران فغربت له الشمس بسرف ثم أصبح فاغتسل ودخل مكة نهاراً، وهو على راحلته القصواء، فدخل من أعلى مكة من كداء حتى انتهى إلى باب بني شيبة، لما رأى البيت رفع يديه فقال: اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابة، وزد من عظمه ممن حجه واعتمره تشريفاً وتكريماً ومهابةً وتعظيماً وبراً ! ثم بدأ فطاف بالبيت ورمل ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر، وهو مضطبع بردائه، ثم صلى خلف المقام ركعتين، ثم سعى بين الصفا والمروة على راحلته من فوره ذلك.
وكان قد اضطرب بالأبطح فرجع إلى منزله. فلما كان قبل يوم التروية بيوم خطب بمكة بعد الظهر، ثم خرج يوم التروية إلى منى فبات بها، ثم غدا إلى عرفات فوقف بالهضاب من عرفات وقال: كل عرفة موقف إلا بطن عرنة؛ فوقف على راحلته يدعو، فلما غربت الشمس دفع فجعل يسير العتق، فإذا وجد فجوةً نص حتى جاء المزدلفة، فنزل قريباً من النار فصلى المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ثم بات بها، فلما كان في السحر أذن لأهل الضعف من الذرية والنساء أن يأتوا منى قبل حطمة الناس. قال ابن عباس: وجعل يلطح أفخاذنا ويقول أبني لا ترموا حتى تطلع الشمس، يعني جمرة العقبة، فلما برق الفجر صلى نبي الله، صلى الله عليه وسلم، الصبح ثم ركب راحله فوقف على قزح وقال: كل المزدلفة موقف إلا بطن محسر، ثم دفع قبل طلوع الشمس، فلما بلغ إلى محسر أوضع لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، ثم نحر الهدي وحلق رأسه وأخذ من شاربه وعارضيه وقلم أظفاره وأمر بشعره وأظفاره أن تدفن، ثم أصاب الطيب ولبس القميص ونادى مناديه بمنى: إنها أيام أكل وشرب، وفي بعض الروايات: وباءة، وجعل يرمي الجمال في كل يوم عند زوال الشمس بمثل حصى الخذف، ثم خطب الغد من يوم النحر بعد الظهر على ناقته القصواء، ثم صدر يوم الصدر الآخر وقال: إنما هن ثلاث يقيمهن المهاجر بعد الصدر، يعني بمكة، ثم ودع البيت وانصرف راجعاً إلى المدينة، صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا هشيم بن بشير قال: أخبرنا حميد الطويل أخبرني بكر ابن عبد الله المزني قال سمعت أنس بن مالك يحدث قال: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يلبي بالحج والعمرة جميعاً، قال فحدثت بذلك ابن عمر، قال فقال ابن عمر: لبى بالحج وحده، قال فلقيت أنساً فحدثته بقول ابن عمر فقال أنس: ما يعدوننا إلا كالصبيان ! سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: لبيك عمرةً وحجاً معاً.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ثلاثة أنواع: منا من قرن بين عمرة وحج، ومنا من أهل بالحج، ومن من أهل بعمرة، فأما من قرن بين عمرة وحج فإنه لا يحل حتى يقضي المناسك كلها، وأما من أهل بحج فإنه لا يحل مما حرم عله حتى يقضي المناسك، ومن أهل بعمرة فإنه إذا طاف وسعى حل من كل شيء حتى يستقبل الحج.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، صرح بهما جميعاً.

أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا حميد عن أنس قال: لبى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعمرة وحجة.
أخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا وهيب، أخبرنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الظهر بالمدينة أربعاً ثم صلى العصر بذي الحليفة ركعتين وبات بها حتى أصبح، فلما انبعثت به راحلته سبح وكبر حتى استوت به على البيداء، قال: فلما قدمنا مكة أمرهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يحلوا، فلما كان يوم التروية أهلوا بالحج ونحر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سبع بدنات بيده قياماً، وضحى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بكبشين أملحين أقرنين.
أخبرنا عفان، أخبرنا وهيب، أخبرنا أيوب عن السدوسي قال سمعت ابن عباس يقول: قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه لصبح رابعة مهلين بالحج فأمرهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يجعلوها عمرةً إلا من كان معه الهدي، قال: فلبست القمص وسطعت المجامر ونكحت النساء.
أخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا قيس ابن سعد عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأربع خلون من ذي الحجة، فلما طفنا بالبيت وبين الصفا والمروة قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: اجعلوها عمرةً إلا من كان معه الهدي، فلما كان يوم التروية أهلوا بالحج، فلما كان يوم النحر طافوا ولم يطوفوا بين الصفا والمروة.
أخبرنا عمرو بن حكام بن أبي الوضاح، أخبرنا شعبة عن أيوب عن أبي العالية البراء عن ابن عباس قال: أهل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالحج فقدم لأربع مضين من ذي الحجة فصلى بنا الصبح بالبطحاء ثم قال: من شاء أن يجعلها عمرةً فليجعلها.
أخبرنا الهيثم بن خارجة، أخبرنا يحيى بن حمزة عن أبي وهب عن مكحول أنه سئل: كيف حج النبي، صلى الله عليه وسلم، ومن حج معه من أصحابه ؟ فقال: حج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن حج معه من أصحابه معهم النساء والولدان. قال مكحول: تمتعوا بالعمرة إلى الحج فحلوا فأحل لهم ما يحل للحلال من النساء والطيب.
أخبرنا الهيثم بن خارجة، أخبرنا يحيى بن حمزة عن النعمان أن مكحولاً حدثه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أهل بالعمرة والحج جميعاً.
أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي، أخبرنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، أخبرنا حجاج عن الحسن بن سعد عن ابن عباس قال: أنبأني أبو طلحة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، جمع بين حجة وعمرة.
أخبرنا معن بن عيسى، أخبرنا مالك بن أنس عن محمد بن عبد الرحمن ابن نوفل عن عروة عن عائشة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أفرد بالحج.
أخبرنا معن بن عيسى ومطرف بن عبد الله بن مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أفرد بالحج.
أخبرنا مطوف بن عبد الله، أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أفرد بالحج.
أخبرنا سعيد بن سليمان، أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لبيك اللهم لبيك ! لبيك لا شريك لك ! لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ! أخبرنا وكيع بن الجراح وهاشم بن القاسم الكناني عن الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان عن أنس بن مالك قال: حج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على رحل رث وقطيفة. قال وكيع: يستوي أو لا يستوي أربعة دراهم. قال هاشم بن القاسم: أراها ثمن أربعة دراهم؛ فلما توجه قال: اللهم حجة لا رثاء فيها ولا سمعة ! أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن أبي حسان عن ابن عباس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أهل بالحج عند الظهر من ذي الحليفة.
أخبرنا محمد بن بكر البرساني، أخبرني ابن جريج، أخبرني جعفر ابن محمد أنه سمع أباه محمد بن علي يحدث أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أهدى في حجته مائة بدنة وأمر من كل بدنة بمضغة فجعلت في قدر فأكلا من لحمها وشربا من مرقها؛ قلت: من الذي أكل مع النبي، صلى الله عليه وسلم، وشرب من المرق ؟ قال علي: جعفر يقوله لي، يعني علي بن أبي طالب أكل مع النبي وشرب من المرق، قال: وجعفر يقوله لابن جريج.

أخبرنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا الوليد بن مسلم عن عمر بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن من أبصر النبي، صلى الله عليه وسلم، سائراً إلى منى وبلال إلى جانبه، وبيد بلال عود عليه ثوباً وشيء يظله من الشمس.
أخبرنا الهيثم بن خارجة، أخبرنا يحيى بن حمزة عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن جبريل أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: ارفع صوتك بالإهلال فإنه شعار الحج.
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان الثوري عن عبد الله بن أبي لبيد، أخبرني المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فقال لي: ارفع صوتك بالإهلال فإنه من شعار الحج.
أخبرنا الضحاك بن مخلد الشيباني، أخبرنا ابن جريج عن يحيى ابن عبيد عن أبيه عن عبد الله بن السائب قال: رأيت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار.
أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا المسعودي، حدثني محمد بن علي عن أسامة بن زيد قال: صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في البيت.
أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أسامة بن زيد وأخبرني محمد بن عمر قال: أخبرنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلى في الكعبة ركعتين.
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني قيس عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أمية قال: سألت عمر كيف صنع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في البيت ؟ قال: صلى ركعتين.
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، البيت هو وبلال. وقال ابن عمر: فسألت بلالاً صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيه ؟ قال: نعم في مقدم البيت، بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع.
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني سيف بن سليمان عن مجاهد عن ابن عمر قال: أتيت فقيل لي هذا رسول الله قد دخل البيت، قال: فأقبلت فوجدته قد خرج ووجدت بلالاً قائماً عند الباب فسألته فقال: صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ركعتين.
أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا عمر بن قيس عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث قال: لما أراد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يدخل الكعبة خلع نعليه.
أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا شيبان بن عبد الرحمن عن جابر عن أبي يحيى عن قزعة عن عائشة قالت: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول يوماً ودخل البيت وعليه كآبة فقلت: ما لك يا رسول الله ؟ فقال: فعلت اليوم أمراً ليتني لم أكن فعلته ! دخلت البيت ولعل الرجل من أمتي لا يقدر أن يدخله فينصرف وفي نفسه حزازةً، وإنما أمرنا بالطواف به ولم نؤمر بالدخول.
أخبرنا موسى بن داود، أخبرنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، طاف قبل عرفة.
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني، أخبرنا شعبة عن بكير بن عطاء الليثي قال سمعت عبد الرحمن بن يعمر قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعرفات قال: الحج عرفات أو يوم عرفة، من أدرك ليلة جمع قبل الصبح فقد تم حجه، وقال: أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه.
أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا شعبة، أخبرنا عبد الله بن أبي السفر قال: سمعت الشعبي يحدث عن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لأم قال: أتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو بالمزدلفة فقلت يا رسول الله هل لي من حج ؟ فقال: من صلى الصلاة معنا ها هنا وقد شهد قبل ذلك عرفات ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه.
أخبرنا معن بن عيسى، أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سئل أسامة وأنا جالس: كيف كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يسير في حجة الوداع حين دفع ؟ قال: كان يسير العنق، فإذا وجد فجوةً نص.
أخبرنا هشيم قال: أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أفاض من عرفات وردفه أسامة وأفاض من جمع وردفه الفضل بن عباس، قال: ولبى حتى رمى جمرة العقبة.

أخبرنا محمد بن بكر البرساني قال: أخبرنا ابن جريج، أخبرني عطاء، أخبرني ابن عباس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أردف الفضل ابن عباس. قال عطاء: فأخبرني ابن عباس أن الفضل أخبره أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرني ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي معبد مولى عبد الله بن عباس عن ابن عباس عن الفضل بن عباس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، عشية عرفة وغداة جمع حين دفعوا قال: عليكم السكينة، وهو كاف ناقته حتى دخل منى حين هبط من محسر فقال: عليكم بحصى الخذف الذي ترمون به الجمرة، وأشار النبي، صلى الله عليه وسلم، كما يخذف الانسان.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: رأيت النبي، صلى الله عليه وسلم، يرمي بمثل حصى الخذف.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا عوف عن زياد بن حصين عن أبي العالية الرياحي، أخبرنا عبد الله بن عباس قال: قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غداة العقبة: القط لي، فلقطت له حصى الخذف فلما وضعتهن في يده قال: نعم بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو إنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين ! وأخبرنا محمد بن بكر البرساني وعبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج قال: وأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قول: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يرمي يوم النحر ضحى وأما ما بعد ذلك فبعد زوال الشمس.
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: رأيت النبي، صلى الله عليه وسلم، يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لنا خذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه.
أخبرني مطرف بن عبد الله اليساري، أخبرنا الزنجي بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن نبي الله، صلى الله عليه وسلم، كان يرمي الجمار ماشياً ذاهباً وراجعاً.
أخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا همام عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نحر ثم حلق.
أخبرنا محمد بن بكر البرساني، أخبرنا ابن جريج، أخبرني موسى ابن عقبة عن نافع أن ابن عمر أخبره أن النبي، صلى الله عليه وسلم، حلق رأسه في حجة الوداع.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، أخبرنا زهير، أخبرنا موسى ابن عقبة عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حلق رأسه في حجة الوداع.
أخبرنا سليمان بن حرب، أخبرنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: لقد رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والحلاق يحلقه وقد أطاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج، أخبرني ابن شهاب أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أفاض يوم النحر فغدا غدواً قبل أن تزول الشمس ثم رج فصلى الصلوات بمنى؛ قال ابن جريج وقال عطاء: ومن أفاض فليصل الظهر بمنى، قال: وإني لأصلي الظهر بمنى قبل أن أفيض والعصر بالطريق وكل ذلك أصنع.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج، أخبرني هشام بن حجير وغيره عن طاووس قال: أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أصحابه أن يفيضوا نهاراً وأفاض في نسائه ليلاً وطاف بالبيت على ناقته ثم جاء زمزم فقال ناولوني، فنوول دلواً فشرب منها ثم مضمض فمج في الدلو ثم أمر به فأفرغ في البئر، يعني زمزم.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج، أخبرني عمرو بن مسلم أن طاووساً حدثهم: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، طاف على راحلته.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج، أخبرني هشام بن حجير أنه سمع طاووساً يزعم: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أتى زمزم فقال ناولوني، فنوول دلواً فشرب منها ثم مضمض في الدلو ثم أمر بماء في الدلو فأفرغ في البئر، ثم مشى إلى السقاية سقاية النبيذ ليشرب فقال ابن عباس للعباس: إن هذا ساطته الأيدي منذ اليوم وفي البيت شراب صاف، فأبى النبي أن يشرب إلا منه فشرب منه، قال: وكان طاووس يقول الشرب من النبيذ من تمام الحج.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا ابن جريج، أخبرني ابن طاووس عن أبيه: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شرب من النبيذ ومن زمزم وقال: لولا أن تكون سنةً لنزعت.

أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج قال: أخبرنا حسين ابن عبد الله أن رجلاً نادى ابن عباس والناس حوله: أسنةً تبتغون بهذا النبيذ أم هو أهون عليكم من العسل واللبن ؟ فقال ابن عباس: أتي النبي، صلى الله عليه وسلم، ومعه أصحابه من المهاجرين والأنصار بعساس فيها النبيذ، فلما شرب، صلى الله عليه وسلم، عجل قبل أن يروى فرفع رأسه فقال: أحسنتم هكذا اصنعوا ! قال ابن عباس: فرضاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في ذلك أحب إلي من أن تسيل شعابها عليناً عسلاً ولبناً.
أخبرنا عبد الوهاب عن ابن جريج عن عطاء: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أفاض نزع لنفسه بالدلو لم ينزع معه أحد فشرب ثم أفرغ ما بقي في الدلو في البئر وقال: لولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لم ينزع منها أحد غيري، قال: فنزع هو نفسه الدلو التي شرب منها لم يعنه على نزعها أحد.
أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب، حدثنا زهير، أخبرنا أبو إسحاق، حدثني حارثة بن وهب الخزاعي، وكانت أمه تحت عمر، قال: صليت خلف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بمنى والناس أكثر ما كانوا فصلى بنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ركعتين في حجة الوداع.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة قال: خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بمنى وإني لتحت جران ناقته وهي تقصع بجرتها وإن لعابها ليسيل بين كتفي فقال: إن الله قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية، ألا وإن الولد للفراش وللعاهر الحجر ! ألا ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواله رغبةً عنهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ! أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، أخبرنا الوليد بن مسلم، أخبرنا هشام بن الغاز، أخبرني نافع عن ابن عمر: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فقال للناس: أي يوم هذا ؟ فقالوا: يوم النحر؛ قال: فأي بلد هذا ؟ قالوا: البلد الحرام؛ قال: فأي شهر هذا ؟ قالوا: الشهر الحرام؛ فقال: هذا يوم الحج الأكبر ! فدماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا الشهر في هذا اليوم، ثم قال: هل بلغت ؟ قالوا: نعم ! فطفق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: اللهم اشهد ! ثم ودع الناس فقالوا: هذه حجة الوداع.
أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي، أخبرنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، حدثني أبو مالك الأشجعي، حدثني نبيط بن شريط الأشجعي قال: إني لرديف أبي في حجة الوداع إذ تكلم النبي، صلى الله عليه وسلم، فقمت على عجز الراحلة ووضعت رجلي على عاتقي أبي، قال فسمعته يقول: أي يوم أحرم ؟ قالوا: هذا اليوم ! قال: فأي شهر أحرم ؟ قالوا: هذا الشهر ! قال: فأي بلد أحرم ؟ قالوا: هذا البلد ! قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، هل بلغت ؟ قالوا: اللهم نعم ! قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد ! أخبرنا يونس بن محمد المؤدب، أخبرنا ربيعة بن كلثوم بن جبر، حدثني أبي عن أبي غادية رجل من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم العقبة قال: يا أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت ؟ قال قلنا: نعم ! قال: اللهم اشهد ! ألا لا ترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.
أخبرن سعيد بن سليمان، أخبرنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق، حدثني يحيى بن أم الحصين والعيزار بن الحريث عن أم الحصين قالت: رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عشية عرفة على بعير قائلاً بردائه هكذا، وأشار أبو بكر، ألقاه على عضده الأيسر من تحت عضده وأخرج عضده الأيمن، قالت فسمعته يقول: يا أيها الناس اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع أقام فيكم كتاب الله.
أخبرنا سعيد بن سليمان، أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سلمة بن نبيط عن أبيه قال: رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يخطب يوم عرفة على جمل أحمر.

أخبرنا عبد الله بن عمر وأبو معمر المنقري، حدثني عبد الوارث ابن سعيد مولى بني العنبر، أخبرنا حميد بن قيس المكي عن محمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال وكان من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونحن بمنى، قال ففتحت أسماعنا حتى إن كنا لنسمع ما يقول ونحن في منازلنا، قال فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار فقال بحصى الخذف، ووضع إصبعيه السبابتين إحداهما على الأخرى، ثم أمر المهاجرين أن ينزلوا في مقدم المسجد وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد ثم نزل الناس بعد.
وأخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع: أرقاءكم أرقاءكم ! أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ! وإن جاؤوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم.
أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا عكرمة بن عمار، حدثني الهرماس ابن زياد الباهلي قال: كنت ردف أبي يوم الأضحى ونبي الله يخطب الناس على ناقته بمنى.
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي، أخبرنا عكرمة بن عمار، أخبرنا الهرماس بن زياد قال: انصرف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبي مردفي وراءه على جمل له وأنا صبي صغير، فرأيت النبي، صلى الله عليه وسلم، يخطب الناس على ناقته العضباء يوم الأضحى بمنى.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن أيوب عن محمد عن أبي بكرة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، خطب في حجته فقال: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعد وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، ثم قال: أي يوم هذا ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم ! فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: أليس اليوم النحر ؟ قلنا: بلى ! قال: أي شهر هذا ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم ! قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس ذا الحجة ؟ قلنا: بلى ! قال: أي بلد هذا ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليست البلدة الحرام ؟ قلنا: بلى ! قال: فإن دماءكم وأموالكم، قال وأحسبه قال وأعراضكم، عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ! ألا لا ترجعن بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض ! ألا هل بلغت ؟ ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه ! ألا هل بلغت ؟ قال محمد: قد كان ذاك، قد كان بعض من بلغه أوعى له من بعض من سمعه.
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي، أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن مجاهد قال: حج أبو بكر ونادى علي بالأذان في ذي القعدة قال فكانت الجاهلية يحجون في كل شهر من شهور السنة عامين فوافق حج نبي الله، صلى الله عليه وسلم، في ذي الحجة فقال: هذا يوم استدار الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض.
قال أبو بشر: إن الناس لما تركوا الحق نسأوا الشهور.
أخبرنا يزيد بن هارون ومعن بن عيسى قالا: أخبرنا ابن أبي ذئب عن الزهري: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعث عبد الله بن حذافة عن راحلته ينهى عن صيام أيام التشريق وقال: إنهن أيام أكل وشرب وذكر لله.
قال معن في حديثه: فانتهى المسلمون عن صومهن.
أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي، أخبرنا إسرائيل عن جابر عن محمد بن علي عن بديل بن ورقاء قال: أمرني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أيام التشريق أن أنادي: هذه أيام أكل وشرب فلا يصومهن أحد.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن محمد بن إسحاق عن حكيم ابن حكيم عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمه قالت: لكأني أنظر إلى علي على بغلة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، البيضاء حين وقف على شعب الأنصار وهو يقول: يا أيها الناس إنها ليست بأيام صيام إنما هي أيام أكل وشرب وذكر.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن ابن جريج، أخبرني عطاء عن جابر بن عبد الله قال: أهللنا أصحاب النبي بالحج خالصاً ليس معه غيره خالصاً وحده، فقدمنا مكة صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمرنا النبي، صلى الله عليه وسلم، أن نحل فقال: أحلوا واجعلوها عمرةً، فبلغه أنا تقول لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نحل فنروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر من المني؛ فقام النبي، صلى الله عليه وسلم، فخطبنا فقال: قد بلغني الذي قلتم، وإني لأبركم وأتقاكم، ولولا الهدي لأحللت، ولو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت. قال: وقدم علي من اليمن فقال له: بم أهللت ؟ قال: بما أهل به النبي؛ قال: فأهد وامكث حراماً كما أنت؛ قال وقال له سراقة: يا رسول الله أرأيت عمرتنا هذه أهي لعامنا هذا أو للأبد ؟ قال: بل للأبد، قال إسماعيل هذا أو نحوه.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: لبيك عمرةً وحجاً ! أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن حميد عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: لبيك بعمرة وحج ! وأخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: نزلت على النبي، صلى الله عليه وسلم: اليوم أكملت لكم دينكم؛ قال: نزلت وهو واقف بعرفة حين وقف موقف إبراهيم واضمحل الشرك وهدمت منار الجاهلية ولم يطف بالبيت عريان.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا ليث، يعني ابن أبي سليم، عن طاووس عن ابن عباس أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لبى حتى رمى الجمرة يوم النحر.
أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد ابن العاص عن أبيه قال: صدرت مع ابن عمر يوم الصدر فمرت بنا رفقة يمانية رحالهم الأدم وخطهم إبلهم الجرر، فقال عبد الله: من أحب أن ينظر إلى رفقة وردت الحج العام برسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه إذ قدموا في حجة الوداع فلينظر إلى هذه الرفقة.
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا: أخبرنا سفيان عن ليث عن طاووس عن ابن عباس أنه كره أن يقول حجة الوداع، قال: فقلت حجة الإسلام، قال: نعم حجة الإسلام.
أخبرنا الفضل بن دكين عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قال: كان طاووس يكره أن يقول حجة الوداع ويقول حجة الإسلام.
أخبرنا الضحاك بن مخلد الشيبان عن ابن جريج، أخبرني إسماعيل ابن محمد بن سعد عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن السائب بن يزيد ابن أخت نمر عن العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثاً.
أخبرنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن عاصم الكلابي قالا: أخبرنا همام، أخبرنا قتادة قال قلت لأنس: كم حجة حج النبي، صلى الله عليه وسلم ؟ قال: حجة واحدة.
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن مجاهد قال: حج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حجتين قبل أن يهاجر وبعدما هاجر حجة.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي قال: أخبرنا ابن عون عن إبراهيم عن الأسود عن أم المؤمنين وعن القاسم عن أم المؤمنين قالا: قالت عائشة يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد ! قال: انظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه ثم القينا بجبل كذا وكذا، قال: أظنه قال كذا ولكنها على قدر نصبك أو قال قدر نفقتك أو كما رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

سرية أسامة بن زيد بن حارثة

ثم سرية أسامة بن زيد بن حارثة إلى أهل أبنى، وهي أرض السراة ناحية البلقاء.

قالوا: لما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الناس بالتهيؤ لغزو الروم، فلما كان من الغد دعا أسامة ابن زيد فقال: سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش فأغر صباحاً على أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير تسبق الأخبار، فإن ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع أمامك. فلما كان يوم الأربعاء بدىء برسول الله، صلى الله عليه وسلم، فحم وصدع، فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواءً بيده ثم قال: أغز بسم الله في سبيل الله فقاتل من كفر بالله ! فخرج بلوائه معقوداً فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريش، فتكلم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين ! فغضب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غضباً شديداً فخرج وقد عصب على رأسه عصابةً وعليه قطيفة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله ! وايم الله إن كان للإمارة لخليقاً وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمخيلان لكل خير، واستوصوا به خيراً فإنه من خياركم ! ثم نزل فدخل بيته، وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويمضون إلى العسكر بالجرف، وثقل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: أنفذوا بعث أسامة ! فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبي مغمور، وهو اليوم الذي لدوه فيه، فطأطأ أسامة فقبله ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة، قال: فعرفت أنه يدعو لي؛ ورجع أسامة إلى معسكره ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مفيقاً، صلوات الله عليه وبركاته، فقال له: أغد على بركة الله ! فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر الناس بالرحيل؛ فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاءه يقول: إن رسول الله يموت ! فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يموت فتوفي، صلى الله عليه صلاة يحبها ويرضاها، حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقوداً حتى أتى به باب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فغرزه عنده، فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة ابن الحصيب باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه، فمضى به بريدة إلى معسكرهم الأول، فلما ارتدت العرب كلم أبو بكر في حبس أسامة فأبى، وكلم أبو بكر أسامة في عمر أن يأذن له في التخلف ففعل. فلما كان هلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة خرج أسامة فسار إلى أهل أبنى عشرين ليلةً فشن عليهم الغارة، وكان شعارهم: يا منصور أمت ! فقتل من أشرف له وسبى من قدر عليه وحرق في طوائفها بالنار وحرق منازلهم وحروثه ونخلهم فصارت أعاصير من الدخاخين وأجال الخيل في عرصاتهم وأقاموا يومهم ذلك في تعبئة ما أصابوا من الغنائم. وكان أسامة على فرس أبيه سبحة وقتل قاتل أبيه في الغارة وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهماً وأخذ لنفسه مثل ذلك. فلما أمسى أمر الناس بالرحيل ثم أغذ السير فوردوا وادي القرى في تسع ليال، ثم بعث بشيراً إلى المدينة يخبر بسلامتهم، ثم قصد بعد في السير فسار إلى المدينة ستاً وما أصيب من المسلمين أحد، وخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونم سروراً بسلامتهم ودخل على فرس أبيه سبحة واللواء أمامه يحمله بريدة بن الحصيب حتى انتهى إلى المسجد فدخل فصلى ركعتين ثم انصرف إلى بيته. وبلغ هرقل وهو بحمص ما صنع أسامة فبعث رابطةً يكونون بالبلقاء، فلم تزل هناك حتى قدمت البعوث إلى الشأم في خلافة أبي بكر وعمر.

أقسام الكتاب

1 2

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق